العدد 91 -

السنة الثامنة جمادى الاخرة 1415هـ, تشرين الثاني 1994م

«سبعون»

ماهر أبو ثامر – مونتريال/ كندا

الأرضُ ثكْلى لا ضياء ولا حَنينُ… والناسُ في سَكَراتهمْ زُمَرٌ عِزِينْ
.

وسفينةُ الأَّيامِ تائهةٌ بأَشْرعةٍ نَسيجِ العنكبوتِ بلا عُيونْ
.

والموجُ يعلو صاخباً مُتَلاطماً في غضبةٍ، لُجَجاً يُفجّرُها الأنينْ
.

ظلُماتُ دَيْجورٍ تُبعْثَرُ في الدروبِ وفي الفضاءِ، يَلُفُّها شَبَحُ السُّكونْ
.

فالبدرُ منطفئُ وشمي الكوْنِ شاحبةٌ وكلُّ نجومِهِ لا تَسْتبينْ
.

والأُفْقُ منطبقٌ على كل الأنامِ عباءةً سوداء في صَمْتٍ، دَفينْ
.

والفجرُ ماسورٌ وراء البحرِ، تحتَ الأرضِ في سجنٍ مَكينْ
.

قد كَبّلتْهُ هنالكَ الأشياعُ من حزبِ الطواغيتِ الخبيئةٍ في الحصونْ
.

يا أيّها الليل الطويل ألا انجلي، لِبَيانَ صُبْحُ الكونِ في دَفَقٍ حَنونْ
.

¯ ¯ ¯

سبعونَ عاماً قد مضتْ في حُلْكةٍ سوداء، باكيةً بألحانِ الشُّجونْ
.

أيّامُها عَرْجاءُ تلهثُ في تأَنٍ، عُمْرُها قد فاقَ تعدادَ القرونْ
.

مُذ هُدِّمُ الصرخُ الكريمُ ومُزِّقتْ قطعُ الخلافةِ في مؤامرةِ السنينْ
.

أتَاتورْكَ، يا أصلَ الخيانة في الورى نَتْناً، مضيتَ لقبركَ العَتِمِ اللعينْ
.

لا بوركَ الاسمُ الذليل وذكرهُ، وعليكَ لعنةُ كلِّ مَنْ حُرِمَ اليقينْ
.

(وحميدُ) عزٍ قد مضى لا ينثني إلا لرب في سُجودِ الزاهدينْ
.

يا أيّها الصوفيُّ في حبِّ الإلهِ، وفارسَ الميدانِ تحرسُ ذا العرينْ
.

كلماتُكَ النوريةُ الزهراءُ تبقى شُعْلةً، أبكيكَ يا جَدّي الحزينْ
.

قلتَ: (البلادُ بلادُ أجدادي فلا تتطّلعوا، الموتُ قَبْلَ مبيعها للساقطينْ)
.

فتشاوروا وتواثقوا واستجمعوا عَفِنَ الرجالِ وحَفْنَةَ المتآمرينْ
.

غَدَرُوا بِأمِّ لم تزلْ مَكْفِيَّةً ظِئْراً تُرضّعُ وُلْدَها لا تستكينْ
.

هَوَتِ الخلافةُ يا فجيعةَ أُمّتي، يا حُزْنَ أسلافي وخَطْبَ المؤمنين!
.

¯ ¯ ¯

سبعونَ عاماً والعزاءُ بأرضنا مستوطنٌ، والدار تَبْكي والسِّنونْ
.

والطفلُ يولد شاحباً متحرّقاً، والشيخُ يَمضي ذاهلاً في الراحلينْ
.

سبعون عاماً والجراحُ جِراحُ،ا نَزْفٌ غَزيرٌ لا يجفُّ ولا يهونْ
.

والخَطْبُ يَعْظُمُ والبلاد تباعدتْ، والقدسُ بيعةْ في مزادِ الخائنينْ
.

والقبضةُ الغربيةُ النكراءُ تُحْكِمُ أمرَها فوْقَ العبادِ الصّاغرينْ
.

والحِكمةُ الروحيّة العَلياءُ تَنْدُبُ حَظَّها في جَمْعِها الوَهِنِ المَهينْ
.

¯ ¯ ¯

يا نوحُ قد عادَ الفجورُ، ولم يزلْ في الأرض جَمْعُ أراذِلِ المتكبرينْ
.

وتأسستْ في الغرب مملكةُ الجبابرةِ العتيدةِ، يَقْتُلونَ وينهبونْ
.

فيهمْ مُسَيْلمة الجبانُ وزُمْرةٌ خَوّانةٌ، جاءوا بنهجٍ يَخْدعونْ
.

قد دارتِ الأيامُ فانتصبتْ «بمجلس رعبهم» عُزّى لها يَتَعَبّدونْ
.

عُزّىَ الجديدةُ لم تعد حَجَريّةٌ، ونقوشُها ليستْ صنيعَ النّاحتينْ
.

عُزّى دِمُقراطيةُ الألوانِ، يَنْظِمُ سَجْعَها دجّالُ غَيٍّ ذو جُنونْ
.

سجدتْ لها كلُّ العقول مُطيعةُ إلاّ عقولَ المؤمنينَ المدرِكينْ
.

نَصَبوا لها تمثالَها، غَنَّوْا لها أشعارَها، في حبّها يتناظرونْ
.

واستقدموا الكُهّانَ من كلِّ البقاعِ، لمعبدٍ رفعوهُ فوْقَ العالمينْ
.

ظنّوا بأنَّ الدهرَ مملكةٌ لهمْ، وبأنّنا نبقى عبيداً خاضعينْ
.

وبأنّ نورَ قلوبِنا يُمْحى بزنزاناتهمْ، ورجالُنا لا يثأرونْ
.

وبأنَّ مصباحَ النبوّةِ قد خبا، وكتائبَ التوحيد ماتتْ منذُ حينْ
.

وخلافة الصدّيقِ من وحْيِ الخيالِ، وصيْحةَ الفاروقِ وَهْمَ الأولينْ
.

يا مَنْ نَسيتمْ مجدَنا، إنّا رجالٌ نصنعُ التاريخَ في هذه السجونْ
.

روميِّة الطُّلْيان لا زالتْ تُراقِبُ موكبَ الفتحِ الموحِّدِ مُذْ قُرونْ
.

والنهرُ يجري صامتاً في شوقهِ للقاء عزٍ، وانتصارِ الصابرينْ
.

ومشاعلُ الإيمانِ لا زالتْ يُضاءُ بها الأثيرُ، ونورُها وضحٌ مبينْ
.

¯ ¯ ¯

لا تفرحوا بالقصرِ إنّ جحافلَ الإنثقاذِ آتيةٌ بأسطولٍ متينْ
.

والأُسْدُ فيها زمجرتْ لتقيمَ صَرْحَ الحقِّ بعدَ هزائمِ المُستَغرِبينْ
.

والصّارخونَ بوجهِ فِرعوْنَ اللئيم تأهبوا ليحطّموا عرشَ المُجونْ
.

المشعلِونْ الأرضَ بركاناً يزيزلُ رُكْنَ هاتيك المعاقلِ والحُصونْ
.

والخارجونَ على «كُروشِ النِّفْط» قد هبّوا لتُبْقرَ ذي البطونْ
.

صيحاتُهمْ ستثيرُ إعصاراً بأوديةِ الحِجازِ يَهزّ ركنَ النائمينْ
.

والباصقونَ على وجوهِ الساقطينَ، وَمَنْ رَضُوا بولاةِ أمْرٍ فاسقينْ
.

التائبون السائحون الرافضون لشرعِ قَيْصَرَ كُلِّهِ، «المتطرّفونْ»
.

هو خندقُ التوحيد يجمع أهْلَهُ في الحقِ لا يتردّدونْ
.

 هي ثورةُ التحرير هاتفةٌ تجلجلُ في الدُّهور بخيْلها والثائرينْ
.

¯ ¯ ¯

كلُّ الأحبّةِ كبّروا في وَقفةِ الحقِّ الصريحةِ في وجوهِ الظالمينْ
.

لخلافةِ الإسلام يُشْرقُ نورُ÷ا فجْراً وَضيئاً في انبعاثِ المُخلصينْ
.

 اللهُ أكبرُ، يا بلادُ تزيّني، فاليومَ عُرسُك، زغردي والمُنشدينْ
.

اللهُ أكبرُ، يا جموعَ أحبتي، بَزّغَ الضياءُ فردِّدوا مستبشرينْ
.

 اللهُ أكبرُ، بيعةٌ لخليفةٍ. يا روْعةَ اليومِ العظيمِ، وفرحةً للعاملينْ
.

هذا بيانٌ للورى فاستبشِروا: نَصْبُ الإمامِ علي بلادِ المسلمينْ
.

 هي رحمةٌ للناس تُنْشَرُ بينهمْ، لا ظلمَ لا عدوانَ، بل حقٌّ ودينْ
.

يا ربَّنا وإلاهنا، هو موعدٌ نَصْبو له، جُدْ يا كريمَ الأكرمينْ
.

 وبحّقّ اسمٍ، أعظمِ الأسماءِ، إلْحاحاً عليكَ، فلا تردَّ السائلينْ
.

واقبلْ دعاء يا قريبُ ولّبِّهِ، فالعهدُ منك بآيك الثَبْتِ الرّصينْ
.

 والحمدُ كلُّ الحمد إقراراً بها، نرضى قضاءك يا عظيم الحاكمينْ
.

والقصدُ كلُّ القصدِ رضوانٌ، وجعلُ شريعةِ القرآنِ نورَ المُبصرينْ
.

سبعونَ في سبعينَ تمّتْ وانقضتْ. فاجعلْ تمامَ العَدّ نَصْرَ الثابتينْ ¨
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *