العدد 310-311 -

السنة السابعة والعشرون ذو القعدة وذو الحجة 1433هـ، تشرين الأول وتشرين الثاني 2012م

العالم الإسلامي ينفجر في وجه أميركا بسبب الفيلم المسيء للإسلام فيما يأمل زعماء تيار «الإسلام المعتدل» عدم تأثير ذلك على العلاقة مع أميركا!

بسم الله الرحمن الرحيم

العالم الإسلامي ينفجر في وجه أميركا بسبب الفيلم المسيء للإسلام

فيما يأمل زعماء تيار «الإسلام المعتدل» عدم تأثير ذلك على العلاقة مع أميركا!

تظاهر المسلمون في أنحاء مختلفة من العالم منددين بالولايات المتحدة بعد عرض الفيلم المسيء للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام المسمى «براءة المسلمين»،وخُصّت أميركا بالاحتجاجات على اعتبار أن الفيلم منتج فيها وبالتالي تتحمل مسؤولية السماح به والترويج له قبل أي طرف آخر. وقد بدأت التظاهرات في عواصم ومدن ما يسمى دول الربيع العربي، مصر وتونس وليبيا واليمن، ثم ما لبثت أن توسعت لتشمل أماكن تواجد المسلمين في الغرب والشرق.

وقد أدين هذا الفيلم عربياً وإسلامياً ودولياً، إلا أنه لوحظ كذلك التنديد بردة الفعل الغاضبة والعنيفة التي أظهرتها الجماهير المسلمة. تمثّل هذا التنديد بشكل صفق على لسان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بقولها “لقد انتقلت دول الربيع العربي من ديكتاتورية الفرد إلى ديكتاتورية الغوغاء” تبعها في ذلك زعماء التيار المصنَّف بـ”الإسلامي المعتدل”، إذ اعتبر الرئيس المصري محمد مرسي أن الفيلم المسيء للإسلام “يحول الانتباه عن المشاكل الحقيقية في الشرق الأوسط مُندداً في الوقت نفسه بأعمال العنف التي أثارها في المنطقة”. فيما اتهم راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحكومي في تونس بعض المحتجين بأنهم “أشرار” استغلوا الاحتجاج على الفيلم المسيء للرسول وللإسلام، وأنهم لا يهدفون إلى الاحتجاج الديني والسياسي، وإنما اغتنموا الفرصة للحصول على منافع محرمة شرعاً. وحث “الشباب المسلم على أن يحفظ السفارات الأجنبية معتبراً أن الاعتداء على السفارة الأميركية هي إرادة سيئة وإرادة مجرمة ديناً وقانوناً وخلقا”.وذهب الغنوشي إلى حد القول بأن “الهجوم على السفارة الأميركية هو عدوان على تونس وعلى ثورتها وصورتها”.

 كذلك أعرب خيرت الشاطر (نائب المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر) عن تعازيه للشعب الأميركي بمقتل سفيرها كريس ستيفنز والأميركيين الثلاثة الآخرين في الهجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية، متمنياً “أن تكون العلاقات التي سعى الأميركيون والمصريون لبنائها خلال الشهرين الماضيين قادرة على تجاوز هذه الأحداث”.

ولأهمية هذا الحدث وتداعياته، نتوقف معه ضمن مفاهيم أساسية تحكم الموضوع، حتى تبقى المقاييس الصحيحة هي السائدة في زحام فوضى ردود الأفعال والأفعال المضادة والتنديدات والتنديدات المضادة.

أولاً: يُعدالفيلم المذكور اعتداء جديداً مقززاً على الإسلام والمسلمين على كافة المستويات، وقد اعتبره من شاهده (حتى من غير المسلمين) مسيئاً ومثيراً للتقيؤ والغثيان. لكن ما يثير في هذا الإطار هو أن الحدث المثار حالياً ليس أمراً عابراً، إذ إنه يأتي في سياق تكرار ممجوج لهذا النموذج البشع من الإساءات – بل وازدياد حدته ووقاحته وبذاءته في كل مرة. فهذا الاعتداء الآثم يأتي منسجماً مع جملة متلاحقة من المواقف والسياسات التي “أشبعت المسلمين إهانات ولطمات، فتارة رواية، وتارة ثانية رسوم كارتونية، وثالثة حرق كتابهم المقدس، ورابعة التبوّل على جثامين قتلاهم وشهدائهم، وخامسة احتلال أراضيهم، وسادسة دعم تهويد المسجد الأقصى، وسابعة الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة غاصبة محتلة فاجرة” إلى ما لا يمكن حصره من أحداث، تشترك جميعها في تحقيق مخطَّطٍ خبيث واضح المعالم يتقصد تحطيم أمة الإسلام والنيل منها وجعلها رهينة لهيمنة الغرب ثقافياً واقتصادياً وسياسياً.

ثانياً: إن انفجار سُعار هذه الهجمة على المقدسات الإسلامية،جاء مترافقاً مع زيارة بابا الفاتيكان (البنديكتوس السادس عشر) إلى لبنان، رغم أن الفيلم نفسه قد تم إنتاجه منذ شهور طويلة، ومن المعروف أن البنديكتوس هذا تحديداً  كان له سابقة في تقريع الإسلام والحط من قدره والتهجم عليه إبان ذروة الحملة العالمية المزعومة للقضاء على الإرهاب. وقد برر هجومه آنذاك بأنه مجرد حديث «أكاديمي» مستند إلى اقتباس من حديث تاريخي للإمبراطور مانويل باليولوغوس الثاني، إمبراطور الدولة البيزنطية الأرثوذكسية في القرن الرابع عشر. إلا أن هذا الادعاء الأكاديمي متهافت، وهو في حقيقته مجرد محاولة من البابا للاختباء وراء تصريحات غيره، وإلا فلماذا لم يقم بنقض ما نقله حينها من أقوال شنيعة، ولماذا يأتي بشواهد من ألد أعداء الإسلام والمسلمين تؤجج المشاعر العدوانية ضدهما! ومما نقله حينها على لسان الإمبراطور «أرني ما الجديد الذي جاء به محمد، وعندها لن تجد إلا ما هو شرير ولا إنساني» – ]ﭙ ﭚ  ﭛ  ﭜ   ﭝﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ[.  إضافة لهذا فإن البنديكتوس قام بتعميد المرتد مجدي علام الصحافي الإيطالي الجنسية المصري الأصل المثير للجدل، والذي أشاد بـ(إسرائيل) وتهجم على الإسلام،وألف كتابين “تحيا إسرائيل” و”صهيوني مسلم”. وقد منحته الحكومة (الإسرائيلية) جائزة “دان ديفيد” الصحفية وقيمتها مليون دولار.واللافت للنظر أن أحداً لم يطالب البابا بالاعتذار عما بدر منه، بل وتسابق المرحبون به. بل لم نرَ حتى بياناً يشجب زيارته أو دعوة لمقاطعة زيارته. فيما كانت المظاهرات في لبنان نفسه كما في غيره تهوج وتموج ضد أميركا والفيلم المسيء المنتج فيها، ما يعني أن السياسة تلعب دوراً هاماً في تأجيج موجة الاحتجاجات باتجاه دون غيره، وأن المسألة ليست احتجاجاً على كل من يسيء إلى الإسلام أو إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وإلا كان يتوجب أن يكون البابا هدفاً أساسياً لتلك الاحتجاجات لما يمثله من منصب وثقل في العالم الغربي! مما يكشف أن الاحتجاجات التي انتشرت كالنار في الهشيم في العالم الإسلامي تم تجييرها في اتجاه دون غيره (النيل من أميركا) ضمن الصراع الدولي على المنطقة بين أميركا وبين أوروبا.

ثالثاً: عندما وقع أمر مشابه منذ سنوات بخصوص الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من قبل صحفي دانمركي، كانت سياسات الدول العربية ودوائر فتواهم جاهزة للنيل من الدولة الدانمركية والدعوة لمقاطعتها ومقاطعة شركاتها، بعد أن حُمِّلت جريرة ما قام به ذاك الصحفي الأرعن. أما في الحالة الأميركية فقد سارعت الأنظمة العربية ومؤسسات الإفتاء والشخصيات المعتبرة إلى التفريق بين الدولة والشعب من جهة، وبين منتجي الفيلم والعاملين على ترويجه من جهة أخرى، وذهبوا إلى اعتباره عملاً فردياً لا يتحمل أحد مسؤولياته سوى القائمين المباشرين عليه.وهذا دليل على مستوى الضغط الأميركي لإيقاف الحملة الموجهة ضدها في العالم الإسلامي من خلال هذا الحدث.

رابعاً: إن اختباء الدول الغربية خلف ستارة حرية الرأي والتعبير اللتين يضمنهما القانون هي ذريعة سخيفة لا تنطلي على أحد، فكم عوقب مفكرون وباحثون لمجرد تشكيكهم بالمحرقة النازية ضد اليهود في المانيا إبان الحرب العالمية الثانية، من ذلك ما جرى مع الفيلسوف الفرنسي الشهير روجيه غارودي من عقوبة بالسجن لدحضه ادعاءات الصهاينة المبالغ بها بهذا الشأن،  تلك المحرقة التي استندت إليها الدعاية الصهيونية – بعد أن فرضتها الدول الأوروبية كحقيقة مسلم بها – لإثارة موجة تعاطف في الغرب مع اليهود لاحتضانهم وإقامة كيان لهم على أرض فلسطين. فأين كانت حرية الرأي والتعبير آنذاك في محاكمة ومطاردة هؤلاء الباحثين والمفكرين؟وكذلك أين كانت تلك الحريات التي يتبجح بها هؤلاء عندما فرضت فرنسا مثلاً على المرأة المسلمة خلع زيها الشرعي في المؤسسات العلمية والتعليمية بحجة علمانية الدولة؟ وأين كان القانون عندما منعت الحكومة البريطانية القضاء من متابعة ملف الفساد في صفقة اليمامة المرتبط برشاوى آل سعود وصفقات التسليح المشبوهة؟ ألم يتم نسف القضية برمتها وتجميد القانون بحجة حماية مصالح بريطانيا القومية؟!

يوضح ما سبق ذكره واقع الحدث والسياق الذي يجري فيه، مع التأكيد على أن الغضب لانتهاك حرمات الإسلام ومقدساته هو دليل عافية ودليل عِظم قيمة هذا الدين في نفوس المسلمين. إلا أنه يجب ملاحظة أن ردات فعل المسلمين ليست دائماً بنفس المستوى على الأحداث المشابهة، وتتأثر كثيراً بالتجييش أو التعتيم الإعلامي بهذا الاتجاه أو ذاك، وعلى هذه القضية أو تلك، فكثيراً ما تكون ردات الفعل تجاه حوادث معينة قوية وحازمة بل وعنيفة أحياناً فيما تمر حوادث أخرى مشابهة أو أشد سوءاً من غير أن تستثير أحداً! لهذا نرى لزاماً علينا أن نتوقف أمام مجموعة من الخلاصات التي تضيء الموضوع وتضبطه على النحو التالي:

أ- كان موقف قادة الأخوان في مصر وتونس مثيراً للذهول، فبدل أن يظهر هؤلاء غضبتهم لدينهم نحو هذه الإهانة البذيئة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويضعوا (بوصفهم حكاماً) حدا للدول الغربية المجرمة التي تزيد جرأتها يوماً بعد آخر بحق أمة الإسلام ومقدساتها، تراهم يسارعون في استرضاء أميركا وتبرئتها من مسؤوليتها تجاه هذه الجريمة البشعة ويضعونها في رقبة أفراد فقط، فيما يصبون جام غضبهم على الاحتجاجات التي قام بها المسلمون أمام السفارات الأميركية والتنديد بعنفيتها وهمجيتها. وقد بلغت حالة استرضاء الغرب هذه درجة ألغى معها الاخوان في مصر قرار المشاركة في التظاهرة الشاجبة للفيلم المسيء بعد أن أعلنوا عزمهم المشاركة فيها، في محاولة واضحة لاسترضاء الأميركان الذين يخوضون فترة اختبار مع حكمهم في المنطقة. مما يظهر حرص الإخوان على عدم تعكير صفو العلاقات مع الأميركان كي لا يؤثر ذلك على فرص احتفاظهم بالسلطة!

ب- إن الاقتصار على التفاعل العاطفي والعشوائي مع الأحداث التي تمس مقدسات الإسلام أمر خطر من شأنه تسهيل تجيير الاحتجاجات المرتبطة بهذا الشأن لصالح من لديه أجندات مسبقة، سواء محلياً أو دولياً. وعليه كان لا بد من التمعن في حقيقة الصراع في العالم الإسلامي نفسه، وتحديد ما يجدي من تحركات، والسير بها بشكل يحول دون قطف ثمار هذه الأعمال من قبل خصوم الإسلام والمسلمين، وما أكثرهم!.

ج- إن الغضب لانتهاك حرمات الإسلام ومقدساته يوجب الانسجام مع ما جاء به هذا الدين العظيم من أحكام. فمثلاً كيف يسوِّغ البعض الاحتجاج والتظاهر غضباً ونصرة للرسول صلى الله عليه وسلم، فيما تجده في الوقت نفسه يرفع رايات وشعارات تغضب الله ورسوله؟ وكيف يستقيم نداء البعض “لبيك يا رسول الله” و “إلاك يا رسول الله”، فيما تجدهم أعمدة للطواغيت؟ أو تجدهم مجافين أو خصوماً لتحكيم الشريعة، رغم أن الشرع أوضح بأن محبة الرسول تقتضي اتباعه ]قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ[ فضلاً على أن إجلال الرسول يقتضي أخذ أوامره ونواهيه استجابة لقوله تعالى]وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[. ومما أتى به هذا الرسول العمل لإقامة الإسلام في واقع حياة الأمة من خلال تحكيم شرعه ]فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[، وتوحيدها في كيان جامع هو دولة الخلافة، ونبذ العصبية العرقية والقومية والوطنية، والمفاصلة مع كل الأفكار الجاهلية والوضعية من مثل الدولة المدنية الديمقراطية التي تقصي الإسلام عن الحياة والدولة والمجتمع.

د- المفروض أن الواقع السياسي للأمة قد تغير (سيما في بلدان “الربيع العربي”)، بعد أن خلعت الشعوب حكاماً جبريين ونصبت حكاماً جدداً من خلال اختيارهم عبر صناديق الاقتراع، يفترض أنهم يمثلون توجهاتها ويحرصون على ضمان مصالحها، فيعادون من تعادي ويسالمون من تسالم! لهذا كان على الأمة التوجه بتلك الجموع الحاشدة إلى قصور الحكام لتحاسبهم على تقصيرهم في قلع سفارات الأعداء من بلادنا عوضاً عن الذهاب والتظاهر أمام تلك السفارات، كما كان الواجب على الأمة محاسبة حكامها الجدد على دورهم الفاضح والواضح في ترسيخ نفوذ دول تلك السفارات في بلادنا، بل ومحاسبتهم كذلك على اختصار الإسلام في شكليات وشعارات، فيما سياساتهم وممارساتهم هي نفس نهج النظم المخلوعة، سواء في استمرار التبعية للغرب أو تحكيم النظم الوضعية.

ه- إنّ هذه الأعمال وغيرها مما يقترفه الغرب بحق أمة الإسلام يشعر أننا ما زلنا دائرين في رحى الحروب الصليبية، تلك التي حاولت أوروبا من خلالها الهيمنة على مقدرات المسلمين من جهة، وترسيخ الكراهية والحقد تجاه إسلامهم من جهة أخرى للحيلولة دون انجراف الشعوب الأوروبية نحو الإسلام. تلك الشعوب الغارقة في عالم الماديات البائس مع غياب تصورات مقنعة لهم عن سبب وجودهم في الحياة، ما يسبب لهم حالة من الفراغ والشقاء المشبع بالإحباط والاكتئاب. لهذا كان الغرب عازماً وحازماً في خلق جدار بين شعوبه والإسلام كي يصدهم عن اعتناقهم له. وهو ما جاء صراحة على لسان جورج جاينزفاين السكرتير الخاص للبابا في مقابلة له مع مجلة سودويتشه تساينتوغ الألمانية (2007م) بقوله: “لا يجب إغفال محاولات أسلمة الغرب وأن الاحترام القائم على تصور خاطئ يجب ألا يكون الدافع لتجاهل الخطر المرتبط بذلك على هوية أوروبا”. كذلك قول ملكة الدانمرك الحالية (مارغريت الثانية) في مذكراتها عام 2005م “إنه من الضروري أخذ التحدي الذي يشكله الإسلام على محمل الجد، على الصعيد المحلي والعالمي .. تحد نحن مرغمون على أخذه على محمل الجد.. فيجب التصدي للإسلام، ويجب من حين لآخر أن نواجه مخاطر أن نوصف بأننا أقل مجاملة، لأن هناك بعض الأمور التي لا يمكن التسامح حيالها”. كما كرمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرسام الدانماركي كيرت فيسترغارد صاحب الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بتسليمه جائزة حرية الصحافة في ختام ندوة دولية حول وسائل الإعلام في برلين، وقد اعتبر المسؤولون عن الجائرة أن “فيسترغارد حصل على جائزة التقدير لالتزامه الراسخ بحرية الصحافة والرأي وشجاعته في الدفاع عن القيم الديمقراطية على رغم التهديدات بأعمال العنف والموت التي يتعرض لها”. كل هذا ومثله كثير يوضح أن العداء للإسلام والعمل على تأجيج الكراهية ضده هو سياسة رسمية وليست مجرد أحداث عابرة. وما التنطع والتشدق بحرية التعبير والإبداع إلا كذبة ممجوجة لتغطية المحاولات المتتابعة في ترسيخ الفجوة بين الإسلام والغربيين. وإلا لنتصور مثلاً مقارنة هذا التكريم لهذا وذاك من خصوم الإسلام، بردة فعل الغرب لو قام أحد من حكام المسلمين أو المؤسسات الرسمية بتكريم بعض من يروج لفكر تنظيم القاعدة ومنحه أوسمة التقدير، أي موقف للغرب كان ليكون آنذاك؟!

لذلك كله كان لا بد من التصدي لهذه الحملات المستهدفة للإسلام والمسلمين بكثير من الجد والوعي على أبعاد الصراع. أما إذا بقي الحال على ما هو عليه من ردود فعل عاطفية ارتجالية، فإنه يخشى أن تقضي شعوبنا حياتها تتظاهر أمام السفارات الأجنبية دون جدوى، فيما تتصارع دول الكفر عليها، وتجيرها لمصالحها. كما أن إساءات تلك الدول المباشرة وغير المباشرة للإسلام والمسلمين معنوياً ومادياً لم ولن تتوقف، وهي منهج متبع وليست سياسة طارئة أو استثنائية. وإن الثورات الحقيقية المنشودة هي تلك الثورات الجذرية والشاملة، التي تعيد للإسلام إشراقته من جديد، وللأمة سلطانها واستقلالها كأمة واحدة، وتعيد لها ثرواتها وكرامتها المهدورتين، وتضع حداً للنفوذ الغربي الاستعماري المتحكم بتفاصيل حياتنا، ولا يكون ذلك إلا بإقامة كيان الإسلام التنفيذي الشرعي ألا وهو:«دولة الخلافة الإسلامية».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *