العدد 122 -

السنة الحادية عشرة – ربيع الأول 1418 – تموز 1997م

كلمة أخيرة ثـورة «الجـيـاع» فـي لبـنان

كلمة  أخيرة

ثـورة «الجـيـاع» فـي لبـنان

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «الإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته». وقال صلى الله عليه وسلم: «من تركَ كلاًّ فإلينا، ومن ترك مالاً فلورثته» وقال: «فأيما مؤمن مات وترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دَيْناً أو ضياعاً (أي عِيالاً) فليأتني فأنا مولاه». وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى» وقال صلى الله عليه وسلم: «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ» وقال صلى الله عليه وسلم: «من ضارَّ أضرَّ الله به، ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه».

في لبنان وفي غير لبنان من البلاد الإسلامية أنظمة فاسدة وحكام أكثر فساداً من الأنظمة. في لبنان أهل الحكم لا يرعون شؤون الرعية بل ينفذون سياسات دولية وإقليمية تُرْسَم لهم، بالإضافة إلى منافعهم الشخصية ومنافع ذويهم. وإذا لم يكن في الخزينة مال فإنهم يقترضون ويفرضون الضرائب الباهظة على الشعب. وغالباً ما يعفى الأغنياء من الضرائب بحجة تشجيع الاستثمارات في البلد.

الديون التي تراكمت على لبنان والتي بلغت حوالي 15 مليار دولار في بضع سنين، هذه يسرق المسؤولون جزءاً منها، وينفذون بقسم آخر مشروعات لتتميم الصيغة الشرق أوسطية التي تخدم في استيعاب إسرائيل والمصالح الأميركية والأوروبية. وبذلك صارت أولويات الإنفاق والرعاية للمصالح الأجنبية وليست لمصالح الشعب.

وصارت الحكومة تتفنن في أساليب فرض الضرائب، حتى صارت حكومة جباية لا حكومة رعاية.

الضرائب هو المكوس، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجـنَّـةَ صاحب مَكْس». فلا يجوز للحاكم أن يأخذ من الرعية رسوم محاكم، ولا رسوماً على رخص البناء، أو رخص المتاجر أو الاستيراد أو التصدير، ولا رسوماً على تسجيل العقارات أو نقل الملكيات، ولا رسوم ميكانيك السيارات، ولا ضرائب على الأملاك ولا ضرائب دخل ولا أي نوع من أنواع الجمارك. ويجب على الحاكم أن يؤمن التطبيب والتعليم المجاني للرعية. وهذا هو حكم الشرع الإسلامي المأخوذ من النصوص.

وإذا قال قائل: فمن أين للدولة المال إذاً؟ والجواب: إذا كان عند الدولة موارد مثل البترول أو مناجم المعادن فبها، وإلاّ فإن الدولة تفرض ضرائب على الأغنياء فقط بالقدر الذي يسد الحاجة.

ونحن افتتحنا هذه الكلمة بمجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة التي تعطي صورة الراعي الصالح في ظل الشريعة الإسلامية. فأي مكان يوجد فيه امرؤ جائع تبرأ ذمة الله من أهله، فكيف إذا أصبحت أكثرية الناس جائعة‍! ومن المسؤول عن ذلك؟ إنه الإمام الراعي، ولكن عندنا صار حاميها (…). إن الحكام عندنا لا يهتمون إذا قيل لهم: من ضارّ أضر الله به، ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه. ولا يهتمون إذا برئت منهم ذمة الله تعالى، فصار من واجب الجائع والمظلوم والمحروم أن يتحرك ويثور ليطيح بهؤلاء الحكام وهذه الأنظمة. ويقيم نظاماً إسلامياً شرعياً فيه الرعاية والرحمة وتأمين الحقوق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *