العدد 98 -

السنة التاسعة – محرم 1416هـ – حزيران 1995م

وقائع سياسية

أجرى الرئيس مبارك لقاء مع مجلة ديرشبيجل الألمانية الصادرة في 29/05/90، ومما جاء في حديثه:

المجلة ما زالت إسرائيل يمكنها الاعتماد على أن أميركا تقف بجانبها، فلقد أعاقت واشنطن صدور قرار بإدانة عملية مصادرة أراضي في القدس، فاستخدمت الفيتو في مجلس الأمن الذي يعتبر الأول منذ عام 1990. فكيف كان وقع ذلك عليكم؟

مبارك: لقد أحزنني ذلك كثيراً. أميركا وقفت وحدها في مجلس الأمن ضد 14 دولة. إنني لا أفهم كيف أن واشنطن تنحاز بهذا الكل العجيب. لقد كان ذلك صدمة للعالم العربي كله.

المجلية: هل فقد أميركا بهذا الموقف مصداقيتها كوسيط نزيه في الشرق الأوسط؟

مبارك: لقد وضعتنا في موقف حرج للغاية.

المجلة: الجمهوريون يريدون نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.

مبارك: هذا هو تكتيك الانتخابات أيضاً في أميركا، ولكن الرئيس كلينتون لا يريد ذلك. ولكني أحذر: إذا حدث ذلك فهو بمثابة عبوة ناسفة. إن العالم سيعايش حينئذ اشتعال نار التطرف من كل نوع. إني أفضل ألا أرسم لكم الصورة أو الحالة التي أتوقعها.

المجلية: السيد الرئيس، هناك نوع ما من الأخلاق المزدوجة لدى الأميركيين أيضاً في عملية نزع السلاح النووي. إسرائيل يسمح ها بترسانة نووية سرية ليست عليها أي رقابة، في الوقت الذي ينبغي على العرب أن يوقعوا على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية بصفة أبدية!

مبارك: وفِّروا عليّ الحديث في مثل هذا الموضع المؤسف.

قبيل انتهاء الدورة البرلمانية لمجلس الشعب المصري في 10 يونيو 1995 أقبل المجلس على خطوة تكشف عن واقع النظام من حيث كونه فئة متسلطة أقرب إلى العصابات الإجرامية منها إلى سلطة حاكمة تقوم برعاية شؤون أمتها، فتم سن قانون يتعلق بالصحافة في فترة زمنية قصيرة للغاية لم تتعدد بضع ساعات، حتى لا تكون هناك أي فرصة لبناء رأي ضد هذا القانون الهمجي.

يقضي القانون بعقوبة السجن بحد أدنى خمس سنوات مع غرامة مالية تتراوح بين 10 إلى 20 ألف جنيه لكل من ينشر معلومات من شأنها الإضرار بالاقتصاد أو المصالح القومية، وبالسجن من عامين إلى خمسة أعوام مع غرامة مالية تتراوح بين 10 إلى 15 ألف جنيه لكل من ينشر معلومات يريد بها تجريح أو اهانة الشخصيات العامة أو مؤسسات الدولة، بالسجن لمدة عام مع غرامة مالية تتراوح بين 5 إلى 15 ألف جنيه لكل من ينشر أخباراً من شأنها توجيه إهانة أو تجريح للآخرين.

إضافة إلى ذلك تم إلغاء المادة 67 من قانون العقوبات، والتي كانت تنص على منع الحبس الاحتياطي للصحفيين.

ورغم أن الصحافة المصرية لم تخرج حقيقة عن الخط العام للنظام، ورغم أن نقدها في غالبه ليس مبدئياً، ولا يمس في العادة الشخصية المصونة لرئيس الدولة، ولا أسس نظام الكفر القائم في البلاد، إلا أن العصابة الحاكمة أقلقها كشف بعض الجرائم والفضائح التي ترتكب يومياً، خشية من ثورة الشعب.

تواجه الأمم المتحدة مع التحولات السياسية التي أعقبت انهيار المعسكر الشرقي صعوبات متعددة وفشلاً ذريعاً على كل المستويات، فإضافة إلى فشل بعثاتها ومهماتها من أجل “السلام” كالصومال والبوسنة، فإن منظماتها الأخرى تتعرض لحملات تشكك في جدواها، فقد جاء في تقرير لجنة الإدارة العالمية Comission of global Governance الذي قدم للأمم المتحدة، جاء فيه (إن التنمية الصناعة لم تعد الحل الوحيد للتنمية الاقتصادية في البلدان النامية)، ودعى التقرير لإغلاق منظمة اليونيدون [منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية] (لأن خدماتها لم تعد ذات أهمية لمتطلبات التنمية). أما المفتش العام للأمم المتحدة باشكه فقد دعا إلى إلغاء مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية واليونيدو. هذا بالإضافة للوضع المالي السيئ وتهديد أميركا بخفض إسهامها المالي والبالغ 31% من ميزانية الأمم المتحدة.

ويبدو أن أميركا تريد منع تحويل المنظمة إلى نادي للدول الكبرى تنظر فيه المسائل الدولية، حيث يتجه تفكير بعض الدول إلى اتخاذ الأمم المتحدة وسيلة لإحياء دورها في السياسة الدولية ومشاركة أميركا في رسم سياسة العالم، وهو ما ترفضه أميركا، فهي تريد أن تنفرد بالقيادة وبدور الدولة الأولى في العالم.

وقد كانت مبررات اتخاذ الفيتو الأميركي بشأن مصادرة الأراضي في القدس واضح فيها هذا الاتجاه، حيث قالت مادلين أولبرايت أن مجلس الأمن ليس محلاً لبحث هذه القضية، فهي لا تريد إشراك أحد في بحث هذه القضية الهامة، فدور الأمم المتحدة التي تريده أميركا ثابت وهو أن تكون أداة بيدها، وليس نادياً لمشاركتها في إدارة العالم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *