العدد 361 -

السنة الواحدة والثلاثين – صفر 1438هـ – تشرين الثاني 2016م

ســوريا وأســرار صفقــة كيري – لافروف!

ســوريا وأســرار صفقــة كيري – لافروف!

أعلن وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا في ٩ سبتمبر ٢٠١٦م عن توقيع اتفاق بخصوص سوريا. وقد تم إطلاق اسم صفقة الفودكا والبيتزا على ذلك الاتفاق بعد أن قام لافروف بإحضار العديد من فطائر البيتزا إلى ‏الصحفيين إضافة إلى زجاجتين من الفودكا قائلًا: «البيتزا من ‏الوفد الأميركي والفودكا من الوفد الروسي».

إلا أن أهم بنود ذلك الاتفاق بقيت سرية. وقد رفضت أميركا مرارًا الكشف عن تلك البنود! لكن المتتبع للأحداث التي جرت عقب ذلك الاتفاق يجد أنه لم يعد ثمة داع لإحراج أميركا كي تكشف عن البنود السرية. فقد بات واضحًا أنها صفقة تُخلي الطريق أمام روسيا لتستعمل أكثر أسلحتها فتكًا لسحق ثورة الشام وفرض الاستسلام الكامل على كل من يقف عقبة أمام التسوية الأميركية في سوريا.

لقد بذلت أميركا كل ما أمكنها خلال الأعوام الخمسة الماضية لإنهاء ثورة الشام، فغضت الطرف عن تخطي النظام كافة الخطوط الحمراء التي رسمتها له، كتهديدها بالتحرك ضده في حال استعمل الأسلحة الكيماوية، ليستعملها مرة تلو أخرى وما يزال يفعل، وجل ما فعلته هو مسرحية هزلية لذر الرماد في العيون فسحبت المخزون الاستراتيجي من تلك الأسلحة، فيما تركته يلقي البراميل المفخخة فوق رؤوس الأهالي بلا توقف على مدار سنين. بل إن الناظر إلى أبعاد سحب ذلك المخزون من النظام السوري يدرك أن أميركا فعلت ذلك بعد أن صار وضع النظام مضعضعًا وآيلًا للسقوط، بالتالي قامت بأخذه لضمان عدم استيلاء الفصائل المسلحة عليها في حال سقوطه، لا سيما مع احتمال استعماله من قبل بعض تلك الفصائل ضد وليدها المسخ (إسرائيل).

كذلك غضت أميركا النظر عن إمدادات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له للنظام السوري على مدار أعوام، لكنها لم تكن كافية لإيقاف الثورة، بل لقد تم استنزاف كثير منها، لدرجة أن رأس النظام بشار الأسد نفسه أعلن صراحة على الملأ قلة العديد لديه واضطراره للانسحاب من مناطق أقل فائدة لاضطراره الحفاظ على مناطق أخرى أكثر أهمية، فظهر عجزه وبات نظامه مهددًا بشكل جدي. لذلك قامت أميركا بفتح أبواب سوريا أمام التدخل الروسي لإسناده بذريعة إيجاد تهدئة وعقد تسوية، فيما قامت منذ اليوم الأول بشن هجمات شرسة ضد المعارضة المسلحة بكافة أطيافها. لكن الفصائل تمكنت من استيعاب الضربات الجوية الروسية واستمرت بالتصدي لقوات النظام وأتباعه، ولم تكن الضربات الجوية كافية لإخضاع الثورة، لهذا قامت أميركا بعقد صفقة الفودكا والبيتزا مع روسيا لتطلق يد الدب الروسي، الذي أخذ يستقدم المزيد من الجنود والعتاد والأسلحة المتطورة، وأخذ يضرب في كل مكان من سوريا، مع التركيز على تدمير حلب ومسحها عن الخارطة على نحو ما فعل في العاصمة الشيشانية غروزني، لفرض استسلام مذل على أهل الشام، ورفع الراية البيضاء بلا قيد ولا شرط، وتقديمها مثالًا لكل من يريد أن يستمر بالثورة على نظام الأسد.

بهذا لم يعد ثمة داعٍ لكشف البنود السرية من صفقة المجرمين لافروف وكيري، فهي واضحة لكل ذي بصيرة. إنهم يريدون استئصال شأفة الثورة على النظام المجرم، الذي لم يكتف بما فعلت يداه، بل استقدم كل ذي ناب لينقض على هذا الشعب الأبي الكريم. إن هذه الحقيقة تضع الجميع أمام الحقيقة. إن أميركا عدو تمامًا كروسيا، بل هي أس الداء وسبب البلاء فيما يصيب أهل الشام. فهل يصح بعد هذا اتخاذها صديقًا أو حليفًا؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *