العدد 92 -

السنة الثامنة – رجب 1415هـ -كانون الأول 1994م

«الذاكرة»

شعر: «أبو محمد»

إنَّ الجراحَ كُلِّها
.

محفوظةٌ بدقةٍ
.

لَدى حِسابِ الذاكرةُ
.

فالذبحُ والتجويعُ والتهجيرُ
.

كلُّ ذاكَ في حسابِ الذاكرةْ
.

¯ ¯ ¯

 كلُّ سرٍّ ذابَ في أصفادِهِ
.

كلُّ حِقدٍ أُكْرِهَ الصدرُ على إيوائِه
.

كلُّ عِشْقٍ دَخَلَ الخَفّاقَ مِنْ أبوابِهِ
.

كلُّ فِكْرٍ تخِذَ الليلَ مَعاشا
.

وفقير ٍ تخِذَ الأرْضَ فِراشاً
.

 كلُّ وَمْضاتِ الحياةِ الهامشيَّةْ
.

كلُّ ذُلّ صارَ زُهداً
.

لَفَّ قطعان الخِرافِ الآدَميَّةْ
.

كلُّ طفل مَزَّقَتْ دُنياهُ حَرْبٌ جانبيّةْ
.

كل عِلمٍ في حياتي

كلُّ إثمٍ
.

 كلُّ كَبْوَةْ، كل غَفْوَةْ
.

كلُّ هذا في سُجونِ الذاكرةْ.
.

شئْتُ أن أنسى ولكنْ
.

حاصرتني الذاكرةْ
.

¯ ¯ ¯

كلُّ شَرْخٍ قَصَّ جسمَ المسلمينْ
.

فتَّتَ الأعضاء رأساً ويَدَيْنْ
.

كلُّ سُمّ دُسَّ في أكلِ الأمينْ
.

كلُّ خَوّانٍ على مَرّ السنين
.

طَعَنَ الأمّةَ في الظهِر
.

وَفي أعْلى الجَبينْ
.

كلُّ عَهد نَقَضَتْ أشراطَهُ
.

أبناءُ خنزيرِ وَقِرْدٍ وَلعينْ
.

كلُّ حَمْلاتِ الصليبْ
.

نحوَ أرض المسلمينْ
.

تَبتغي تغييرَ نَهجِ التابعينْ
.

كل مُفْتٍ كَتَبَ الفتوى
.

لِتَثْبيتِ عُروش الساقطينْ
.

باع دين الحقّ لقْيا
.

دُنيا قَوْمٍ آخرينْ
.

كلُّ أنيابِ الجيوشِ الكاسرةْ
.

 كل هذا في سُجونِ الذاكرةْ.
.

شِئْتُ أن أنسى ولكنْ
.

 حاصَرَتني الذاكرة
.

¯ ¯ ¯

كلُّ تَوْقيعٍ لِبَيْعِ المسجدِ الأقصى
.

وَتَضْييعٍ لأرضِ المهدِ والمسرى
.

وتَقتيلٍ لجميعٍ قال لا أرْضى
.

بحكم الذات أوْ مِسْخٍ من الدَوْلاتْ
.

لعبدِ اللاّتِ والعُزّى
.

لا أرضى بغيرِ الحُكمِ بالقرانِ
.

لا أرضى
.

لا أرضى بأن أنْسى وَلَنْ أنسى
.

حَرائِرَ أُمَّةٍ غُصبِتْ بأنْدَلُسٍ
.

وَلَنْ أنسى صَليبَ الحِقْدِ في موستارَ
.

أوْ تُزْلى
.

لَنْ أنسى صليبَ الحِقْدِ في الأقصى
.

أوْ ربُوعاً حَوْلَ أرضِ النّاصِرَةْ
.

كلُّ هذا في سجونِ الذاكرةْ.
.

شِئْتُ أن أنسى ولكن
.

حاصرَتني الذاكرة
.

¯ ¯ ¯

شئتُ أنْسى كلَّ تِلك الذكرياتْ
.

شئتُ أنسى كلَّ زيفٍ
.

دَهَنَ الحقَّ بمُنْكَرْ
.

جَعَلَ البيعَ لِقُدْسٍ وَليافا
.

فَتْحَ خَيْبَرْ
.

نَصْرَ حِطّينٍ
.

وَلكنْ ليسَ يُنظَرْ
.

جَعَلَ التطبيعَ أمراً واقِعياً
.

وجهادَ الكُفرِ أُمِّ المنكراْ
.

صِرْتُ مُرتاباً بنفسي
.

عندما أصبحَ قولُ الحقِ كُبْرى الشائعات
.

يالزّيفٍ
.

جَعَلَ الدجّالَ يَرْقى فوقَ مِنْبَرْ
.

جَعَلَ القرآنَ سِفْرَ الماضياتْ
.

وَدساتيرَ الشعوبِ الكافِرةْ
.

فُرآناً مُطَهَّرْ
.
.

نَصَّبَ المخبولَ سلطاناً
.

وقال:
.
.

عبقريٌّ فارِسٌ بل هو حَيْدَرْ
.

هو سِرُّ الكائناتْ
.

 هو لَولاهُ لَعِشْنا في أتونِ الظلماتْ
.

 هو ضوءُ الشَّمس قَد ضاء عَلَيْنا
.

هو ذاكَ النفطُ دَفّاقٌ بِكُلِّ الأُعطياتْ
.

يالَزَيْفٍ
.

كُذّبَ الصادِقُ فيهِ
.

صُدّقَ الكاذبُ فيهِ
.

 شَكَّكَ الناسَ بأمِّ المعجزاتْ
.

شَكَّكَ الناسَ بأمْرِ الآخرةِ
.

شِئْتُ أن أنسى ولكن
.

حاصَرَتني الذاكرة.
.

¯ ¯ ¯

شِئْتُ أنسى كُلَّ آلامي
.

وَلكِنْ
.

شِئْتُ أن أنْزعَ ما في القلبِ
.

مِن ظَهْر وَباطِنْ
.

شِئْتُ أن أفْجُرَ ذاك الاحتقانْ
.

شِئْتُ أن أنْزعَ سَرْجَ أنعامِ الرّهِانْ
.

شِئْتُ ولكنْ…
.

لكن القلبَ محاطٌ بالرَّصَدْ
.

آهِ من طولِ الأمَدْ
.

صَبَغَ النَّفْسَ  وَروحي بالكَمدْ
.

 جَعَلَ العابثَ يَمْشي الخُيَلاءْ
.

وَقطيعُ الضُّعفاءْ
.

 تَرَك التكليفَ أخذاً بالقضاء.
.

صَدَقَ المبعوثُ في أمْرِ السَّماءْ:
.

«فاضَت الأنهرُ طِيباً
.

وعَلا في الأرضِ مَنْسوبُ الغُثاءْ»
.

آهِ يا قدسُ وَيا أُختَ قِباء
.

آهِ يا أقْصى ويا حِبَّ السَّماء
.

آه مِنْ هذي الأمورِ الدائرِةْ
.

شِئْتُ أن أنسى ولكنْ
.

حاصرَتني الذاكرةْ.
.

¯ ¯ ¯

آهِ قُفْلَ الذاكِرَة لَوْ تَفْتَحِ الأبوابَ
.

إنّي مُتْعَبٌ
.

فًالكلُّ في زَبَدِ الحياةِ لَعائمونْ
.

والأكثرونَ عَن الصرِّاطِ لَناكبونْ
.

لاهُونَ في دُنْيا المتاعِ وَهائمونْ
.

وَسيوفُ جُتْدِ الحقِّ أعياها السكونْ
.

أغْفُ يا أقصى
.

فَإنّا نائمونْ
.

أغفُ واخْتَزِلِ الزِّمَنْ
.

فَإنّا عاتِيونْ
.

لا تَكُنْ مثلي أسيرَ الذاكرةْ
.

قَتَلَتْني الذاكرةْ
.

قَتَلَتْني كلُّ أنواع الحروبِ الخاسرةْ
.

قَتَلَتْني صورٌ من قَلب تِلْكَ المجْزَرَةْ
.

قَتَلَتْني أضْلُعي بِحرْصِها
.

تُحيطُ سِجْنَ خافقي كالإسْوَرَةْ
.

يا مِشْرَطاً يَخلعُ قُفْلَ الذاكِرة
.

يا عِزَّةَ تَفُكُّ أسْرَ مَسْجِدٍ
.

وَتَفتحُ الأبواب نَحْوَ الآخِرَةْ
.

يا لَيْتَ يا أسيرُ أغْفو وَهلةً
.

فَتُفارقُ السكّينُ غِمْدَ الخاصرَةْ
.

يا لَيْتَ يا أسيرُ أخْتَزلُ الزَّمَنْ
.

فَتَمُرُّ أيامي مُرورَ الخَاطِرَةْ
.

سَوْفَ أبْقيك يا أقْصى
.

عِنْدَ قَلْبِ الذكِرَاةْ
.

فَعلى الكُفّار يوماً سَتَدورُ الدائرةْ
.

هذا الغَمامُ زائلٌ
.

وَبَعدَها يَكونُ للإسلامِ
.

أيْدِ قادِرَةْ ¨
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *