العدد 63 -

السنة السادسة، محرم 1413هـ، تموز 1992م

تنفق أربعة دولارات وتحصّل ثلاثة!

الحكومة الأميركية ستضطر إلى الاستدانة لتمويل عجز يكلف بليون دولار يومياً

واشنطن – 17/06/92 من بتسي لاون المعلوف

 ¡أصبح عجز الموازنة الأميركية أحد أكبر الهواجس التي تشغل بال الاقتصاديين وصانعي السياسة في الولايات المتحدة التي تنفق أكثر من أربعة دولارات إزاء كل ثلاثة تحصلّها.

وحذرة دراسة حكومة من أن لهذا النزيف الذي يكلف نحو بليون دولار يومياً تأثيرات طويلة المدى على النمو الاقتصادي والإنتاج.

ويتوقع المكتب الأميركي العام للحسابات مزيداً من ارتفاع أسعار الفائدة واضطرار الحكومة الأميركية إلى المنافسة على المستوى العالمي للحصول على المال لتمويل العجز ودعم الاقتصاد المتقلص بنسبة 40 في المئة، إذا لم تعتمد الحكومة خطوات جذرية لمعالجة عجز الموازنة في القريب العاجل.

وجاء في الدراسة أن الولايات المتحدة تواجه دفع ثمن اعتمادها على الرساميل الخارجية في الثمانينات، عندما استثمرت في سندات الخزينة بشكل أساسي للتعويض عن انحسار معدلات الادخار المحلي في وقت زاد العجز ليستهلك ستة دولارات من أصل كل عشرة دولارات استثمرت في الاقتصاد الأميركي.

وسجل عجز السنة الماضية الذي بلغ 268.7 بليون دولار رقماً قياسياً علماً أن عجز هذا العام سيقارب معدل 400 بليون دولار، كما ستزداد الديون الفيدرالية أواخر هذا الصيف بنحو أربعة تريليونات دولار وهو عجز مركب بسبب العجوزات التي أصابت الحكومة الأميركية خلال عقدين من الزمن.

وقال تشارلز بوير رئيس المكتب العام للحسابات أمام لجنة تابعة للكونغرس الأسبوع الماضي “هذا الاعتماد على الاستثمارات الخارجية له ثمن لسوء الحظ لأن الأرباح المستقبلية التي ستجنيها الاستثمارات ودفعات الفوائد ستذهب إلى الخارج”.
وأشار بوشير المشرف الحكومي العام، إلى أن معظم التحويلات الخارجية جف مما وضع مسؤولية تمويل العجز مباشرة على عاتق الشعب الأميركي، وترك للقطاع الخاص كميات قليلة من المال ليستثمرها.

وتتوقع دراسة المكتب العام للحسابات زيادة حجم العجز إذا لم تتم السيطرة عليه في العقدين المقبلين بسبب الفائدة المركبة على هذه الديون، كما سيطرأ تحول ديموغرافي ابتداء من العام 2010 عندما يدخل جيل عصر “ازدهار الأطفال” الذين ولدوا بعد مرور 15 عاماً على نهاية الحرب العالمية الثانية، مرحلة التقاعد مما سيجبر الحكومة على تحمل عبء ثقيل من مسؤوليات النفقات الصحية والضمان الاجتماعي.

ويرى بوشير، إن حادثاً كهذا قد يتمثل في خروج الاستثمارات الأجنبية وأن النتيجة قد تكون “تصاعد أسعار الفائدة أو التضخم أو كليهما مما سيجبرنا آخر الأمر على إجراء تعديلات موجعة”.

ويتفق الاقتصاديون بشكل عام على أن وتيرة الخروج من الركود في الولايات المتحدة ستكون أضعف من وتيرة الخروج من الركود في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية علماً أن السبب غالباً هو عجز الموازنة الأكبر والمعدلات العالية من الديون المترتبة على الحكومة المركزية والحكومات المحلية وعلى المستهلكين.

وجعل هذا السبب موضوع عجز الموازنة من المواضيع الملحة في جدول أعمال الإدارة الأميركية خلال حملة الانتخابات الرئاسية، كما يدعو الرئيس جورج بوش وأعضاء الحزب الجمهوري بشكل عام إلى تعديل الدستور القاضي بأن تكون للحكومة موازنة متوازية.

ويقدر مكتب الموازنة التابع للكونغرس أن يتطلب تحقيق هذا الهدف بحلول العام 1997 تخفيض العجز بواقع 600 بليون دولار الأمر الذي سيكون له تأثير كبير في أوجه الإنفاق الحكومي بدءاً بقطاع الخدمات الاجتماعية وبرامج المساعدات الخارجية والدفاع وبرامج التسلح الفضائي والإسكان والنقل والتربية وتطبيقات القوانين.

وقال ليون بانيتا رئيس لجنة الموازنة في الكونغرس “المعارض الرئيسي للاقتراحات الداعية إلى تعديل الموازنة” هذه التعديلات الدستورية لن تسهل هذه الخيارات.

وأضاف بانيتا عضو مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا “الموضوع هنا ليس الدستور بل مسألة القيادة التي يتعين عليها مواجهة الخيارات الصعبة التي تتطلبها الموازنة المتوازنة” ولا يعتقد بانيتا أن هذه القيادة موجودة الآن في البيت الأبيض.

وحمّل السياسيون الديمقراطيون إدارة الرئيس بوش مسوؤلية الإخفاق في تقديم موازنة متوازنة إلى الكونغرس علماً أن الموازنة الأخيرة التي قدمها الرئيس بوش في كانون الثاني (يناير) أظهرت عجزاً مقداره 180 بليون دولار أو أكثر من ذلك للسنوات الخمس المقبلة.

ورأى مسؤولو الإدارة من جانبهم أن الكونغرس أخفق في التحقق من زيادة المطلوبات القانونية التي تشكل ثلثي الموازنة الفيدرالية التشغيلية التي تزداد معدلاتها بسرعة.

وشدد الرئيس بوش الأسبوع الماضي على طلبه الخاص بالتعديلات المتوقع أن يصوت الكونغرس عليها في جلسة قد تكون مغلقة.

وحتى لو تمت الموافقة على هذه التعديلات فإنها لن تقدم حلاً سريعاً للمشاكل، لأن إقرارها يحتاج إلى المرور عبر اقنية معقدة وربما تغييرات تتطلب موافقة معظم الولايات الأميركية عليها£

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *