العدد 80 -

العدد 80- السنة السابعة، جمادى الآخرة 1414هـ، الموافق كانون الأول 1993م

يسوّقون الجريمة بالوعود المالية

حينما وقّع السادات معاهدة «كمب ديفيد» مع اليهود عام 1979 وعدته أميركا بالمال الوفير، فقام الإعلام المصري بإقناع أهل مصر بأن سنوات الفقر العجاف قد ولّت إلى غير رجعة، وبأن الإنفاق العسكري سيتحول جمعية إلى مشاريع التنمية وإزالة الفقر من مصر، فماذا حصل بعد مرور 14 عاماً على تلك الجريمة؟ مئات الآلاف من المصريين لا زالوا يعيشون في المقابر دون مساكن، وهذا من أبسط وألحّ حقوق الإنسان على دولته، وتقول بعض الإحصائيات إن عدد هؤلاء الناس يصل إلى مليوني نسمة.

حينما شكّل حكام العرب لجنة لمعالجة الأزمة اللبنانية برئاسة الأخضر الإبراهيمي، قامت اللجنة بالطواف شرقاً وغرباً حاملة الوعود إلى أهل لبنان بإنشاء «صندوق الدعم العربي» وصدّق الناس ذلك رؤساءَ ومرؤوسين، وتصرّفوا على هذا الأساس، فجُمع النواب في الطائف، وتُليت عليهم صحائف الوعود المالية من قِبَل ممثلي السعودية ومن تبقى من اللجنة الثلاثة، فصدّق النواب وسال لعابهم. وبين الترغيب والترهيب وقّع النواب ما سمي بعد ذلك باتفاق الطائف، وجرى تنفيذ بعض ما ورد فيه، ولكن المال لم يصل ولم يتشكل «صندوق الدعم العربي» ولا زال الناس في انتظار الوعود المالية.

قبل 13 أيلول 1993 أي قبل توقيع صك الخيانة ببيع فلسطين كانت منظمة أبو عمار تحجب الرواتب عن موظفيها لعدة شهور، وبعد التوقيع عادت الأموال تتدفق للموظفين وأسر الشهداء، وبدأت بعض الدول العربية بدفع مستحقاتها من المال، وبدأت الوعود الأوروبية والأميركية بدفع المليارات لتنمية الأراضي المحتلة، وعُقد من أجل ذلك مؤتمرات وندوات، ولا زالت الوعود وعوداً، لكن مناطق البوس في المخيمات قد لا يصل وضعها إلى أفضل من مساكن القبور التي يعيش فيها مليونا نسمة في القاهرة، فالوعود لم يتغير أصحابها، والغرب إذا أعطاك دولاراً فهو حتماً سيأخذ منك الكثير، ومن بعض الكثير الكرامة، فهل هي رخيصة كرامتكم إلى هذا الحد؟

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *