العدد 43 -

السنة الرابعة – ربيع الثاني 1411هـ، تشرين الثاني 1990م

مع القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُئُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا). (الإسراء 4 – 8)

نقرأ هذه الآيات الكريمة في هذا الوقت الذي يعيث فيه اليهود فساداً في أرض الأقصى وفيما حوله من الأرض المباركة. وتركز على قوله تعالى: (وإن عدتم عدنا).

المفسرون القدامى مجمعون على أن المرتين من إفساد اليهود مضتا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم:

قال الشوكاني في تفسيره (فتح القدير): (لتفسدن في الأرض مرتين). المراد بالأرض ارض الشام وبيت المقدس، وقيل أرض مصر…. والمرة الأولى قتل شعياء أو حبس أرمياء أو مخالفة أحكام التوراة. والثانية قتل يحيى بن زكريا والعزم على قتل عيسى(.

وقال الطبرسي في (مجمع البيان) قولاً قريبا من هذا، وقال القرطبي في (الجامع لأحكام القران) قولا قريبا من هذا أيضا. وقال ابن كثير في (تفسير القران العظيم) قولاً  قريبا من هذا أيضاً.

وقال بعض المفسرين الجدد بان المرة الأولى من إفساد اليهود وعلوِّهم حصلت بعد نزول هذه الآيات، أي حصلت في أيام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فسلط الله عليهم هو وأصحابه وقد دخل المسلمون المسجد في أيام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقال هؤلاء المفسرون بان المرة الثانية التي تشير إليها الآيات من إفساد اليهود وعلوِّهم هي في هذه الأيام وإن الآيات الكريمة تخبرنا بأن المسلمين سيدخلون المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرة وسيدمر المسلمون اليهود وسيسوءون وجوههم.

وسواء أخذنا بأقوال المفسرين القدامى بان المرتين المشار إليهما قد انقضتا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم أو أقوال بعض المفسرين الجدد الذين يقولون بان المرة الأولى كانت أيام محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وبأن المرة الثانية لم تكتمل بعد وبوادرها قد ظهرت في أيامنا هذه؛ سواء أخذنا بالتفسير الأول أو الثاني قان قوله تعالى:  )وإن عدتم عدنا( لا يترك مجالاً للخلاف حول ما هو متوقع الآن.

قال الشوكاني )وإن عدتم عدنا( وإن عدتم للثالثة عدنا إلى عقوبتكم. قال أهل السِّير: ثم إنهم عادوا إلى ما لا ينبغي وهو تكذيب محمدصلى الله عليه وسلم  … فَجرى على بني قريظة والنضير وبني قَيْنُقاع وخيبر ماجر من القتل والسبي والإجلاء وضرب الجزية على من بقي منهم وضرب الذلة والمسكنة(.

قال الطبري: )وإن عُدتم عُدنا( معناه وان عدتم إلى الفساد عدنا بكم إلى العقاب لكم والتسليط عليكم كما فعلناه فيما مضى، عن ابن عباس، قالوا إنهم عادوا بعد الأولى والثانية فسلط الله عليهم المؤمنين يقتلونهم ويأخذون منهم الجزية إلى يوم القيامة(.

وقال القرطبي: )وإن عدتم عدنا( قال قتادة: فعادوا فبعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم فهم يعطون الجزية بالصغار، روي عن ابن عباس(.

وان كانت الآية الكريمة أخبرت عن إفسادهم وعلوهم مرتين ولكنها لم تحصر ذلك بمرتين فقط. ثم جاءت الآية الأخرى تشعر بأنهم سيعودون إلى الإفساد والعلوّ ليس مرة ثالثة فقط بل ربما تكون هناك مرات كثيرة. وقد توعدهم الله سبحانه بأنه سيعود إلى تسليط عباده عليهم كلما عادوا إلى الإفساد والعلو )كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله(.

ولاشك أن ما عليه اليهود الآن في فلسطين هو ذروة الغطرسة والعلوّ والإفساد، وهذا سيجرّ عليهم، دون أدنى ريب، ما توعدهم الله به من الخزي والذل. بل ربما تكون هذه نهاية اليهود ونهاية غطرستهم وفسادهم وعلوهم إلى قيام الساعة، لأن ذبح اليهود بأيدي المسلمين هو من علامات الساعة كما جاء في الأحاديث الصحيحة. «ستقاتلون اليهود فتقتلونهم حتى يقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فقتله»صلى الله عليه وسلم

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *