العدد 216 -

السنة التاسعة عشرة محرم 1426هـ – شباط 2005م

انتخابات ناجحة تلفزيونياً

انتخابات ناجحة تلفزيونياً

 l  لم تبتعد أميركا، وعملاؤها في العراق وفي المنطقة العربية، عن العقلية الصدامية حينما كان يُظَهِّر نتائج الانتخابات، فتكون النتيجة مائة بالمائة. فأميركا وعملاؤها أظهروا النجاح قبل أن تبدأ عملية الاقتراع، وقبل الفرز، فقالوا في الصباح: إن نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع بلغت 72%، وفي المساء صرح ناطق رسمي باسم المفوضية المسؤولة عن الانتخابات بأن تلك النسبة تستند إلى التخمينات، وإن النسبة الحقيقية لا تظهر إلا بعد العدّ والفرز، والنتيجة محسومة سلفاً من قبل الاحتلال، وسوف ينجح رجالات أميركا حتماً.

 l  وقف بوش مزهواً ليقول: إن العراقيين حققوا نجاحاً باهراً وذلك قبل الفرز أيضاً، وكذلك فعلت كونداليزا رايس، وطوني بلير، وليس مستغرباً من فريق اللصوص الذين سرقوا العراق خلسة، فلو ذهب عشرة إلى الصندوق لقالوا إن العمل في غاية النجاح. ولم تظهر الكاميرات تلك الكثافة التي تحدثوا عنها ولا الطوابير التي تشدقوا بها، ولماذا صدحت مكبرات الصوت من على المركبات العسكرية الأميركية لحض الناس على التصويت بناءً على فتوى شيخ الأزهر؟

 l  المهم في الأمر أن قوات الاحتلال، وزعيمها بوش، وكل من لفّ لهم، يكذبون على الأحياء، وبدل أن يتحدث الناس عن احتلال مقابل شعب يقاوم الاحتلال، حرّفوا الصورة لكي تصبح كما يلي: الشيعة سرقوا الحكم من السنة، وإن مقاطعة السنة للانتخابات هي الخسران المبين لهم، الأمر الذي لم يتحدث به من وصفوه بأقذع الاتهامات وهو صدام حسين، فهو لم يتلفظ يوماً (رغم مساوئه) عن سنة وشيعة وتركمان وأكراد.

 l  لقد كشفت الانتخابات المزيد من الأقنعة عن بعض الوجوه، فتحول الأمر من طرد صدام الدكتاتور إلى استعادة حق حرموا منه طويلاً، وكان من الأفضل والأصدق أن يصارحوا الناس من البداية أن القصة ليست قصة دكتاتور، بل قصة القفز إلى السلطة، مع الاستعانة بالشيطان الأكبر، الذي لم يعد شيطاناً في نظرهم. فسبحان مغيّر الأحوال، اللهم الطف بالعراق، وأهل العراق، دون تمييز مذهبي، ودون ذكر للمذاهب التي نبشها الشيطان الأكبر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *