العدد 86 -

السنة الثامنة محرم 1415هـ, حزيران 1994م

تغيير المناهج في مصر (3)

أصابع أميركية وصهيونية

صدرت سلسلة من الكتب في مصر تحت عنوان (الغزو الفكري في المناهج الدراسية{. هذا عنوان السلسلة أما عناوين الكتب فقد جاء عنوان الكتاب رقم 8: (تطوير أم تضليل في التاريخ الإسلامي في عهد الدكتور فتحي سرور{، أما الكتاب رقم 9 فكان تحت عنوان (تطوير أم تضليل في التاريخ الإسلام في عهد الدكتور حسين كامل{، وجاء الكتاب رقم 11 تحت عنوان: (تطوير أم تضليل في مناهج التربية الإسلامية{.

الكتاب رقم 8 والكتاب رقم 9 من إعداد مجموعة من الخبراء في مصر وهم: الدكتور جمال عبد الهادي والدكتورة وفاء محمد رفعت، والأستاذ محمد عبد المنعم، والأستاذ لطفي حسن عوض. أما ما ورد في هذه السلسلة من معلومات فهو يدعو إلى القلق الشديد، ويدل على الاستفزاز لك مسلم من قبل السلطة الحاكمة، فما ورد فيها من معلومات مدعمة بالأدلة والأرقام مع ذكر كل آية وكل حديث حذف أو استبدل وكل صفحة حصل فيها العبث والتخريب، وقد رأت «الوعي» أن تطلع قراءها على بعض النُّتف من التخريب الكبير الذي طال مناهج التربية في مصر الكنانة.

تبقى الإشارة أن الكتاب رقم 11 هو من إعداد: الدكتور جمال عبد الهادي (أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أم القرى سابقاً{ والأستاذ محمد عبد الرحمن طبل (مدير مدرسة وعضو نقابة المعلمين بالقاهرة{ والأستاذ محمد بدوي (خبير المناهج بوزارة التربية{ والأستاذ كامل حمدي عبد الكريم (موجّه التربية الإسلامية واللغة العربية{ والأستاذ أحمد محفوظ (موجّه التربية الإسلامية واللغة العربية{.

إكمالاً لما نقلناه في الحلقتين السابقتين نستعرض مقتطفات من الكتاب رقم (11{ من سلسلة كتب «الغزو الفكري» الصادرة في القاهرة عن (دار الوفاء{.

يبدأ الكاتب بذكر ما ورد من تغيير في كتاب التربية الإسلامية المقرر للصف الخامس الابتدائي (عام وأزهر{، فيشير إلى أن السيرة والغزوات الإسلامية خُفّضت من 32 صفحة إلى 6 صفحات، وأن الحذف طاول شخصيات وقادة مسلمين مثل أسامة بن زيد، وحذفت بعض الأناشيد الإسلامية مثل نشيد «قرآن ربي» ونشيد «سبحانك ربي» ونشيد «الحج» ونشيد «أنا يا قوم مسلم».

أما في كتاب التربية الإسلامية للصف الثاني الإعدادي فقد وردت قصة عن السيدة خديجة –رضي الله عنه-ا-تتحدث عن أم المؤمنين «في مظهر مفرط في اللهو والمرح والاختلاط» وذكر الكتاب وصفاً دقيقاً للسيدة خديجة لا ينبغي تكراره هنا. وقد تساءل الكاتب قائلاً: «ألا يشبه هذا ما كتبه سلمان رشدي في كتاب آيات شيطانية؟».

أما في كتاب التربية الإسلامية للصف الأول الثانوي فقد تم إلغاء الآيات التي تتحدث عن فرعون وطغيانه، وهذا ينسجم مع ما كُتب في كتاب التاريخ الجديد للصف الرابع الابتدائي من ادعاءات بأن الفرعون كان محبوباً من الناس لدرجة العبادة وأن هذا الحب ممتد عبر التاريخ إلى يومنا هذا.

– وتم أيضاً إلغاء السورة التي تسمى سورة الشريعة وهي سورة الجاثية وذلك لأنها تتحدث عن وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية وفيها قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}.

– وتم أيضاً إلغاء الحديث الشريف الذي يحض على الجهاد في سبيل الله.

– وضع الحمر والمخدرات تحت عنوان (الممنوعات{ بعد أن كانت تحت عنوان «المحرمات».

– حذف حكم الشرع في وجوب اللباس الشرعي للمرأة وذلك صفحة 110، وهذا ينسجم مع الدعوة للسفور والتي تستخدم مجموعة كبيرة من الصور الملونة وغير الملونة للسفور.

– حذف الشخصيات الإسلامية أمثال: «السيدة عائشة، الإمام أبو حنيفة،» وتقرر بدلاً منها «الشيخ البدوي»، ونسب الكتاب المقرر إلى السيد البدوي قوله: «في بغداد أرواح آل البيت رضوان الله عليهم، وأرواح أولياء الله على اختلاف درجاتهم…. فهذا ضريح معروف الكرخي، وضريح فلان وفلان…».

– شمل الكتاب المقرر موضوعات جديدة بدل المحذوفة مثل:

أ- موضوع تنظيم الأسرة ص 91.

ب- موضوع الموسيقى والغناء حيث جاء في كتاب التربية الإسلامية ما نصه «ليس هناك من يضيق بالفنّ اللطيف والوسط الفني اللطيف» ص94 ولم يفسر الكتاب ماذا يعني بهذه العبارة.

أما في كتاب التربية الإسلامية للصف الثاني الثانوي فقد حُذف عنوان «وجوب الحكم بما أنزل الله» صفحة 69 وحذفت بالتالي الآيات الدالة على وجوب الحكم بما أنزل الله ومنها هذه الآية {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.

– حُذف موضوع بعنوان «مصادر الشريعة هي: القرآن والسنة والاجتهاد» صفحة 69 وحُذفت معه موضوعات أخرى مثل: مراحل تدوين السنة، كتب الحديث المشهورة، شروط الاجتهاد، أشهر المجتهدين.

– تحول موضوع الربا في الكتاب الجديد إلى إعلان دعائي للبنوك الربوية وذلك تحت عنوان (التعامل مع البنوك ضرورة قومية{ وفي الأدلة التي ساقها الكتاب وردت العبارات التالية: «إن البنوك هيئات منظمة»، «لو ألغينا البنوك فما هو البديل»، «البنوك شيء دعت إليه ضرورة العصر».

– حذف غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم- (أُحُد، وحُنين(.

– حذف موضوع الرشوة والأحاديث الدالة على حرمتها.

– حذف الأحاديث التي تتحدث عن الصدق وبركته وأهميته في المعاملات.

– حذف الفقرة الذي التي تحض على الزواج المبكر.

– حذف الفقرة التي تحذر من الدعوة إلى العزوبية أو تأخير سن الزواج.

– حذف موضوع بعنوان (أضرار الزواج بالأجنبيات(.

– حذف آية: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.

– حذف حديث سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي يشير إلى مسؤولية الأب تجاه أولاده.

– حذف مسألة استئذان الخدم قبل الدخول على الأزواج المخدومين في أوقات محددة.

– حذف حديث «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» وحذف شرح المؤلف الذي ينهى عن التبرج وعن النساء الكاسيات العاريات الوارد في حديث نبوي آخر.

أما في كتاب التربية الإسلامية للصف الثاني الابتدائي فقد حذف أمر الله سبحانه إلى نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- بالجهر بالدعوة.

– حذف وقائع تعذيب آل ياسر واستشهاد سمية زوجة ياسر والحديث الشريف «صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة». وحذف السطر الذي يقول أن سمية أول شهيدة في الإسلام.

– حذف موضوع هجرة بعض الصحابة إلى الحبشة، وموضوع حصار المشركين للمسلمين في شعب أبي طالب.

أما في كتاب الصف الثالث الابتدائي فقد حُذق موضوع شجاعة الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. أما في كتاب الصف الرابع الابتدائي فقد أورد الكتاب كلاماً صفحة 42 يوحي للقارئ بأن لليهود حقاً في المدينة المنورة، وحُذف موضوع غدر اليهود من صفحة 105، 106، وحُذف من غزوة بدر تاريخ المعركة وعدد جيش المسلمين، وعُدّة المسلمين، وعدد شهداء المسلمين، وحُذف وصف مسار المعركة. وتكرر هذا التحريف في ما يتعلق بغزوة أحد وغزوة الخندق وحذفت عبارات كثيرة من فتح مكة.

«الأدلة على وجود أصابع أميركية وصهيونية وراء تخريب مناهج التربية الإسلامية»

هذا العنوان ورد في صفحة 37 من الكتاب رقم (11) الذي يتحدث عن الغزو الفكري وتغيير المناهج في مصر، وقد جاء تحت هذا العنوان عنوان فرعي هو:

أولاً: شهادة خبراء التربية الإسلامية بوزارة التربية:

أ) قيام الدكتورة كوثر كوجك باستبعاد الدكتور محمود الدسوقي والأستاذ علي شعبان من لجنة تطوير التربية الإسلامية بعد وقوع خلاف فكري بينها وبين مقررة اللجنة المذكورة «ليندا لامبرت» الأميركية الجنسية والأصل وذلك حول المحرمات الإسلامية.

ب) شهادة الأستاذ علي إسماعيل الباحث بمركز التطوير: وقد نشرت جريدة صوت الشعب الصادرة في 29/09/1991 ما رواه الأستاذ علي إسماعيل من أنه كان متضايقاً من وجود الخبراء الأميركيين واليهود معهم في لجنة تطوير الدين وفي إحدى الجلسات قال: «ونحن نقوم بمراجعة مادة الدين اعترضت الباحثة الأميركية الدكتورة «ليندا لامبرت» على آيات وأحاديث عن الخمر ووقائع عن الحروب الصليبية، ولقد حاولت أن أقنعها أن تحريم الخمر وعدائنا للحروب الصليبية نابع من عقيدتنا الإسلامية وشرحت لها ذلك شرحاً مفصلاً إلا أنها قالت لي: إن تلك الآيات والأحاديث والأحداث التاريخية تعوق الإبداع عند الطلاب وتحرمهم لذة العيش مع العالم الجديد، وقالت لي إن هناك نظاماً دولياً جديداً يقوم على الحرية واحترام حقوق الإنسان ولا داعي لأن تُملأ عقول الأطفال بالحروب الصليبية وبمثل تحريم الخمور… ولقد طلبنا من الدكتور سيد طنطاوي مفتي الجمهورية والدكتور أحمد عمر هاشم مستشار مادة الدين بالوزارة الانسحاب من اللجنة وتكوين لجنة مصرية، إلا أن نفوذ الأميركيين كان أشدّ وقعاً».

جـ) شهادة الأستاذ محمد طبل الخبير بوزارة التربية: يقول الأستاذ الخبير في شهادته: «أرسلت لي الدكتورة كوثر كوجك تطلب حضوري للمركز، وفوجئت بأن المركز يعطيني دليلاً جاهزاً لمنهج الدين يحدد موضوعات البحث سلفاً وفيه موضوعات ودروس تم إقرارها ومطلوبٌ مني مباركتها وتأييدا لا إبداء الرأي فيها… وقد وجدتها قد حُذفت منها كل الآيات والوقائع التاريخية عن اليهود والغرب. وعندما تأكد لي أن للأميركيين اليد الطولى في المركز، وعندما أحسست أن الهدف هو توقيعي على المناهج آثرت الانسحاب تاركاً لهم دولاراتهم ومؤكداً لهم أنهم يقومون بتخريب التعليم».

د) شهادة الأستاذ محمد بدوي خبير اللغة العربية بوزارة التربية (الذي تم اعتقاله مع بعض خبراء التربية الإسلامية والتاريخ الإسلامي وذلك بعد نقدهم لمركز تطوير المناهج الأميركي وفضحهم لدوره.

هـ) شهادة الدكتور عبد المقصود سُلقامي: وهو خبير التربية الإسلامية،والذي ورد في تقريره للمسؤولين: «هذه الكتب الخمسة (كتب التربية الإسلامية) اشترك في تأليفها عشرون مؤلفاً ورغم ذلك تبدو في فكرها وأساليبها وفنونها وحتى في أخطائها كأنها من تأليف شخص واحد». وقد أحصى الدكتور سُلقامي 280 خطأ منها ما ورد عن الزكاة في هذه العبارة مثلاً والتي يقول فيها أب لابنه «تجب عليك الزكاة عندما تكبر وللزكاة نسب محددة توضحها كتب الفقه» واضح أن كاتب هذه العبارة لا يعرف أن مال الصغير تجب فيه الزكاة حتى لو كان صغيراً.

و) وشهادة الأزهر: الصادرة في تقرير في 08/03/1992 وهو تقرير طويل يركز على عدة جوانب منها:

«الكم الخاص بالقرآن الكريم قليل ولا توجد شروح أو أفكار حول النصوص، والكم الخاص بالحديث الشريف قليل، والكم الخاص بالسيرة النبوية قليل… والكتاب طبعة 92/1993 في صورته الحالية به تصور واضح ويرجى معالجة أوجه القصور هذه بكل دقة».

وفي آخر الكتاب ورد تعريف موجز عن منظمة تدعى «منظمة الإسلام والغرب» يقول المؤلفون في هذا التعريف:

«هي منظمة عالمية مشبوهة من منظمات العمق المستترة التي تعمل على إفساد المناهج الدراسية بالبلاد الإسلامية، وبخاصة مناهج التاريخ والدين، ويعتبر مركز تطوير المناهج الأميركي ليس إلا واجهة، وهذه المنظمة يرأسها اللورد كارادون الممثل السابق لبريطانيا في «الأمم المتحدة» وتتكون من 35 عضواً منهم عشرة أعضاء من المسلمين وخمسة وعشرون عضواً من الغرب والصهاينة وهم من أعلى المستويات التعليمية والسياسية مثل: هاريسون برادن وهو من أبرز علماء الذرة في العالم وهو أميركي، وكان رئيساً لأكاديمية العلوم الأميركية، وهارولد بيلي، وكان سفيراً لبريطانيا في القاهرة، وأيضاً ممثلان للفاتيكان وغيرهم، ومن أعضائها أيضاً د. فتحي سرور، وقد نشأت هذه المنظمة في البداية تحت رعاية اليونسكو سنة 1977 كما صدر دستورها في 03/10/1979 وعنوانه: (مراجعة كتب تدريس التاريخ والدين بوصفها السبيل إلى تفاهم أفضل بين الإسلام والغرب)، وقد جاء في صفحة 7 من هذا الدستور:

(إن مؤلفي الكتب المدرسية لا ينبغي لهم أن يسمحوا لأنفسهم بأن يصدروا أحكاماً على القيم سواء صراحة أو ضمناً كما لا يصح أن يقدموا الدين على أنه معيار أو هدف) وورد أيضاً (يلزم فحص الكتب الدراسية التي قامت بتقديم الظاهرة الدينية على أن يقوم بذلك علماء من مختلف التخصصات وكذلك أعضاء من أصحاب العقائد والأخرى وكذلك اللادينيين) انتهت الفقرات المأخوذة من دستور هذه المنظمة أنظر ص33».       

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *