العدد 129 -

السنة الحادية عشرة – شوال 1418 – شباط 1998م

الـصـامتـون

الـصـامتـون

                                                                                 الشاعر: أيمن القادري

تَبَرَّأْتُ مِنْكُمْ، والبَرَاءُ قَلِيلُ
تَبَرَّأْتُ مِنْكُمْ والعُرُوشُ تَبَرَّأَتْ
أَمِيـرٌ وسُـلْطَـانٌ ورَأْسُ وزَارَةٍ
أَذَاقُوا الأَمَرَّيْنِ الشُّعُوبَ، ومَنْ أَبَى
وكُمِّمَتِ الأَفْـوَاهُ إلاّ التي مَـضَتْ

 

أَلا أَيُّها الحكّامُ أَيْنَ غُرُورُكُمْ؟
طَوَيْتُمْ شِعَارَ البَطْشِ واغْتَسَلَتْ يَدٌ
لَنا يُبْذَلُ السَوْطُ الأَلِيمُ، ولِلْعَدَا
(يَهُودُ) لها حُسْنُ الضِـيافَـةِ واللِّقا

 

تُبَاحُ دِمَاءُ البِنْتِ والشَيْخِ والفَتى
أَلا شَرَفٌ أو نَفْحَةٌ مِنْ كَرَامَةٍ!
تُرَى: أيْنَ جَيْشُ العُرْبِ؟ هَلْ في إِجَازَةٍ
أبَا لَهَبٍ لو كُنْتَ حَيّاً لَقُدْتَهَا
فَأَبْغَضُ مَخْلُوقٍ إلى الله عَاجِزٌ
ولكِنَّ حُكّامَ العُرُوبَةِ مَا اقْتَدَوْا
لماذا سِلاَحُ العُـرْبِ في ثَكَنَاتِهِ
يُقَالُ: سِـلاَحُ الجوِّ تُبْلِي نُسُورُهُ،
وقَالُوا: سِلاَحُ البَحْرِ تخُشَى أسُودُهُ،
وقَالُوا: سِلاَحُ البَرِّ سَيْلٌ عَرَمْرَمٌ،
على الجرْحِ خُطَّـتْ نَكْـبَةٌ إِثْرَ نَكْبَةٍ

 

فَتَـبّاً لَكُمْ.. صُـٌّم وبُكْمٌ تحَكَّمُوا
أَلا أَيُّهَا الحكّامُ صَمْتاً وطَاعَةً
ومَنْ حَسِبَ الأَمْوَاتَ تَنْطِقُ مَرّةً
ومَنْ ظَنَّ أَنَّ الخزْيَ يُنْبِتُ عِزّةً
فَلا تُحْسِنِي شَيْئاً مِنَ الظّنِّ، أُمَّتِي
ولَيْسَ يَفُلُّ البَطْشَ إِلاّ مَثِيلُهُ:

  ***

***

***

وهَلْ بَيْنَ إِسْـلامٍ وكُـفْرٍ سَبِيلُ
فَمَا هِيَ إِلاّ لَيْلَةٌ.. وتَدُولُ
قَرَاصِنَةٌ، والكُلُّ عَبْدٌ ذَلِيلُ
غَدَا، وَهْوَ في السِجْنِ الرَهِيبِ نَزِيلُ
تُرَدِّدُ ما كـانَ الرئِـيسُ يقـولُ

 

أَلا جَبَرُوتَ اليَوْمِ؟ كَيْفَ يَزُولُ؟
مِنَ الدَمِ لَمّا أَنْ أَطَلَّ الخَلِيلُ!
يُصَعَّرُ خَدٌّ خَانِعٌ وهَزِيلُ!
ولِلْمُسْلِمِ المحـْزُونِ سَيْفٌ صَقِيلُ.

 

ومَوْقِفُ حُكّامِي (الحمَاةِ) ذُهُولُ
أَلا نَخْوَةٌ تَصْحُو فَيُرْوَى الغَلِيلُ!
تَطُولُ ويُنْسَى العِزُّ وَهْيَ تَطُولُ!
حُرُوباً بِخَيْلٍ كُلُّهُنَّ صَهِيلُ
عَنِ اللَّبْثِ مَا دَامَتْ لَدَيْهِ خُيُولُ
ولَوْ بِحَقِيرٍ أَنْكَرَتْهُ الفُحُولُ.
يُخَبَّأُ دَهْراً حَيْثُ ظِلٌّ ظَلِيلُ؟
ولَمْ يَبْدُ في الآفَاقِ نَسْرٌ خَجُولُ
ومَا ظَهَرَتْ أُسْدٌ لنا.. أو عُجُولُ
مَتَى تَنْفُضُ الإِذْلالَ تِلْكَ السُيُولُ؟
بِنَقْشٍ عُرُوبِيٍّ مَدَاهُ طَـوِيـــلُ

 

 بِأَرْضِـيْ، وكُلٌّ خَائِـنٌ وعَمِيلُ
فَمَا وَأْبُكُمْ إِلاّ الخَنَا والخُمُولُ
فَقَدْ شَاءَ مَا لا تَرْتَضِيهِ العُقُولُ
فَقَدْ خَابَ.. إِنَّ العِزَّ نَبْتٌ أَصِيلُ
بِمَنْ قَيْدُ رِجْلَيْهِ عَصِيٌّ ثَقِيلُ
جِهَادٌ فَرِيدٌ واصْطِبَارٌ جَمِيلُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *