العدد 134 -

السنة الثانية عشرة – ربيع الأول 1419هـ – تموز 1998م

كلمة أخيرة الأمّـة الإسـلامية والقوميـات

كلمة أخيرة

الأمّـة الإسـلامية والقوميـات

    القومية ليست فكراً، وليست سلوكاً، وليست خُلُقاً أو مذهباً، وليست طرازاً معيناً من العيش. القومية هي مجرد وراثات جينية تؤثر في شكل الجسم ولونه وبعض أمزجته. ولذلك فلا شأن للقومية (العنصرية) في بناء الدول والمجتمعات. ولهذا أرشدنا الله سبحانه إلى الأسس الصحيحة في إقامة الروابط وبناء المجتمعات: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ[ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «المسلمون إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى».

    نقول هذا بمناسبة ما يتردد بين بعض المسلمين من دعوات عنصرية. هناك مسلمون في الجزائر يدعون إلى قومية بربرية ولغة أمازيغية، وهناك مسلمون يدعون إلى قومية كردية، وكان مصطفى كمال حرّك في الأتراك العنصرية الطورانية، وكان هناك دعاة للقومية العربية، وآخرون لقوميات أخرى…

    هناك جانب واحد من جوانب العنصرية سَمَح به الإسلام، وهو معرفة الإنسان أرحامه وأقاربه من أجل صلة الرحم وصلة القرابة، أما غير ذلك فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم حذرنا بقوله: «دعوها فإنها منتنة».

    الدول الاستعمارية الكافرة حرّضت العرب على الدولة العثمانية تحريضاً عنصرياً لتمزيق دولة الخلافة بيدِ أبنائها. وقد استجاب العملاء وقاموا بثورات منها ثورة (الشريف حسين). الدول الاستعمارية نفسها حرّضت الأكراد في تركيا كي ينفصلوا عن الشعب التركي، وحرضت أكراد العراق كي ينفصلوا عن الشعب العربي في العراق، وما نراه الآن من تناحر هو نتيجة التحريش الذي تقوم به الدول الأجنبية الطامعة.

    والدول الاستعمارية نفسها تحرّض جزءاً من مسلمي الجزائر. فرنسا هي المحرض الأول لمسلمي الجزائر كي ينفصلوا عن إخوانهم الآخرين. لقد أثاروا مسألة اللغة العربية. لا يوجد مسلم في الدنيا يلتزم بالإسلام إلا ويفضّل اللغة العربية على أي لغة أخرى ولو كانت لغة آبائه وأجداده.

    تفضيل اللغة العربية ليس بدافع قومي بل بدافع ديني. حُبُّ القرآن الكريم وحب السنة الشريفة بنصّها الذي نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يدفع المسلم لتعلُّم اللغة العربية وإتقانها. ولذلك فمن المستغرب أن يتحرك المسلمون في الجزائر لتفضيل الأمازيغية على العربية. وما كانوا ليتحركوا لولا اليد الفرنسية الخبيثة التي حركتهم. فالمسلم طبعه نقيّ ويميل بفطرته إلى حُبّ ما يريده الإسلام فهو دين الفطرة. ولكن الكفار يحرّشون ليَسْهُل عليهم الاصطياد في الماء العكر.

    وكان مصطفى كمال حارب اللغة العربية، وحوّل اللغة التركية من الحرف العربي إلى الحرف اللاتيني، ومصطفى كمال هذا ماسوني من أصل يهودي، ويحمل الكره للإسلام وأهله.

    المسلمون أمّة واحدة، والأصل أن تكون لها لغة واحدة هي لغة القرآن، وفرض الله عليها أن تكون في دولة واحدة، هي الخلافة. وكل شيء يخالف هذا فإنما هو غريب على الأمة، ودخيل عليها من أعدائها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *