العدد 79 -

العدد 79 – السنة السابعة، جمادى الأولى 1414هـ، الموافق تشرين الثاني 1993م

رسالة العودة والحوالي إلى ابن باز

فيما يلي الرسالة التي وجهها صاحبا الفضيلة الشيخان فهد بن سليمان العودة وسفر بن عبد الرحمن الحوالي إلى الشيخ ابن باز.

  بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب السماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء. حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بناء على طلب سماحتكم أن نكتب لكم ما جرى بيننا وبين وزارة الداخلية حول موضوع إيقافنا عن الدروس والمحاضرات وفصلنا عن العمل نضع بين يدي سماحتكم بإيجاز ما يلي:

1- دعينا مساء الأحد الموافق 10/04/1414هـ للقاء مع وزير الداخلية وذهبنا إلى جدة فوجدنا أن اللقاء هو مع وكيل الوزارة الأستاذ محمد الدريبي ومعه مدير عام المباحث وبحضور مندوبين من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية هما فضيلة الدكتور اللاحم وفضيلة الدكتور إبراهيم أبو عباة.

2- افتتح الجلسة وكيل الوزارة بقراءة خطابكم إلى وزير الداخلية المتضمن أن هيئة كبار العلماء درست الموضوع المحال إليها بشأننا ورأت إحالته إلى لجنة يكون فيها مندوبان عن الشؤون الإسلامية، ثم شرع في قراءة أوراق كثيرة تحتوي على عشرات الفقرات دون أن يسمح بأي مناقشة لها ولا أن يعطي مندوبي وزارة الشؤون الإسلامية أي مجال للمشاركة أو للتأكد من وجود هذه الأخطاء من عدمه، وقال بكل توكيد وإصرار إن مهمتي هي القراءة فحسب، ومهمة المندوبين من الشؤون الإسلامية هي الشهادة فحسب.

3- هذه النقاط التي سموها تجاوزات تنقسم إلى أربعة أقسام:

أ) أشياء مختلقة لا حقيقة لها ودعاوى عارية من الوثيقة والدليل وهي كثيرة.

ب) أشياء ثابتة عنا ولكنها حق لا يجادل فيه أحد، وذلك مثل:

ـ القول بأن السياسة جزء من الدين.

ـ القول بأن ما أصاب أميركا هو بسبب بعدهم عن الله.

ـ بيان خطر (الدش) وأضراره.

ـ القول بحرمة المساهمة في البنوك الربوية.

ـ نقد بعض برامج التلفزيون.

ـ القول بأن العالم الإسلامي يتعرض لهجمة صليبية.

ـ القول بوجوب الجهاد ضد اليهود.

ـ حث بعض الشباب أن يذهبوا للدعوة في ألبانيا وغيرها.

ـ دعوة الناس لإخراج الزكاة والإنفاق في وجوه الخير.

ـ الحديث عن القومية العربية.

وعلى هذا المنط أشياء كثيرة هي حق لا شط فيه ولا يتبرأ منه مسلم فضلاً عن داعية أو طالب علم، فهي جزء من ميثاق الكتاب الذي أخذه الله على من أوتوه.

وعيرني الواشون أني أحبها

                 وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

ج) مسائل وهمية ألصقت بكلامنا من فعل بعض مرضى القلوب أو المخالفين الذين لا بضاعة لديهم إلا التقول على النيات والإحالة على ما لا يطلع عليه إلا خالق الأرض والسموات مثل (يقصد كذا) و(ويريد كذا) و(يشير إلى كذا) فهم يسقطون على كلامنا مفاهيم غربية مدهشة ومضحكة في الوقت نفسه، ويحمّلون الكلام ما لا يحتمل. ومن ذلك مثلاً أن الكتاب الذي قرضتموه وقرأتموه (العزلة والخلطة) حظي بنصيب الأسد من هذه التجاوزات والملاحظات واعتبر كاتب التقرير أن الكلام عن (العزلة) هو دعوة إلى (عزل الحاكم)!! وإلى الخروج عليه وإقامة دولة الخلافة في (أرض الحرمين) وأمطر كاتب التقرير الجامعة الإسلامية وجامعة الإمام ورسائلهما العملية بسيل من التهم لا ينقطع دون أدنى إشارة للنفع العظيم لهاتين الجامعتين اللتين تشرفت إحداهما برئاسة سماحتكم لها ولا يخفى عليكم ولا على أي منصف ما أجرى الله بهما من نشر للعقيدة الصحيحة والعلم النافع.

د) وهناك مسائل عديدة هي مجال للمناقشة والتأمل والنظر وهي قابلة للأخذ والرد.

4- وبعد ذلك قرأ علينا الوكيل (إقراراً وتعهداً) يتضمن ما يلي:

أ- (الاعتذار عن جميع التجاوزات السابقة).

ب- (التعهد بعدم تكرارها).

ج- (عدم الإجابة عن أي سؤال مهما كان وإحالة ذلك للجهات المختصة).

د- (عدم التعرض لأي أمر له علاقة بالدولة سواء في سياستها الداخلية أو الخارجية أو الاقتصادية أو الإعلامية أو غيرها).

و- (التعهد بعدم الاتصال بالخارج لا بالهاتف ولا بالفاكس ولا بأي إنسان له نشاط(!!) …الخ.

ـ وقال لا بد من التوقيع بدون أي نقاش لكن إما أن توقعوا على أنكم ملتزمون بذلك أو توقعوا على أنكم غير ملتزمين ولا خيار غير ذلك ولا تحفظ ولا مفاهمة مطلقاً. وبعد نقاش طويل أبدينا فيه تحفظاتنا على هذا الإقرار وما فيه اعتذرنا عن التوقيع مطلقاً، ثم تبع ذلك تبليغ مؤكد من قبل الإمارة والشؤون الإسلامية والجامعة بأن الأمر السامي صدر بمنعنا من الدروس والمحاضرات والخطب وإمام المساجد والندوات والتسجيلات والنشرات والكتب، وأمر آخر بفصلنا عن العمل في الجامعة.

5- وكما يعلم سماحتكم نحن من قبل تحت طائلة مجموعة من الأذايا والمضايقات لا مبرر لإلحاقها بنا فكيف يحدث ذلك من دون أي مناقشة؟؟، ونحن إذ نعرض لسماحتكم ما جرى نسأل الله أن يختار لنا ما فيه الخير وأن يهدينا لأرشد أمرنا، ونعلم أن دعوة الله ماضية، وأن دين الله منصور (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) إلا أننا نعلم ـ كما تعلمون ـ ما يترتب على هذا الإيقاف من الفتن والبلبلة والتشويش لدى الخاصة والعامة في الداخل والخارج ولا سيما حين يأتي متزامناً مع توقيع ما يسمى السلام مع اليهود وبدون أي سبب ظاهر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *