العدد 91 -

السنة الثامنة جمادى الاخرة 1415هـ, تشرين الثاني 1994م

أبو مازن نسي التاريخ فذكّره شفيق الحوت

بمناسبة مرور عام على توقيع اتفاق (أوسلو) المشؤوم، قامت جريدة الحياة بإجراء مقابلة مع محمد عباس (أبو مازن) ووجهت له هذا السؤال:

هل صحيح ما يقال أنها المرة الأولى التي سيقام فيها حكم فلسطيني وإن الفلسطينيين لم يحكموا أنفسهم في التاريخ؟

أجاب أبو مازن إجابة طويلة كان أولها: «هذا صحيح» وكان آخرها: «إذن تستطيع أن تقول إن الفلسطينيين لم يحكموا أنفسهم في التاريخ حتى اليوم».

قام شفيق الحوت بالرد على أبي مازن بالقول التالي:

«ليس مستغرباً أن يقول صهيوني هذا، أما أن يقوله فلسطيني فشأن آخر. لا يا أبا مازن، ليس قولاً دقيقاً على الإطلاق أن الفلسطينيين لم يحكموا أنفسهم في التاريخ، ذلك أن تاريخ الفلسطينيين كان أهم بكثير من حكم محلي، فهم كانوا دعامة بارزة في تاريخ العرب والمسلمين، وهم كانوا جزءاً من أمة عربية إسلامية، هي التي حكمت وسادت، وهي التي كانت حضارتها لا تنقطع، قد تخبو ولكنها لا تنقطع.

إن ما يراه الصهاينة (اليهود) وأبو مازن عيباً في تاريخ الشعب الفلسطيني، هو ما يراه هذا الشعب إكليل غار، وهو أنه كان عبر التاريخ جزءاً من أمة كبيرة، كبيرة بحضارتها ورجالاتها. ولو كان أبو مازن مُحقاً في تجاهله لأمجاد أهل فلسطين وهم الذي أُسْرِيَ بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى قدسهم، وهم الذين إلى بلادهم مشت الصحابة وشدّ الرحال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهم الذين كان منهم الإمام الشافعي، ومنهم القاضي الفاضل، ولو كان محقاً في تجاهله هذا لكان عليه التوصل إلى أنه ما من حكم مشرف في أية بقعة عربية، لا في مصر ولا سورية ولا في العراق، ولا في غيرها من ديار الشام، وذلك لأن التاريخ كان تاريخ أمة واحدة حتى كان ما كان من أمر (سايكس – بيكو).

إن التركيز الاستعماري والصهيوني على العهد العثماني بشكل خاص يهدف إلى جعل هذا العهد فاصلاً قاطعاً على عقم الحكم الفلسطيني، وليس لدينا إلا أن نذكر بأن العهد العثماني لا يختلف كثيراً عن العهود التي سبقته في حكم المنطقة، إذ استمرت الحضارة عربية إسلامية، ولهذا وجد الأجداد في الانتماء إلى الدولة العثمانية مصدر عز ومجد، ألم تكن الدولة العثمانية يومذاك هي الدولة التي تحكم الدنيا مشرقاً ومغرباً، وتحكم دياراً في ثلاث قارات؟…»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *