العدد 72 -

العدد 72- السنة السادسة، شوال 1413هـ، الموافق نيسان 1993م

نصيحة إلى الفاتيكان

 تكثفت في الآونة الأخيرة مساعي الفاتيكان بشأن لبنان، فقد بعث الكردينال سلفستريني إلى لبنان في الفترة (8 ـ 14) آذار 93. ثم بعث توران وزير خارجية الفاتيكان في آخر آذار. ويشرف الفاتيكان على أعمال المؤتمر (السينودس) الذي يستغرق الإعداد له سنوا. وقالوا بأن البابا سيزور لبنان. وبعد عودة توران إلى الفاتيكان نقلت أوساطه أنه اطلع على معلومات «مثيرة للاهتمام» بشأن لبنان، وأنه أرسل بأسئلة محددة إلى الإدارة الأميركية ويريد أجوبة محددة، وأنه مستعد للذهاب إلى أميركا لهذه الغاية لأنها «تستحق المقابلة والدرس».ونقلت أوساط الفاتيكان أن من أهم الموضوعات التي يُعنى بها البابا في هذا الوقت الذي تجري فيه مفاوضات السلام بين اليهود والعرب هي لبنان والقدس.

ومن بين الأسئلة التي طرحتها وثيقة (السينودس) في 25/ 03/93 التي تضمنت 72 سؤالاً والتي أُعلِنت من لبنان والفاتيكان:

هل توافق على أن حضارة الشرق العربي هي تراث مشترك بين المسيحيين والمسلمين؟

هل من المستحسن إظهار التراث العربي المسيحي؟

هل تبررون قول البابا بدعوة لبنان التاريخية وبقوله إن لبنان قيمة حضارية ثمينة؟

أية أهمية إنسانية للبنان تعطيها عودة كل مهجري الحرب؟

ما هي برأيك المجالات التي يجب أن تكون للتعاون بين جميع اللبنانيين؟

كيف تنظرون إلى ظاهرة الهجرة المسيحية من الشرق ومن لبنان خصوصاً؟

التحركات كثيرة والأسئلة كثيرة ولكن المقصود واحد، وهذا الواحد يتلخص فيما يلي:

يرى الفاتيكان كما ترى فرنسا وبعض الجهات الأخرى أن الحكم في لبنان لم يعد في يد النصارى (الموارنة) كما كان، ويرون أن عدداً كبيراً من النصارى هاجر إلى خارج لبنان ولا يريدون العودة. ويخافون إن استمر الأمر واستقر على ذلك أن يفلت لبنان من أيديهم إلى الأبد، خاصة وأن المفاوضات بين إسرائيل والعرب قد تُوصِل إلى صياغة جديدة للمنطقة ويتوطن الفلسطينيون في لبنان بدل النصارى. هذا وجه من المسألة التي تقض مضجع الفاتيكان.

أما الوجه الآخر من المسألة نفسها فإن الفاتيكان ودول الغرب ترى أن البلاد العربية والبلاد الإسلامية تغلي الآن بالمشاعر الإسلامية، وأن المدّ الإسلامي والصحوة الإسلامية في تصاعد. ويخشى النصارى المقيمون في البلاد الإسلامية من وصول الحركات التي يسمونها أصولية إلى الحكم، ويخشون الاضطهاد عند ئذٍ أو دفع الجزية فيفضلون الهجرة من الآن.

وبذلك نكون قد أجبنا عن السؤال الأخير في وثيقة السنودس، وهو الذي يختصر كل الوثيقة وكل الاهتمامات الفاتيكانية في هذا الحقل.

ونصيحتنا المخلصة للبابا وأتباعه هي قول الله تعالى: (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).

ولكنّا نعمل أنكم لا تقبلون هذه النصيحة التي نريد لكم فيها الخير كما نريده لأنفسنا. فإذا أبيتم هذه فهناك نصيحة أخرى لعلكم تقبلونها:

1- بخصوص لبنان المفروض أن تعترفوا أنه جزء من بلاد الشام وبلاد الشام جزء من البلاد الإسلامية، ونصارى لبنان هم جزء من المواطنين مثلهم مثل بقية النصارى في بلاد الشام ومثل بقية النصارى في البلاد الإسلامية، لهم ما للمسلمين من الإنصاف وعليهم ما على المسلمين من الانتصاف. ويجب أن تكفوا عن العمل لجعل لبنان تابعاً للغرب، أو لجعل السلطة بيد النصارى (الموارنة). ويجب أن تنصحوا النصارى أن لا يعودوا إلى غلطتهم المميتة حين تعاونوا مع اليهود سنة 82 وساعدوهم على احتلال لبنان وبيروت. وإذا كنتم حريصين على العيش المشترك بالتفاهم والتعاون بين المسلمين والنصارى لماذا لم تنصحونهم سنة 82، ولماذا لم تستنكروا موقفهم حين وقفوا علناً ضد مواطنيهم المسلمين مع العدو اليهودي الذي جاء يحتل ويدمر العاصمة؟

2- بخصوص القدس يجب أن تُقلعوا عن مسألة تدويلها. إسرائيل ترفض التدويل كي تبقى القدس تحت سلطتها وحدها. والفاتيكان يطالب بالتدويل من أجل أن يكون له حصة في النفوذ. والحق هو أن القدس جزء من البلاد الإسلامية مثل سائر فلسطين. اليهود مغتصبون واغتصابهم لا يصبح شرعياً ولو اعترفت به هيئة الأمم. ولا يصبح شرعياً ولو اعترفت به هيئة الأمم. ولا يصبح شرعياً حتى لو اعترفت به هيئة الأمم. ولا يصبح شرعياً حتى لو اعترفت به الدول العربية أو اعتراف أهل فلسطين أنفسهم. ذلك أن فلسطين أرض خراجية بموجب الشريعة الإسلامية وهي ملك لبيت مال المسلمين، وأهلها يملكون منفعتها فقط ولا يملكون رقبتها، فضلاً عن أن قسماً كبيراً منها هو أوقاف إسلامية.

اليهود مغتصبون لفلسطين وهم أعداء للمسلمين، ووجودهم في فلسطين وجود مؤقت وعابر. وسيُقضى عليهم بالحرب. وهذه حقيقة نحن نراها وأنتم تستطيعون رؤيتها إذا أنعمتم النظر. الصليبيون رغم مكوثهم الطويل طُردوا آخر الأمر. فلا تغرنكم بهارج المفاوضات والاستعدادات للصلح والسلام.

3- بخصوص الوجود النصراني في البلاد الإسلامية، لا تقلقوا عليهم إذا قامت الدولة الإسلامية، فأموالهم وأعراضهم ونفوسهم وأديانهم وحقوقهم كلها تصونها الشريعة الإسلامية. والإسلام ليس فيه مكر أو خداع. ولكنْ عليكم أنتم في الفاتيكان وبقية دول الغرب أن لا تحرّضوهم ضد بلادهم ومواطنيهم. علماً بأن الحروب الصليبية السابقة كان باباوات الفاتيكان هم الذين يحرضون عليها ويعبئون لها.

نحن نرجح أنكم لن تقبلوا هذه النصيحة أيضاً بل ستقابلون مثل هذا الكلام بسخرية. وحين يجدّ الجِدّ ستقفون إلى جانب اليهود ضد المسلمين كما وقف جماعتكم في لبنان سنة 1982. وقوفكم هذا لن يحمي إسرائيل من الزوال، بل سيجرّ الوبال عليكم أنتم في عقر داركم في روما.

ونحن نسوق النص التالي وهو بمثابة إنذار لكم وبشارة للمسلمين. قال عبد الله بن عمرو بن العاص: «بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي المدينتين تُفتح أولاً أقسطنطينية أو رومية؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مدينة هرقل تفتح أولاً. يعني قسطنطينية» وقد تحقق فتح القسطنطينية بعد حوالي 800 سنة من صدور الحديث، وهم القسم الأول من البشارة، والأمارات تلوح بقرب تحقق القسم الثاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *