العدد 314 -

السنة السابعة والعشرون ربيع الأول 1434هـ – كانون الثاني / شباط 2013م

تونس بعد عامين من الثورة؟

تونس بعد عامين من الثورة؟

 ظروف عيش سيئة: بطالة، وإحباط، وغلاء في الأسعار، أحكام وقوانين جعلت الحياة ضنكى، جباية لا رعاية، حكم ظالم. هذا هو واقع تونس بعد سنتين من الانتفاضة على الظلم والاستبداد وطلب الكرامة والكفاية والعدل.

لقد سار المجلس التأسيسي الذي تصدَّر رسم مستقبل تونس على منهج بورقيبة وبن علي في استرضاء الغرب واستنساخ قوانينه، حيث صاغ دستوراً لا ينتمي لحضارة الأمة ولا يلبي تطلعاتها، دستوراً يثبت الاستعمار السياسي والثقافي والاقتصادي، دستوراً يقف حائلاً أمام عودة تونس إلى هويتها الإسلامية ويحول دون عيش الناس فيها حياة إسلامية كريمة تكون العقيدة الإسلامية فيها أساس الحياة، ويكون ميزانَ الحلال والحرام فيها مقياسُ الأعمال. مجلس تأسيسي نسي أو لم يبالِ بقول الله تعالى: ] وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) [  .

كما نحت الأحزاب التي شكلت الحكومة الإسلام جانباً، وأخذت تتصارع على كراسي السلطة واضعة الأمة ومصالحها وراء ظهرها. تجاذبات سياسية تافهة بين الحكومة والمعارضة تصرف أنظار الناس عن القضايا الرئيسية التي يجب متابعتها: أي كيف نجعل الإسلام هو أساس الدولة والمصدر الوحيد لنظام الحكم فيها؟ كيف نضع حداً للغرب وتدخلاته في شؤوننا، ومتى نضع حداً لعلاقة الاسترضاء له؟ كيف نؤمن مصالح الناس ونضمن لهم عيشاً كريماً يكفيهم الهجرة والبطالة والإحباط والشقاء الذي يعيشون؟

إلا أنه لا بد من الإشارة رغم كل ما سبق ذكره، أنه بعد سنتين من انتفاضة أهل تونس بات الجميع يلحظ صحوة إسلامية متصاعدة، فقد خرجت الجماهير العريضة بمناسبات عديدة تطالب بتطبيق الشريعة رافضة جهاراً نهاراً وبشكل غير مسبوق العقائد الكافرة من علمانية واشتراكية، ما فرض أجواء جديدة على أصحاب هذه الدعوات أدت إلى تغيير لهجة خطابهم المعادي للإسلام، فأصبحت مقدماتهم «نحن مسلمون ولسنا ضد الإسلام…».كما يلحظ المراقب أن قطار ثورة تونس لم يصل محطته الأخيرة بعد، ويفيد الحراك القائم من خلال مؤشرات كثيرة على أن الكلمة الأخيرة ستكون لتلك المنبثقة عن عقيدة الأمة وشريعتها. فأهل تونس جزء من أمة إسلامية واحدة، وهم جديرون برسم منهج الخلاص بالإسلام للأمة كما رسموا لها نهج الخلاص من ظلم الحكام وفسادهم.

نعم تعيش تونس اليوم مخاضاً عسيراً، إلا أن مبشرات الخير فيها كثيرة، وستفشل بإذن الله ومن ثم بفضل وعي الثلة المؤمنة وسعيها الصادق الدؤوب، ثم بفضل وعي الأمة العام وتوجُّهه نحو إسلام الحكم، كل مؤامرات الغرب وأعوانه، تلك المؤامرات التي تريد لتونس أن تبقى رهينة سياسات الغرب ومنتجعاً لسواحه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *