العدد 101 -

السنة التاسعة – ربيع الآخر 1416هـ -أيلول 1995م

بريد القراء: أكبر دعوة مفتوحة إلى الإسلام في بريطانيا

ورد للوعي كلمة للسيد عمر بكري محمد عضو حزب التحرير الإسلامي والمدرس بكلية الشريعة بلندن، حول اللقاء المفتوح للدعوة إلى الإسلام الذي عقد في ميدان الطرف الأغر في قلب لندن والذي نظمه أعضاء حزب التحرير، وأسفر عن إسلام 4 رجال و15 امرأة خلال اللقاء.

والوعي بدورها تنشر الكلمة كما وردت إليها.

لقد أوجب الله تعالى على نبي هذه الأمة الصدع بهذا الدين وتبليغه إلى كافة الناس ودعوتهم إليه، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)، وقال تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ). فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام، بغض النظر عن مكانتهم وأجناسهم وألوانهم وأعراقهم وأحوالهم الاجتماعية أو الاقتصادية، فقد روى البخاري ومسلم والواحدي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا، فجعل ينادي يا صاحباه، يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، يا بني عدي، يا بني لؤي، فاجتمع إليه بطون قريش فقال: يا صاحباه، فاجتمعت إليه بطون قريش فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا نعم، ما جربنا عليك إلا صدقاً. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تباً لك سائر اليوم ما دعوتنا إلا لهذا، فأنزل الله تعالى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ).

ولقد أدى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمانة وبلغ الرسالة  وأقام دولة الإسلام وحمله رسالة إلى العالم، وأوجب على أمته حمل الأمانة من بعده لتبليغها إلى الناس كافة بالنيابة عنه صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بلغوا عني ولو آية».

فاستجابة لنداء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وقف شباب حزب التحرير في بريطانيا مع حشد كبير من المسلمين في الساحة الرئيسية لمدينة لندن والمسماة بساحة الطرف الأغر، ودعوا بشكل مفتوح وبكل جرأة وصلابة وإيمان (كما دعا النبي وأصحابه ملك الحبشة إلى الإسلام) دعا حملة الدعوة من الشباب المسلم: ملكة بريطانيا وأسترها، ورئيس الوزراء، والوزراء، والنواب، وعامة الشعب البريطاني لاعتناق الإسلام، أو لدراسته من منابعه الصافية بعيداً عن النظرة الصليبية الحاقدة ضد الإسلام والمسلمين والتي كانت وما زالت تقودها دول الكفر كافة وعلى رأسهم بريطانيا.

ولقد كانت هذه الدعوة مفاجأة كبيرة للجميع مسلمين وغير مسلمين، وكان لها صدى كبير تناقلته وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية.

خاصة بعد أن تحولت هذه الساحة الشهيرة من مزار سياحي للترفيه والتسلية وعقد حفلات المجون والغناء والرقص إلى منبر للدعوة إلى الإسلام، ولقد تم من خلال هذا المنبر الذي سخره الله تعالى للمسلمين، دعوة الناس كافة لاعتناق الإسلام، ونبذ حياة الجاهلية والكفر، إلى حياة إسلامية تحفظ للإنسان كرامته ودمه وماله وعقله وعرضه. والحمد لله على ما أنعم وأفضل فقد استجاب الناس مسلمين وغير مسلمين لهذا النداء المفتوح، وحشدت الساحة بالآلاف من الناس والعشرات من الصحافيين وممثلي وكالات الأنباء وأجهزة الإعلام العالمية. وقد تم تغطية الحدث من قبلهم وتضاربت كعادتها أقوال الصحف في عدد الذين شاركوا في هذه الحملة بين قائل بأن العدد كان ثلاثة آلاف شخص، وقالت صحف أخرى بأن العدد كان أكثر من خمسة آلاف، وذكرت بعض الصحف بأن العدد بلغ اثني عشر ألفاً، وبالغت بعض الصحف لدرجة قولها بأن العدد كان أكثر من خمسة عشر ألفاً، والحقيقة أنه من الصعب حصر عدد الناس في ساحة مفتوحة في قلب العاصمة البريطانية التي تكتظ بالناس عادة.

في يوم الثالث عشر من شهر آب 1995 بدأت الحملة بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم، ثم ألقيت ثلاثة كلمات قصيرة من قبل شباب حزب التحرير، ركزوا فيها على ضرورة استعمال العقل للبحث عن حل للعقدة الكبرى عند الإنسان والمتمثلة بالإجابة العقلية عن سبب ومعنى وجوده في الحياة، من أين أتى ولماذا وإلى أين المصير؟

ولقد ركز الشباب على دعوة الناس بدعاية الإسلام، استجابة لقول الله تعالى: (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاِّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ). وأنهم إذا أسلموا فإن الله سبحانه وتعالى سيؤتيهم أجرهم ويكفر عنهم سيئاتهم ويدخلهم الجنة، فقد قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ).

وكما ركز الشباب في كلماتهم على فساد الحضارة الغربية وفشلها، وكيف أنها جلبت الشقاء والهلاك للبشرية، وأنها أنتجت العنصرية والوطنية والقومية سببت في ارتفاع مستوى الجرائم والقتل والاغتصاب، ونشرت الفاحشة والعلاقات الشاذة والأمراض الخبيثة، وركز الشباب في كلماتهم على أن ثمار هذه الحضارة ما إلا نتيجة للقناعات الفكرية الموجودة في المجتمعات الغربية والمبنية على المنفعة والأنانية والقائمة على أساس أن السيادة للإنسان العاجز والمحدود والمحتاج. وركز الشباب في كلماتهم على ضرورة أن يستيقظ الإنسان، وأن يستجيب لنداء الإسلام وإلا فإن الحضارة الغربية ستؤدي إلى المزيد من الشقاء للإنسان وستقود إلى دمار البشرية.

وكما تم طرح الحلول الإسلامية لمشاكل العالم أجمع، وأن هذه الحلول تحتاج إلى دولة إسلامية قوية، وهذا لن يتأتى إلا عن طريق إقامة دولة الخلافة والقادمة قريباً بإذن الله من بلاد المسلمين إلى دول الشرق والغرب كافة. هذا وقد قدم شباب الحزب بين كل كلمة من الكلمات التي ألقيت العشرات من الإخوة والأخوات من أهل البلاد الذين اعتنقوا الدين الإسلامي مؤخراًن حيث وقفوا الواحد تلو الآخر يعلن اسمه ودينه السابق وكيف أنه اختار الإسلام بمحض إرادته وقناعته العقلية، ومن ثم يقوم بالنطق بالشهادتين بكل قوة وصلابة وحماس لهذا الدين وإعلان رغبته في الموت من أجله وعليه، وكانت صيحات التكبير في وسط الساحة تدوي عند النطق بكل شهادة من هؤلاء الإخوة والأخوات، والتي أبرزت خلفيتهم العرقية سواء أكانوا من السود أو البيض، وأديانهم السابقة كالمسيحية واليهودية وغيرها من الفلسفات كالهندوسية والإلحادية وغيرها، كل هذه أبرزت عالمية الإسلام وقدرته على صهر الشعوب وأمم من مختلف الأديان والألوان في بوتقة واحدة أساسها التوحيد الولاء لله عز وجل.

وكانت المفاجأة الكبرى التي أنعم الله بها على المسلمين بأن هدى الله تعالى على أيديهم تسعة عشرة من عامة أهل البلاد، اعتنقوا الإسلام استجابة للنداء المفتوح، وصعدوا الواحد تلو الآخر إلى المنصة ليعلنوا إسلامهم ولأول مرة أمام الآلاف من الناس، وانهمرت العيون بالدموع أثناء مؤاخاتهم مع بعض الإخوة والأخوات، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحمد لله على نعمه وتفضله علينا بهدايتهم إلى الإسلام، فقد روى أبو داود والبخاري عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم». سنن أبي داود رقم 2661 والبخاري 3701.

البيان الختامي:

وقد انتهت هذه الحملة المفتوحة للدعوة إلى الله بقراءة البيان الختامي المكون من سبعة نقاط جامعة، أعده شباب حزب التحرير في بريطانيا، وهي:

1- إن أرض بريطانيا بالنسبة للمسلمين هي أرض للدعوة إلى الإسلام، ونعاهد الله على الاستمرار في حمل دعوته حتى يعتنقوه أو يقبلوه كنظام حياة.

2- إن المسلمين يرفضون رفضاً قاطعاً سياسة ودعوة الاندماج والذوبان داخل المجتمع البريطاني بحجة تعدد الجاليات والثقافات، بل إنهم يؤمنون بحمل الدعوة والتفاعل لتحويل الأفراد إلى الإسلام وتغيير المجتمع.

3- إن المسلمين لا يقبلون ولا يحتكمون في شؤون حياتهم إلا ما استند إلى الكتاب والسنة.

4- التأكيد على كوننا مسلمين في بريطانيا ولسنا مسلمون بريطانيون.

5- إن المسلمين سفراء للدعوة إلى الله بالنيابة عن رسول الله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، حتى يتم الله رحمته للعالمين، ولهذا فإنهم لا يشكلون أدنى تهديد لأي فرد مهما كانت عقيدته.

6- إن الجالية الإسلامية في بريطانيا جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية، ولذلك فإن محن وقضايا الأمة المصيرية كإقامة الخلافة وتحرير وتوحيد بلاد المسلمين هي قضايا تهم الجالية، وإن الإسلام يفرض عليهم الاهتمام بها والعمل على معالجتها.

7- أيها الناس إنا ندعوكم جميعاً بكل صدق أن تتفكروا بعمق في سبب وجودكم في هذه الحياة، والغاية منه، لتصلوا بأنفسكم وكامل قناعاتكم إلى عبادة الخالق عز وجل الذي أرسل الرسل إلينا منذ خلق سيدنا آدم عليه السلام ومروراً بسيدنا إبراهيم وموسى وعيسى سلام الله عليهم وختمهم بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، واعلموا بأن دعوة الأنبياء كلها كانت واحدة هي توحيد العبودية لله وحده واتباع أوامره عز وجل.

وقد انتهت هذه الحملة بإطلاق المئات من البالونات السوداء المكتوب عليها باللون الأبيض الشبيه بالرايات السوداء، يحمل كل بالون رسالة قصيرة تدعو الناس إلى اعتناق الإسلام، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا اللقاء مقدمة لحملات متتالية للدعوة إلى الله حتى تقوم دولة الخلافة الراشدة التي تجعل عملها الأول حمل دعوة الإسلام وإظهار دين الله، وما ذلك على الله بعزيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *