العدد 216 -

السنة التاسعة عشرة محرم 1426هـ – شباط 2005م

كلـمـة الوعـي أيـّها المسلمون في فلسطين والعراق: كيف تنتخبون من يرضى عنهم بوش وشارون؟

كلـمـة  الوعـي

أيـّها المسلمون في فلسطين والعراق:

كيف تنتخبون من يرضى عنهم بوش وشارون؟

 

بعد انتخاب بوش في شهر 10/2004م انتظر العالم كله ليعرف هل سيتخلى عن خطته للسيادة على العالم وبناء إمبراطورية أميركا التي لا تقبل معها شريكاً، أم سيقبل أن تقود العالم مع  بعض الشركاء الصغار بالنسبة لها، خاصةً بعد أن واجهت بوش الصعوبات الشديدة إبان فترة رئاسته الأولى حيث تكبد، ومايزال، الخسائر البشرية والمالية الضخمة في العراق. وحيث وضع بلاده في جو من الكراهية غير المسبوقة. وحيث عارض، ومايزال، معظم دول الاتحاد الأوروبي سياسة بوش القائمة على إقصاء الآخرين، واستبدال الاستعمار الأوروبي باستعمار أميركي صرف. وحيث عارض، ومايزال، الحزب الديمقراطي في أميركا سياسة بوش التي يرى فيها أنها سياسة تدميرية للمصالح الأميركية…

لقد جاء خطاب القسم الذي ألقاه بوش في 20/1/2005م، وخطاب «حال الاتحاد» الذي ألقاه في 3/2/2005م ليكشفا مضيّ بوش في خطته للهيمنة على العالم، حيث طالب بزيادة ميزانية وزارة الدفاع 80 بليون دولار، وحيث أنشأ رامسفيلد جهاز استخبارات خاصاً بالبنتاغون، ومستقلاً عن (السي أي آي) وقد حمل هذان الخطابان الأفكار نفسها، والأهداف نفسها التي كان يؤمن بها بوش ويعمل لها. فمازال العنوان الأبرز لدى بوش هو محاربة الإرهاب. فقد جاء في خطاب “حال الاتحاد”: «يحارب رجالنا ونساؤنا، بالبزات العسكرية، الإرهابيين في العراق حتى لا نظطر إلى مواجهتهم على أرض الوطن. لن نعطي جدولاً زمنياً مصطنعاً لمغادرة العراق؛ لأن ذلك سيشجع الإرهابيين، ويجعلهم يعتقدون بأننا فقدنا صبرنا… يشكل هذا البلد (العراق) جبهة حيوية في الحرب على الإرهاب، وهذا يفسر سبب اختيار الإرهابيين العراق مكاناً لهم». إن هذا الكلام من بوش يفسر مضيّه في سياسته في احتلال العراق، ووضع اليد على نفطه، ونفط الخليج… وهذا بالتالي يصب في تحقيق مشروعه الإمبراطوري…

إن بوش، ومن ورائه حزبه الجمهوري، والشركات الأميركية الكبرى، هم وراء السياسة الأميركية التي تسعى إلى السيادة على العالم… لذلك يتوقع اشتداد الصراع الاستعماري على هذه المنطقة. وقد استفتح بوش ولايته الثانية بمجزرة الفلوجة، وتم قتل عرفات، وتم إجراء الانتخابات العراقية والفلسطينية التي جرت بحسب الرياح الأميركية، خاصة بعد أن تهالكت أنظمة الدول التي تحكم المسلمين بالحديد والنار، لعقد المؤتمرات، وتقديم كل مساعدة ممكنة لتأتي الانتخابات بالنتائج الأميركية المرجوة.

إن حكام المسلمين يتصرفون تصرف الجبان، المغلوب، الخائف من أميركا على عرشه، على رأسه، وأميركا هذه لم تنسَ أن تهددهم، حيث خصص لهم بوش جزءاً مهماً من خطابه. فقد جاء في خطاب القسم: «لن نتجاهل الاضطهاد، لن نعذر المستبدين» وجاء في خطاب “حال الاتحاد”: «علينا مواجهة الأنظمة التي تواصل إيواء الإرهابيين، وتسعى إلى امتلاك أسلحة دمار شامل» وهو يعتبر أن أنظمة الحكم المستبدة التي تحكم المسلمين بالحديد والنار هم مسببوا الإرهاب، وهم الذين شكلوا التربة الصالحة لإنبات الإرهاب، وهذا ما عناه بقوله: «سيتحقق السلام الذي نسعى إليه فقط عبر إلغاء الظروف التي تغذي التطرف وإيديولوجيات القتل». فمثل هذا الكلام يصيب من الحكام مقتلاً، ويجعلهم خائفين، ساعين في خطب ود أميركا، مسارعين في الدعوة إلى عقد المؤتمرات التي تدعو إلى المشاركة في الانتخابات العراقية، واعتبار الحكم العراقي المؤقت شرعياً، وإلى وقف تمويل المقاتلين، وإلى تحديث القوانين وإشراك المرأة، والبحث في الإصلاح الاقتصادي، وإلى محاربة الإرهاب، وهي مؤتمرات غاية الحكام منها أن تبقيهم أميركا على عروشهم الخاوية، وكذلك يعمل هؤلاء الحكام على تحذيرها من أن يستفيد الأصوليون من دعوة أميركا إلى الإصلاح، وكذلك يعمل هؤلاء الحكام على إقناع أميركا بأنهم خير أعوان لها في حربها على الإسلام تحت اسم محاربة الإرهاب… إنهم فعلاً خير أعوان لأميركا، قاتلهم الله أنا يؤفكون…

أيـّها المسلمون:

إنكم أنتم الضحية، أنتم المرمى، وكل من حولكم ضدكم، وليس لكم مخرج مما أنتم فيه إلا أن تكونوا مع الله… مع الله وحده. لقد آلم كثيراً أن تنتخبوا في العراق، وأن تنتخبوا في فلسطين من تقر عيني بوش وشارون لهم. نعم إن بوش اعتبر ما زرعته يداه في العراق قد حصده زرعاً طيباً. وأعلن شارون أنه راضٍ جداً عن أبي مازن، فهل يجوز شرعاً أن تشاركوا في هذه اللعبة القذرة، وتنتخبوا أعداءكم؟ إنه لا يستقيم إلا الإيمان بالله وحده، وإلا الطاعة له وحده، وإن ما يرضي بوش أو شارون هو قطعاً لا يرضي الله تعالى.

إن العجيب أن ترى الصراع محتدماً بين المسلمين واليهود، والمسلمين وأميركا تحديداً، ثم ترى في الوقت نفسه كيف يختار المسلمون وينتخبون ممثليهم ممن رشحهم أعداؤهم، وأعلنوا رضاهم عنهم، تحت حجج وتبريرات أوهى من خيط العنكبوت.

إن المسلمين يجب أن يعوا على أحكام دينهم، أو يسلموا أمرهم على الأقل للواعي الرشيد، الذي يفهم الواقع بعمق، والشرع بدقة، للذي يبصر الطريق ويمشي بنور الله.

إلى متى سيبقى المسلمون يخضعون للألاعيب والتزيين والزخرفة والبهرجة. إن حرمة ما قاموا به بيّن لا شبهة فيه، وإن الشرع الواضح لا يستطيع عالم، مهما بلغ علمه، أو صيته، أو منصبه، أن يخفيه، كما لا تخفى الشمس على ذي بصر، وإن الحق يعلو ولا يعلى عليه من أحد، قال تعالى:  (قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) )[البقرة]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *