العدد 130 -

السنة الثانية عشرة – ذو القعدة 1418هـ – آذار 1998م

فصـل الكلام في زور الإعـلام (2)

فصـل الكلام في زور الإعـلام (2)

تعتمد أمريكا اليوم في إطار حملتها لمحاربة الإسلام على عدة ركائز، نذكر منها زعامتها للعالم، وتسخيرها لعملائها في البلاد الإسلامية، وتوجيهها لوسائل الإعلام العالمية والمحلية. سنتناول في هذا المقال البحث في الركيزة الأخيرة باعتبارها من أهم آليات سياسة العولمة التي تروج لها أمريكا. هنا يصبح الإعلام ليس مجرد أداة في نقل المعلومات بل أداة في تعميم النموذج الحضاري الأمريكي على العالم.

5- الربط بين التغيير الجذري والعنف المادي:

هنا تحاول وسائل الإعلام التركيز على أن التغيير من أجل الإسلام وبالإسلام عملٌ يُنتج عنفاً مادياً وحرباً أهلية، يهزان أمن المجتمع واستقراره، ويحاول الإعلام إقناع الناس بأن في هذا العمل التغييري للأوضاع القائمة تحريكاً للمشاعر الدينية لغير المسلمين (كالأقباط في مصر) أو تهييجاً للانتماءات العرقية في الأمة (كالزنوج في موريتانيا). فأي عمل تغييري باسم الإسلام يعطي حسب زعمهم ذريعة لغير المسلمين وللأعراق الأخرى في المجتمع أن يطالبوا بتأسيس أحزاب على أساس ديانتهم أو قوميتهم. وهذا أمر يهدد وحدة المجتمع، ويؤذن بانفجار دموي بين الأديان والقوميات؛ انفجار يأكل الأخضر واليابس. ويأتي الإعلام بأمثلة على ذلك، تمويهاً ومغالطة، ما يحصل في جنوب السودان بسبب الدين، أو في شمال العراق بسبب القومية.

ويستمر الإعلام في دق طبول الحرب الأهلية التي تجلب الخراب والدمار للجميع. ونراه يحذر من التطرف الديني الذي يولد العنف المادي، وهلم جرّاً من مثل هذه الأسطوانة…! يقول الإعلام هذا وغيره لقذف الرعب في قلوب الناس، وتخويفهم من أي عمل تغييري جذري على أساس الإسلام، يعيد للأمة عزتها ونهضتها، كما يعيد لها سلطانها وثروتها. ولا يفتأ الإعلام الضال يسخّر علماء الجور والزور الذين يتهافتون على أبواب الحكام، رغبةً في مغنم أو هرباً من مغرم، الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، بإعطاء فتاوى تجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً.

فمن هؤلاء من ينبري (دفاعاً)  عن الإسلام ويقول إن الجهاد إنما هو حرب دفاعية فقط عندما يحتل العدو أرضنا. وإن الإسلام انتشر بالأخلاق والتجارة. إذ لا إكراه في الدين بعد أن تبين الرشد من الغي. هكذا يغيّرون مدلول النصوص الشرعية ليصبح الجهاد بهذا المعنى مُرحّباً به أمريكياً ودولياً، إذ الجهاد بهذا المعنى أمر مشروع، يقرّه القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة. فلكل أمة الحق في الدفاع عن نفسها إذا ما اعتدي عليها أو احتلت أرضها. أما إذا كان الجهاد هو بذل الوسع في القتال في سبيل الله، أي حمل الدعوة إلى العالم والقتال في سبيلها، كما فعل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء من بعده، إن هذا الجهاد يصبح أمراً مستهجناً، وعملاً وحشياً، يخالف حق الشعوب في أن تعيش ضمن حدود دولية قائمة، معترفٍ بها من الأمم المتحدة والمؤتمر الإسلامي والجامعة العربية! وإذا كان لا بد من حمل الدعوة إلى العالم فليكن عبر وسائل الإعلام، ومنها الإنترنيت كما قال بعض (العلماء!).

وإمعاناً في التضليل وتلبيس الأمور تأتي وسائل الإعلام بأمثلة للتحذير من خطر العمل الجذري المبدئي على أساس الإسلام. فتقول: انظر إلى الجزائر ومصر والسودان وأفغانستان… وكأن أيادي أمريكا وفرنسا وبريطانيا والعملاء بريئة من دماء المسلمين في هذه البلدان كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، يأتي الإعلام بهذه الأمثلة وغيرها ليجعل السامع أو القارئ أو المتفرج يطلب من الله صباح مساء أن يقيه شر هذه الحروب والفتن ما ظهر منها وما بطن. ويلعب فن التصوير التلفزي دوراً كبيراً في التأثير على بصر وبصيرة الناس. فما صور الأطفال الرضع الجياع، والنساء النائحات، والشيوخ المذهولين، والشباب المقيدين في الأصفاد في فلسطين، وسابقاً في البوسنة وغيرهما، إلا مناظر لزرع اليأس والجبن في المسلمين. وذلك لدفعهم للاستسلام وترك الجهاد ضد الكفار والابتعاد عن الكفاح السياسي والصراع الفكري ضد الحكام وأسيادهم.

يقول عبد الله النفيسي في حديثه عن (مستقبل الصحوة الإسلامية)  من كتاب (الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية – أوراق في النقد الذاتي) ، يقول: “لا بد من مراجعة كافة المقولات الفكرية والتخريجات النظرية التي تناولت هذا الموضوع (موضوع الصراع مع السلطة) في كتب وكراسات الحركة في اتجاه حل هذه المعضلة حلاً يوفر على الحركة مزيداً من الهدر في الدماء والأرواح. حلاً يفتح أمام الحركة إمكانات التحرك السياسي السلمي ضمن معادلات الممكن ودون القفز لعوالم المستحيل. مطلوب شيء من التواضع في هذا المجال على صعيد الطموح، وشيء من الوعي بالذات المرتكز على أرضية من العلمية والموضوعية والواقعية” ، يا سبحان الله! هكذا يصبح العمل لإقامة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية قفزاً لعوالم المستحيل وجهلاً بمعادلات الممكن، ويصبح الرضا بالكفر والركون إلى الكفار تواضعاً على صعيد الطموح، ويصبح الاستسلام للأوضاع أو ترقيعها وعياً بالذات؟!

كلا ليست السياسة مجرد فن ضمن معادلات الممكن، ولا التحرك السياسي هو اختيار أفضل الممكنات وأسهلها، بل السياسة كما يجب أن تتبناها الحركة الإسلامية إنما هي فعالية مؤثرة في الممكنات لتحويلها إلى الوضع الذي يريده الإسلام ويرضى عنه رب العباد، بغض النظر عن قبول الحكام أو رفضهم له، وبغض النظر عن كونه الأسهل أو الأصعب. وهذا يتطلب من العاملين للإسلام الوعي على أفكار الإسلام وأحكامه التي ستطبق على الواقع. كما يتطلب منهم الوعي على الواقع بشكل دائمي، لأنه هو موضع التغيير ومناط الأحكام والأفكار. كما يتطلب منهم كذلك التفكير بالأعمال وبالأساليب والوسائل التي توصل إلى مباشرة هذا التطبيق فعلاً. ولذلك فإن مراجعة أفكار الإسلام وأحكامه التي توجب الدخول في صراع فكري وكفاح سياسي مع الحكام والدول الكافرة غير واردة هنا، لأن ذلك فوق كونه لا يمت للسياسة الحقة بصلة، واستجابة لضغط الواقع كما ورد آنفاً فإنه يعتبر رداً لبعض ما جاء به الإسلام. وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القائل: «لا يَكُنْ أحدُكم إمَّعة يقول إذا أحسن الناس أحسنتُ، وإن أساءوا أسأت. ولكنْ وَطِّـنوا أنفسَـكم، إن أحسن الناس أن تُحْسِنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم».

6- الربط بين الدعوة إلى الإسلام والتخلف الحضاري والمدني:

رغم أن الإسلام حقق نهضة فكرية ومدنية دامت أكثر من اثني عشر قرناً، في وقت كانت فيه أوروبا تعيش عصور الظلام، ورغم أن قادة العمل الإسلامي من حملة الشهادات الجامعية والعلمية والأدبية والفكرية والشرعية، رغم كل ذلك وغيره فإن الإعلام المضلِّل يحاول دائماً إيهام الناس بأن رواد الصحوة الإسلامية نفر من الجُهال عديمي التكوين الثقافي والعلمي، وأن وصولهم إلى الحكم معناه عودتنا إلى عصر الظلمات، إن لم يكن إلى العصر الحجري، أو على أقل تقدير: عصر الناقة والخيمة والصحراء. ونحن الآن نعيش عصر السيارة وناطحات السحاب وأجهزة التحكم عن بُعد. وفي هذا السياق يقول سمير أمين متحدثاً عن الصحوة الإسلامية بأنها: “مجرد امتداد للفكر الذي ساد في عصور انحطاط المجتمع العربي الإسلامي، فهو تواصل الركود أي عكس اليقظة” .

إن الإعلام الخبيث يصور عودة الإسلام إلى الحكم بأنه رِدّة إلى ما قبل التاريخ، لأنه يحرم مجتمعاتنا (التحضر وركوب قطار الأمم المتقدمة) . فَحَمَلَةُ الدعوة، كما يقع تصويرهم في وسائل الإعلام، يظهرون بأنهم دراويش، ينبذون زينة الحياة، ويفضلون حصير النخل على الفراش العصري. والمراد من هذا التصوير الكاريكاتوري وغيره إظهار حَمَلَة الدعوة الإسلامية بأنهم يتصفون بالجمود العقلي والبلادة الفكرية والبعد عن الواقعية. وتضيف النخب العلمانية المضبوعة بالثقافة الرأسمالية التقوّل بأن العاملين للإسلام يفضلون البكاء على أطلال الماضي التليد عوض إعطاء الحلول لمشاكل العصر، عصر الذرة والاستنساخ البشري، عصر الديمقراطية والصواريخ العابرة للقارات، عصر الخوصصة والشركات المتعددة الجنسية، عصر العولمة وعسكرة الفضاء!

ويعتبر التاريخ الإسلامي، كما يقدمه الإعلام الغربي والمضبوعون بثقافته الرأسمالية مادة خصبة ينفذون من خلالها لتغذية النفوذ والاشمئزاز من المشروع الإسلامي. وذلك عبر كتب مثل الأغاني، وشعراء مثل أبي نواس، وحكام مثل يزيد. يظهرون ذلك فيرجعونه إلى الإسلام للطعن في عقيدته وأفكاره وأحكامه. أما إذا كان هناك كتاب مثل الخراج لأبي يوسف، وأدباء مثل الجاحظ، وفقهاء مثل الشافعي، وعلماء مثل ابن خلدون، وحكام مثل عمر، فذلك راجع بزعمهم إلى عبقرية أصحابها أكثر مما هو راجع إلى الإسلام الذي تربى في كنفه أمثال هؤلاء وغيرهم كثير.

إن هذا التفسير الانتقائي والتدنيسي للتاريخ الإسلامي يبين مدى الصراع الحضاري والمصيري الذي تخوضه أمريكا وحلفاؤها ضد الإسلام. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنه يبيّن إلى أي حد وصل الإعلام في العالم الإسلامي من الانضباع بالحضارة الغربية، والاستنساخ للثقافة الرأسمالية. أما من جهة ثالثة فإن مثل هذا التفسير العدائي للتاريخ الإسلامي يعكس حالة الانبتات الثقافي والتيه الحضاري اللذين يعيشهما أولئك الذين جعلوا من وجهة النظر الرأسمالية مثالاً يقتدى به، ونموذجاً يُحتذى للحضارة والثقافة والفكر، يقول الله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ* وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ).

7- الربط بين العمل الإسلامي والعمالة للأجنبي:

إن من أفظع ما يمكن أن يُتهم به إنسان أو جماعة من أناس عموماً هو تهمة الخيانة العظمى، أي التجسس والعمالة للأجنبي. ومن هنا يعمل الحكام بأبواقهم الإعلامية على إلصاق تهمة الارتباط بالأجنبي وخيانة الوطن بالحركات الإسلامية وخاصة من يعمل لإقامة الخلافة. وذلك بقصد إظهار حَمَلَة الدعوة أنهم خائنون لأوطانهم بائعون لبلدانهم التي ربتهم وأنفقت عليهم. ثم يأتون بعد ذلك ليتآمروا عليها ويغدروا بها. وهذا وحده يبرر للحكام قمع العاملين للإسلام وملاحقتهم وسجنهم، بل وحتى إعدامهم. لأن الإعلام قد أوجد رأياً عاماً يدين هؤلاء المخلصين بوصمهم بالخيانة، والعمل ضد مصلحة البلاد.

ولذلك ليس غريباً أن تطلب الدول القائمة في العالم الإسلامي من الأحزاب التي قبلت أن تكون (معارضة) بشروط النظام وفي ظل دستوره الكافر أن تكشف عن مصادر تمويلها، وأن تبيّن علاقاتها الخارجية، وذلك حتى تبرئ ذمتها ويرضى عنها الحاكم. وكذلك ليس غريباً أن بعض الحركات الإسلامية تعمل على إظهار نفسها أنها ملكية أكثر من الملك، أي أنها وطنية أكثر من النظام. ولا تفتأ هذه الحركات تقول بأنها تلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأن أهل مكة أدرى بشعابها. تفعل هذه الحركات ذلك وغيره حتى تبعد عن نفسها صفة أو تهمة العمالة للأجنبي، أو من باب ما تسميه بالتكتيك السياسي في سير الحركة. وما ذلك سوى تكريس للتجزئة التي جاءت بها معاهدة سايكس – بيكو، واعترافاً بالشرعة الدولية.

أما الحركات الوطنية والقومية فإنها لا ترى غضاضة في الاستعانة بالأجنبي والترويج للاتكال عليه، لأنه يحكّم الثقافة التي تتبناها هذه الحركات، وهي ثقافة الاستعمار الكافر نفسه، وهي تعمل على ربط قضية الأمة في النهضة والتحرير بالدول الكافرة المستعمرة والطامعة في بلادنا، فهذه الحركات ترى أنه يجب أن نكون »واقعيين « وأن عهد المبادئ قد ولّى، وحل محله عهد المصالح. ولم تدرك هذه الحركات أن ربط قضيتنا بغير أنفسنا يعتبر انتحاراً سياسياً وخيانة للأمة ولو عن حسن نية، وأن كل مستعين بالأجنبي سواء كان أمريكياً أو بريطانياً أو فرنسياً أو روسياً أو غيرها إنما هو كالمستجير من الرمضاء بالنار.

إن الإعلام الدجال في الوقت الذي يحاول فيه إلصاق تهمة الخيانة بالحركات الإسلامية المخلصة، يتناسى وقائع العمالة السياسية والتبعية الاقتصادية والمعاهدات العسكرية والتغريب الثقافي الذي تعيش فيه الدول القائمة في العالم الإسلامي. ويزداد هذا الإعلام عَمىً وعَمَهاً، فيسمي الوقائع الآنفة بأنها مجرد علاقات صداقة وحسن جوار وشراكة إقليمية للدول فيما بينها. أما خضوع هذه الدويلات لقوانين الأمم المتحدة وتوصيات البنك الدولي والمؤسسات النقدية وتشجيعها للاستثمارات والقروض الأجنبية، فما ذلك سوى تعامل دولي وإصلاحات اقتصادية وتنمية عصرية لا مفر منها إذا أردنا أن نحيا في هذا الإطار العالمي أو لنقل العولمي!؟

لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال: «سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصَدَّق فيها الكاذب ويكذَّب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه ينطق في أمور العامة».

الخاتمة:

ما ذكرناه آنفاً هو بعض أشكال الصراع الحضاري الذي يقوده الكفار بزعامة أمريكا وعملائها، بوسائلهم الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة لمحاربة الإسلام وأحزاب المسلمين، وخاصة العاملين لإيجاد الإسلام في الدولة والمجتمع، وتشويه صورتهم في عيون الأمة، وإذا كنا تعرضنا لجانب واحد من هذه الحرب الإعلامية فذلك لإلقاء الضوء عليه وإبراز خطورته. فهذا الأسلوب الإعلامي الخبيث لا يخاطب البصائر وإنما يغشيها ليدخل إلى العقل والتفكير عبر الغريزة والشعور، كما يدخل السم في الدسم.

إن أساليب الإعلام في ترويض الرأي العام وتهيئة الناس لقبول مشاريع الكفر، والاستسلام للكفار من الكثرة بمكان؛ سواء كان ذلك عند إذاعة الأخبار، أو عبر البرامج التلفزية، أو من خلال المقالات الصحفية والدراسات الفكرية. خاصة ونحن نعيش ثورة تكنولوجية في مجال الاتصالات عبر الأقمار الصناعية وشبكات الإنترنيت والقنوات الفضائية التي تدخل بيوتنا وحياتنا الخاصة بدون استئذان، ضمن تخطيط واستراتيجية معينة.

إنه في ظل غياب إعلام إسلامي يقوم على خدمة مبدأ الإسلام، وفي ظل غياب دولة الخلافة التي تتخذ من الإعلام أداة لتوعية الأمة حتى يحسن تطبيقها للإسلام، ووسيلة لتهيئة الأجواء في دار الكفر حتى تحمل إليها الدعوة الإسلامية بالجهاد، إنه في ظل هذا الغياب يجب علينا شرعاً أن نتصدى بحزم ومسؤولية لزور الإعلام، أحد الركائز التي تعتمدها دول الكفر جميعها في حربها للقضاء على الإسلام. وإن هذا التصدي يدخل ضمن الصراع الفكري والكفاح السياسي الذي يقوم به العاملون المخلصون للإسلام، وذلك حتى يُظْهِر اللهُ دينه ولو كره الكافرون، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ* إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ* وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ).

أجارنا الله من سموم الإعلام المحلي والعالمي، وأعاننا على إيجاد الرأي العام المبني على الوعي العام للإسلام، ومكننا من إقامة دولة الخلافة في القريب العاجل، إنه سميع مجيب الدعوات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *