بريد الوعي
1995/11/30م
المقالات
1,659 زيارة
(1) عبد الله ب. – الجزائر
أيها الاخوة في أسرة الوعي السلام عليكم ورحمة الله
من أرض الجزائر المسلمة أود أن أحيي مجلتكم الموقرة مشيداً بمساعيها الحميدة لتوعية الأمة الإسلامية الوعي الصحيح حتى تقيم دولتها من جدي وتعود متصدرة مكانتها اللائقة بها بين الأمم.
والشعب الجزائري المسلم مثله مثل بقية شعوب العالم الإسلامي متعطش غلى الإسلام وإلى جعله نظام حياة، فبالرغم من القتل الجماعي والمحتشدات في الصحراء والتعذيب والسجن إلا أن المسلمين في هذه البلاد لا يزالون على عهدهم وولائهم لكتاب الله وسنة نبيه متحدين بذلك الولاء جلاوزة النظام وإرهابه، لا تخيفهم دباباته ولا طائراته، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على مدى رسوخ عقيدة لا إله إلا الله في نفوس هؤلاء المسلمين، ولا تزال أصوات الحق تعلو هنا وهناك مطالبة بالحكم بما أنزل الله وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والله أسأل أن يحقق لأمتنا أمنيتها. آمين.
وأود أن أرسل إلى مجلتكم الغراء مقالة نشرتها جريدة «العالم السياسي» الأسبوعية في الجزائر في عددها 96 بتاريخ 4 – 11 سبتمبر 1995 تحت عنوان «الحاكمية بين النظرية والتطبيق» بقلم عبد الله محمد الرشيدي، تتعرض لاستفتاء أجرته الجريدة مع المسلمين في مختلف الأوساط فيما يتعلق بالحاكمية والحكم بالإسلام ومعنى الديمقراطية … الخ وإليكم نص المقابلة مع رجائي منكم نشرها في الوعي.
الحاكمية بين النظرية والتطبيق
(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
عندما هاجت رياح الديمقراطية على الشعوب الإسلامية أصبحت الديمقراطية عند هذه الشعوب وسيلة لا غاية، وفتحت بذلك حواراً حول الشؤون العامة والحكم والسياسة، مما ساعد على تعاظم المد الإسلامي، ونهضت الحركات الإسلامية من جديد وتسارعت في الانتشار وأصبح لها تمثيل في معظم دول العالم، ومن ثم بدأت الحكومات العربية ترصد سير هذه الحركات والتي أحدثت بدورها وفي الجزائر انقلاباً ضد العلمانية في الانتخابات البرلمانية. وبالرغم من الكيد والاضطهاد والقمع والمعاناة لا تزال هذه الحركات في تصاعد مستمر وانتقلت من مستوى الدعوة إلى المطالبة بالحكم والخلافة والدولة الإسلامية.
فإلى أي مدى يمكن للشعب الجزائري الاستجابة لذلك؟ وما مفهوم الحاكمية والشورى والديمقراطية بالنسبة لفئات الشعب؟
وكجس نبض صوبنا أسئلتنا لفئات مختلفة من الشعب محامين، طلبة، أساتذة، أئمة… الخ، فكانت هذه الردود:
إمام: الحاكمية في الإسلام لله وحده وليست لشعب أو لحزب ما، بل للشعب الحق في اختيار خليفة يحكمه شرع الله.
أستاذ: الديمقراطية العلمانية تجعل الشعب يختار حاكماً يحكمه بواسطة قانون وضعي لا يعتمد إلا على العقل وحده، والعقل ناقص مهما أوفى صاحبه من علم، ويترتب على ذلك أخطاء في الحكم والسياسة والاجتماع والاقتصاد، وبالتالي يسحب الشعب ثقته بهذا النظام الذي تسيره العلمانية.
طالبة: هل من الديمقراطية ألا نحكم بشرع الله؟
إمام: الحاكمية العلمانية مرفوضة عندنا كمسلمين لأنها لا تنصفنا وتعتبرنا أقلية في مجتمعنا الإسلامي وحاكمية الله تعدل بين الأقلية والأغلبية.
أستاذة: كل ما حصل من هزائم ومحن نتيجة التخلي عن حاكمية الله.
طالب: أنا لست مقتنعاً بالقانون الوضعي لأننا نرى أنه غير مطبق من وجهة أخرى أنه ليس منـزلاً من عند الله.
محامي: الحكم العلماني مبني على الهوى ويلزم المحكوم ولا يلزم الحاكم، بينما الحكم في الإسلام شورى يلزم الحاكم والمحكوم معاً.
أستاذ قانون: الحكم العلماني السيادة فيه للشعب أما الحاكمية الإلهية فالسيادة فيها لله وحده.
طالب: الحاكمية في الإسلام تطبيق لشرع الله، ولا يصح أن نجري اقتراعاً لكي نحكم بشرع الله أم لا، لأننا مسلمون عقيدة وشريعة.
أستاذ شريعة: الحاكمية عندنا الحكم بشرع الله، ويبقى الشعب يراقب الحاكم ويرشده، قال عمر رضي الله عنه: «إذا أخطأت فقوموني».
محامي: فساد الأنظمة المعاصرة يرشح الإسلام ليكون بديلاً في الحكم.
أستاذ: بواسطة النظام العلماني سرقت الأوطان ونهبت خيراتها.
طالب: الإسلام منهج حياة وشعبنا مهيأ للحكم به.
أستاذ: الصراع اليوم بين الإسلام والعلمانية، وكل الدلائل تعطي اليوم الحاكمية للإسلام في أوطاننا العربية الإسلامية.
… وخلاصة القول:
نظراً لتجاوب الشعب مع الإسلام وتهيئته فطرياً لذلك، فإن الحكم بالإسلام سيحدث تناغماً وتجاوباً وانسجاماً بين القاعدة والقمة وهذه هي الفاعلية التي تحرك المجتمع للنهوض حضارياً وفك الأغلال المصطنعة التي عرقلت طموحه، و من ثم يمارس الشعب حقه في الإشراف على أعمال حاكمه مباشرة دون وسيط ودون خوف، وتزول فكرة الجاهلية التي يمارسها حكام اليوم الذين يجعلون العلاقة بينهم وبين شعوبهم علاقة العبد بالسيد، والحاكم هو السيد المطلق يتصرف في الشعب كما يشاء، والحكم عنده يعتبر ملكاً خاصاً يورث كما تورث أمواله.
هكذا سارت أوطاننا منذ الاستقلال السياسي المجازي ولا زالت تتمخض من زواج غير شرعي، والنتيجة الفشل الذريع في كل المشاريع، لأن الحاكمية كانت غير مستمدة من ذاتية الأمة وبالتالي لم نتجاوب معها لأنها لم تصنعها ولم تخرج من رحم دينها، ولا عجب في ذلك عندما يرفضها الشعب ويصطدم معها لأنها لم تطعمه من جوع ولم تؤمّنه من خوف بل جرته من درب الاشتراكية إلى جب الاقتتال، وهذا هو الظلم السياسي الذي يشعر به الشعب اليوم وقبل اليوم، وهذه هي الحاكمية التي ظلمته ولا زالت، وبالتالي رفضها قولاً وفعلاً، وسراً وجهراً، رفضها لأنها تفقد صفة العدل من جهة، وتعرقل طموحه الحضاري من جهة أخرى. ويتطلع إلى حاكمية إسلامية معاصرة لا سيد فيها ولا منبوذ ولا ظالم ولا مظلوم ولا غالب ولا مغلوب [وليس بالضرورة أن تكون مشابهة للنموذج السوداني أو الإيراني، وإنما يكون التشابه من حيث الإسناد إلى الأصول والقيم التشريعية الإسلامية]، إنها إن تحققت تحقق أكبر انتصار ضد التغريب والعلمانية المتمردة على الله…
إنها أمنية شعب، أمنية أمة، أمنية جيل معاصر كره التجارب الفاشلة، فهل تتحقق الأمنية حتى ننتقل من الضعف إلى القوة ومن الانهزام إلى الانتصار، وتعود أمتنا إلى السيادة كما كانت أول مرة، وحينها تصبح النفوس مطمئنة راضية مرضية.
(2) المهندس هشام حامد – فيينا
1995-11-30