العدد 116 -

السنة العاشرة – رمضان 1417هـ – شباط 1997م

مفهوم الجماعة الشرعي

يختلط على كثير من المسلمين دلالة لفظ الجماعة، ولأهمية هذا المفهوم وخطورته، نحاول في هذا المقال تبسيطه وبلورته من خلال الوقوف على دلالاته في الأحاديث.

 

يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «من نزع يده من الطاعة فلا حجة له يوم القيامة ومن مات مفارقاً الجماعة مات ميتةً جاهلية [رواه أحمد]. ففي هذا الحديث الشريف ربط الرسول صلى اللـه عليه وعلى آله وسلم بين نزع اليد من الطاعة وبين مفارقة الجماعة، أي قرن بين ترك الجماعة وخلع البيعة واعتبر من يفعل ذلك فإنه يموت ميتةً جاهلية، كناية عن الحرمة الشديدة والإثم الكبير الذي يحيق بمفارق الجماعة.

 

ولو حاولنا فهم معنى الجماعة كما فهمها الصحابة رضوان اللـه عليهم لوجدنا أن الصحابة الكرام فهموا الجماعة على أنها المجتمع الإسلامي الذي عليه أمير وله على الناس الطاعة، أي أن الجماعة بمفهومهم هي مجموع المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية.

 

فعن تميم الداري قال: «تطاول الناس في البناء في زمن عمر فقال عمر: يا معشر العرب الأرض الأرض، إنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة ولا إمارة إلا بطاعة، فمن سوّده قومه على الفقه كان حياةً له ولهم، ومن سوّده قومه على غير الفقه كان هلاكاً له ولهم». فبنى عمر رضي اللـه عنه الإسلام على الجماعة وبنى الجماعة على الإمارة وبنى الإمارة على الطاعة، أي أنه اعتبر أن لا إسلام فاعلاً إلا بجماعة عليهم أمير وله الطاعة، ثم بين نوع الطاعة فقرّر أن الطاعة الصحيحة لا تكون إلا لأمير أمّره قومه على أساس الفقه لا على أساس الشخص باعتبار منزلته أو مكانته أو انتسابه أو أي اعتبار آخر.

 

ومثل نزع اليد من الطاعة نزعها من البيعة فالرسول صلى اللـه عليه وآله وسلم يقول: «ومن مات وقد نزع يده من بيعة كانت ميتته ميتة ضلالة». [رواه أحمد].

 

فمفارقة الجماعة تقتضي نزع اليد من الطاعة ومن البيعة، ولزوم الجماعة يقتضي وجود البيعة في عنق المسلم والطاعة لمن بويع.

 

هذا إذا كان هنالك جماعة، أي إذا كان هنالك مجتمع إسلامي ودولة إسلامية، أما إذا فقدت الجماعة، أي فقد المجتمع والدولة فالواجب الشرعي هو إيجاد الجماعة أي إيجاد المجتمع والدولة.

 

والرسول e يقول: «من مات بغير إمام مات ميتةً جاهلية» [رواه أحمد]. وهذا يعني العمل على إقامة الإمام الذي بإقامته توجد الجماعة، أي توجد الدولة ويوجد المجتمع.

 

أحمد الخطيب- القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *