العدد 80 -

العدد 80- السنة السابعة، جمادى الآخرة 1414هـ، الموافق كانون الأول 1993م

أَلقُوا السلاح

الشاعر: يوسف إبراهيم 8 ربيع الأول 1414هـ 14/09/1993م

لقد عاد إلى الوطن الأسير من معركة الحوار الذي أخرجته أميركا على مسارح هوليود، ونادى حَمَلَةَ البنادقِ وأطفالَ الحجارة أن ألقُوا السلاح.

ألقُوا السلاح فقد مضى عَصْرُ السلاحِ وحُطِّمَتْ بِيضُ الصوارمِ والرمِّاحْ
.

وكبَا جوادُ الفتحِ من قَبْلِ القتالِ، وفارسُ الميْدانِ تُثْخِنُهُ الجِراحْ
.

وعلى حِرابِ الغاصبين تَمَزَّقَ الوطنُ السليبُ المُسْتباحْ
.

فُقِئَتْ عيونُ المجدِ في وطني، فشمسُ نهارِهِ عمياءُ، سَوْداءُ الوِشاحْ
.

والأُفْقُ أغبرُ والقَتامُ يَلُفُّ تحتَ رِدائهِ وَجْهَ الصَّباحْ
.

ومآذِنُ الأقصى بها خَفَتَ الأذانُ، فما تُرَجّعُهُ الهِضابُ أو البِطاحْ
.

وعرائِسُ الزيتونِ ماتَ الطَّلْعُ في أكمامها، كالعَصْفِ تذروهُ الرياحْ
.

والطيرُ بينَ الروْضِ أبكَمُ، ليس يُسْعِدُهُ الغِناءُ أو النُّواحْ
.

í í í

ألقُوا السلاحَ، فبائع الأوطانِ في كفّيْهِ يرتعِدُ السِلاحْ
.

ويَعُبُّ كأسَ الغَدْرِ في حاناتِ إسرائيلَ، مَخمورَ الجَنانِ بلا جُناحْ
.

ويسيرُ خَلْفَ رِكابِ مَنْ قادوهُ مغلولاً خَفيضَ الرأسِ مَقْبورَ الجِماحْ
.

يا قائدَ التحريرِ والتحريرُ يبرأث من خُنوعِك، والكِفاحْ
.

أصْبحتَ جَدْياً في قطيعِ الذُّلِّ حينَ أرادكَ الثوارُ كبشاً للنِّطاحْ
.

وغَدوْتَ عَيْراً للركوب، وظَنَّكَ الفرسانُ مُهْراً للجهادِ بكلِّ ساحْ
.

ولبستَ ثوب أبي رِقالٍ إذ زعمتَ بأنكَ الملكُ المظفّرُ أو صَلاحْ
.

وبأنكَ النِّسْرُ المحلِلّقُ، فارتميتَ إلى رِمالِ السَّفْحِ مَقْصوفَ الجَناحْ
.

í í í

يا غارقاً في لُجَّةِ الأَحلامِ كَمْ للبحرِ من عَصْفٍ مُبيدٍ واجتياحْ
.

والدربُ في صحراءِ أميركا يَضِلُّ بها السُّراةُ، فما لغادٍ من مَراحْ
.

تَجري وراءَ سَرابِهِمْ ظَمِئناً ولا رَشْفٌ يَبُلُّ صَداكَ من ماءٍ قَراحْ
.

وكلاعبِ النَّرْدِ المُقامِرِ وهْو لا يدري الخسارَ أو النجاحْ
.

أو كالمُكِبِّ على طُقوسِ السِّحر خَلْفَ مَدارجِ الشيطانِ، أو ضَرْبِ القِداحْ
.

تَقْفوا خُطا الساداتِ نحوَ المَهرجانِ بفرحِة اللُّقْيا لِعُرسٍ من سِفاحْ
.

ضَجّتْ به الأنغامُ صاخبةَ الرَّنينِ على لُحونِ الجاز أو رقص السّماحْ
.

وهَوَتْ شِعاراتُ البطولةِ فهي أقنِعةٌ من التمثيل خادِعةٌ تُزاحْ
.

وأمامَ رابينَ انطوتْ تلكَ الصحائفُ من دمِ الشهداءِ مُرْخَصَةً تُباحْ
.      

وتَصافَحَ الكفّانِ، والأشواقُ في الأعماقِ ناطقةٌ بأَلْسنةٍ فِصاحْ
.

وعرائسُ الأفراحِ من صِهْيَوْنَ في هُولْيودَ راقصةٌ مُغَرّدةٌ لياليها المِلاحْ
.        

وخَلَعْتَ جِلبابَ الفضيلةِِ في زِفافِ العُهْرِ حين بَرزْتَ بالوجهِ الوَقاحْ
.

ستعودُ للوطنِ الذبيحِ تُحُفُّكَ اللعَناتُ منبوذاً حقيراً في المساء وفي الصباحْ
.

وتُقيمُ عبداً صاغِراً من حوْلِكَ الغِربانُ عاليةُ الصِّياحْ
.

í í í

كُرْسِيُّكَ المصنوعُ من خَزَفٍ وعَرْشُ الهوُنِ والتَاجُ الوَضيعُ المُستَعارْ
.

رمزُ النفاقِ، وحُلَّةٌ تكْسوكَ بالذلِّ المُجَلِّلِ والشَّنارْ
.

وعليكَ أوسمةُ الخيانةِ والهزيمةِ، صاغَها صِهْيوْنُ من خِزْيٍ وعارْ
.

وجنودُ إسرائيلَ تَحمِي رَكْبكَ الملكيَّ في أرضِ البطولةِ حيثُ سارْ
.

فاجلسْ على العرشِ الذي شادوه من أجْداثِ أطفالٍ صِغارْ
.

وارشُفْ دَمَ القتلى وأنتَ تبادلُ الأنخابَ سادَتََكَ الكِبارْ
.

وامزِجْهُ بالخمرِ التي سُكِبَتْ معربدةً بأقداحِ تُدارْ
.

يَسقيكَ رابينُ الكُؤوسَ، وأنتَ في سُكْرٍ على أوراقِ مائدةِ القِمارْ
.

وكأنّكَ البطلُ الذي قادَ الجيوشَ وعادَ من فتْحٍ كبيرٍ وانتصارْ
.

سِرْ في رُباها والسهولِ الخُضْرِ في خَجلٍ وذُلٍّ وانْكسارْ
.

وكأنكَ اللصُّ الذي قد قارفَ الإجرامَ في وَضَحِ النّهارِ
.

أو أنكَ الجاسوسُ يُبصِرُ كيف يمرحُ في البلادِ الغاصبونَ ولا يَغارْ
.

طُفْ عارياً في القدسِ، إلاّ من شِعار الزيفِ، منبوذاً فقد كُشِفَ الستارْ
.

وبَدتْ وجوهُ الخائنينَ بِسِحْنَةٍ سوداءَ شائِهةِ المَلامِحِ ليس يِسْترُها شِعارْ
.

والكاذبونَ حبالهُمْ في جَوْلةِ التضليلِ والتدجيلِ باليةٌ قِصارْ
.

í í í

يا بائع الأوطانِ بالثمنِ الحقيرِ، وصفقةُ الأوطانِ عُقباها الخَسارُ أو البَوارْ
.

والقِبلةُ الأولى ونارُ الطورِ ما زالت قِبابُ القدسِ موقَدَةً بشُعْلتها تُنارْ
.

وعبيرُ أجنحةِ البُراقِ وزيتُها الوهَاجُ في المصباحِ ذَوْبٌ من نُضارْ
.

وغُبارُ خيلِ الفتحِ ما زالت به الآفاقُ عابقةً يُعَطِّرُها الغُبارْ
.

í í í

يا حارس الأعداء كالعبدِ الأجيرِ، وثَوْبُهُ والبرُْدُ يزهو والإزارْ
.

أكفانُ يأسٍ، في عيون الناس، قَتّالِ، وذُلٍّ واحتقارْ
.

وسريرُ غرفةِ نومهِ وفراشُهُ وغطاؤهُ تابوتُ موتٍ وانتحارْ
.

وطَعامهُ الزَّقّومُ طَلْعُ خَبيثةٍ لُعِنَت، فما لجذورها فوقَ البسيطة من قَرارْ
.

وشرابُهُ ماءُ الحَميم، بكأسِهِ غُصَصٌ تُجرِّعُهُ المذلَّةَ والمهانة والصَّغارْ
.

والقصرُ مضطرِبُ الأساسِ مُصَدَّعُ الأركانِ واهي السقفِ مُنْهارُ الجدارْ
.

فاقْبَعْ به كالثعلبِ المضروبِ خارجَ جُحْرِهِ والكَهْفِ سوراً من حِصارْ
.

واحملْ سِلاحَ المعتدينَ وحاربِ الأوطانَ والسكانَ كالوحشِ المعربدِ في الديارْ
.

واضربْ يَدَ الطفلِ الذي حَمَلَ الحجارةَ غاضباً في وجهِ جلاّديهِ منتقماً وثارْ
.

í í í

يا من سلكتَ إلى الخيانةِ مَسْلَكَ الساداتِ لا تأمنْ لمسلكِهِ العِثارْ
.

إنّ الطريقَ مهامِهٌ وقِفارُ مَهْلَكَةٍ بِعادُ الغَوْرِ تتلوها قِفارْ
.

أو مُزْيِدٌ يهتاجُ والمَلاّحُ من تيهٍ على أمواج لُجّتِهِ يَحارْ
.

كمْ زورقٍ للخائنين تَحطّمتْ ألواحُهُ وهَوى به الرُّبانُ في عَرْضِ البِحارْ
.

يا من حملتَ النارَ في كَفّيْكَ، إن التُّرْبَ في هذي البلادِ اليومَ من جَمْرٍ ونارْ
.

فاخذَرْ مِنَ اللهبِ الذي يطغنى، فحين يثورُ كالبركانِ لا يُجدي الحِذارْ
.

í í í

يا لاهثين وراءَ أميكرا وكُلُّ مُسابقٍِ يرجو بساحتِها الجِوارْ
.

ويزورُ تمثالاً من الحرية النكراء، مَلعونَ المُحَيّا والمَزارْ
.

حُريّةٌ ألْقتْ عن الوجهِ القناعَ كعاهرٍشمْطاءَ مَزّقَتِ الخِمارْ
.

يتسابقون إلى قرارِ الزُّورِ تُصْدِرُهُ، وكلُّ منافقٍ في الصدر يَحتضِنُ القَرارْ
.

قَطفوا ثِمارَ الذلِّ، عادوا في الحقائب يَحْملونَ المُرَّ والعَفِنَ الخَسيسَ من الثِمارْ
.

وكأنّ فَوْقَ رؤوسهم تيجانَ نَصْرٍ زانَها في الحَربِ نَسرينٌ وغارْ
.

تلكَ الرؤوسُ العامراتُ بكل تفكيرٍ وإبداعٍ غريبٍ وابتكار
.

حَملتْ من الأحلامِ والأوهامِ والتقليدِ والنهجِ الغَ,يِّ المُستَعارْ
.

مرضى بها شَلَلٌ، من التخدير مُثْقَلةٌ، ومن سُكْرٍ يرنّحها دُوارْ
.

هُمْ عَثْرةُ الأوطانِ، والشرُّ المحيطُ المستطيرُ، وداؤها الخَطِرُ المقيمُ بكلّ دارْ
.

.

í í í

يا أمّةً يجتاحها ليلٌ من الخَطْبِ المعربدِ حالكُ الظُلُماتِ ليسَ له انْحِسارْ
.

وتسيرُ في صَخَبِ العواصفِ بين خَطْوٍ عاثرٍ واهي العزيمةِ وانحدارْ
.

جاستْ مغانِيَها الذئابُ فلمْ تَثُرْ غضبى مزمجرةً، ولَمْ تَنهضْ لِثارْ
.

هذي الحياةُ نَمُدُّها بالنورِ نَهديها، ومن منهاجِنا الأعلى لنا أبداً مَنارْ
.

ونُحطّمُ الأصنامَ، ما زالتْ لنا فأسُ الخليلِ وعَزْمُهُ عنوانَ بأسٍ واقتدارْ
.

لا ترهبوا سلطانَ أميركا وزوبعةً على الإسلامِ عاتيةً تُثارْ
.

لا ترهبوا في الحرب يومَ الزحفِ أسلحةَ الدمارِ، ومن كبائِرها الهزيمةُ والفِرارْ
.

وكتابُنا العُلْوِيُّ علَّمَنا بأنّ اليأسَ والخُذلانَ والإذعانَ أسلحةُ الدَّمارْ
.

لا ترهبوا صِهْيَوْنَ، فالزبَدُ الغُثاءُ وصانعوهُ وعاشِقُوهُ الخاضعون إلى تَبارْ
.

واسترجِعوا خيلَ الجهادِ، فأمةُ الإسلامِ في تَوْقٍ لساحات البطولةِ وانتظارْ
.

والصبرُ عُدتُنا وليس على القيود لنا أو الضيم اصطبارْ
.

ما زال في يُمنى أبي بكرٍ لِواءُ النصرِ خَفّاقاً وفي يُمنى عَليٍّ ذو الفقارْ
.

وخلافةُ الإسلامِ حِصْنٌ يَستظل المسلمونَ به وتاجٌ من فَخارْ
.

والصَّحوَةُ الكُبْرى شِعارُ الثائرين على قيود الذلِّ، بورِكَ من شِعارْ
.

والكوْنُ مملكةُ الهُداةِ المؤمنين، وكلُّ ليلٍ في مسيرِ الكوْنِ يَعْقُبُهُ نَهارْ
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *