العدد 76 -

العدد 76- السنة السابعة، صفر 1414هـ، الموافق آب 1993م

الإسلام والديمقراطية

معتز صوالحه ـ الأردن

بلاء المسلمين بالديمقراطية في الأردن بلاء ما بعده بلاء وفتنة ما بعدها فتنة، فقد ابتلى المسلمون في الأردن بنظام الديمقراطية الذي فرض عليهم فرضاً وأجبروا عليه إجباراً، فأخذ دعاة الإسلام في هذا البلد بعد أن فقدوا التصور والوضوح لكليات الإسلام وجزئياته وبعد أن فقدوا المنهجية السليمة الشرعية في التعامل مع الأنظمة الحاقدة المتآمرة على الإسلام ودعاته، وبعد أن فقدوا المرتكزات والثوابت الشرعية والمبدئية وبعد أن فقدوا ما هو أكبر وأعظم من ذلك كله وهو تقوى الله، نقول: بعد أن فقدوا كل ذلك ـ أخذوا يوفقون بين الإسلام والديمقراطية، ويقولون بأن الديمقراطية من الإسلام، ويصرون على الدمج بينهما رغم التناقض بين هذين المبدأين، فالديمقراطية نظام كفر غربي من صنع البشر يؤمن بالحرية العقيدة والحرية الشخصية وحرية الرأي والتملك وتجعل الحكم للشعب وما يراه. أما الإسلام فهو نظام إلهي من الله الواحد القهار نزل من فوق سبع سماوات لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يحرم على الإنسان أن يعتقد عقيدة غير عقيدته أو أن يقوم بأفعال غير منضبطة بأحكامه أو أن يمتلك بغير الطرق المشروعة أو أن يبدي رأياً مخالفاً لما جاء به، والسيادة فيه للشرع لا للشعب والسلطان للأمة.

فلماذا هذا الخلط إذن، وهل الإسلام بحاجة إلى الديمقراطية أو إلى القومية ليصبح نظاماً مكتملاً صالحاً للبشر؟ أمل ينزله الله كاملاً غير منقوص: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ألم ينزله مفصلاً ومبيّناً لكل شيء (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) ألم يُقِمْ الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون من بعده بالإسلام والإسلام وحده دولة دان لها العرب والعجم امتدت وحكمت العالم ثلاثة عشر قرناً؟ فلماذا إذن هذا الدمج وهذا المزج بين هذين النظامين المتناقضين في المظهر والجوهر، وهل هناك من دافع يدفعكم أيها الدعاة إلى هذا الخلط والربط؟. فيا دعاة الإسلام إن كنتم حقاً تريدون الإسلام فعودوا إلى رشدكم واطلبوا المغفرة من خالقكم واتركوا التشبث والتعلق الذي لا مبرر له بالديمقراطية وغيرها، وعودوا إلى إسلامكم تجدوا فيه البلسم الشافي، واقتبسوا من نوره طريق دعوتكم التي سار عليها محمد حبيبُنا عليه وآله الصلاة والسلام، والتي لن تجدوا غيرها طريقاً لبلوغ هدفكم، علّنا نستأنف حياة إسلامية ونعيد مجد الخلافة الراشدة والدولة القادرة على سحق الكفر وأعوانه ونشر الإسلام في ربوع العالم ليعم الخير والرحمة والنور (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *