العدد 111 -

السنة العاشرة – ربيع الآخر 1417هـ – أيلول 1996م

حوار مفتوح حول دستور دولة الخلافة معاون التفويض(2)

حوار مفتوح

حول دستور دولة الخلافة

معاون التفويض(2)

 

المادّة 45 – يجب على رئيس الدّولة أن يتصفّح أعمال المعاون وتدبيره للأمور، ليقر منها الموافق للصواب، ويستدرك الخطأ. لأنّ تدبير شؤون الأمّة موكول للخليفة ومحمول على اجتهاده هو.

الدليل عليها هو حديث المسؤولية عن الرعية، وهو قوله عليه الصلاة والسّلام: (الإمام راع وهو مسؤول عن رعيّته) فالخليفة موكول إليه تدبير الأمور، والمعاون ليس مسؤولا عن الرعيّة، بل مسؤول فقط عمّا يقوم به من أعمال، والمسؤولية عن الرعيّة محصورة بالخليفة وحده، ولذلك كان واجبا عليه أن يتصفّح أعمال المعاون وتدبيره، حتّى يقوم بمسؤوليته عن الرعيّة. وأيضا فإنّ المعاون قد يخطئ فلا بد أن يستدرك الخطأ الذّي يقع منه، فكان لا بدّ أن يتصفّح جميع أعماله. فمن أجل هذين الأمرين: القيام بالمسؤولية عن الرعيّة، واستدراك الخطأ من المعاون وجب على الخليفة أن يتصفّح جميع أعمال المعاون.

المادّة 46 – إذا دبر المعاون أمراً وأقرّه رئيس الدّولة فإنّ له أن ينفّذه كما أقرّه الرئيس ليس بزيادة ولا نقصان. فإن عاد رئيس الدّولة وعارض المعاون في ردّ ما أمضاه، ينظر، فإن كان في حكم نفّذه على وجهه، أو مال وضعه في حقّه، فرأي المعاون هو النافذ، لأنّه بالأصل رأي رئيس الدولة وليس لرئيس الدولة أن يستدرك ما نفذ من أحكام، وأنفق من أموال. وإن كان ما أمضاه المعاون في غير ذلك مثل تقليد وال أو تجهيز جيش جاز لرئيس الدّولة معارضة المعاون وينفّذ رأي رئيس الدّولة، ويلغي عمل المعاون، لأنّ لرئيس الدّولة الحقّ في أن يستدرك ذلك من فعل نفسه، فله أن يستدرك من فعل معاونه.

هذه المادّة وصف لكيفيّة قيام المعاون بأعماله، وكيفيّة تصفّح الخليفة لأعمال المعاون، وهذا مأخوذ ممّا يجوز للخليفة أن يرجع عنه ومالا يجوز له أن يرجع عنه من أعمال، لأنّ عمل المعاون يعتبر عملا للخليفة. وبيان ذلك أنّه يجوز للمعاون أن يحكم بنفسه، وأن يقلّد الحاكم، كما يجوز ذلك للخليفة، لأنّ شروط الحكم فيه معتبرة، ويجوز أن ينظر في المظان ويستنيب فيها، لأنّ شروط المظان فيه معتبرة، ويجوز أن يتولّى الجهاد بنفسه وأن يقلّد من يتولاّه، لأنّ شروط الحرب فيه معتبرة، ويجوز أن يباشر تنفيذ الأمور التّي دبّرها وأن يستنيب في تنفيذها، لأنّ شروط الرأي والتدبير فيه معتبرة. إلاّ أنّ ذلك لا يعني أن ما قام به المعاون لا يصحّ للخليفة أن يلغيه ما دامت قد رفعت مطالعته إليه. بل معناه أنّه يملك ما للخليفة من صلاحيّات، ولكن بالنيابة عن الخليفة وليس بالاستقلال عنه. فيجوز للخليفة أن يعارض المعاون في رد ما أمضاه، وإلغاء  ما قام به من أعمال. ولكن في حدود ما يجوز للخليفة أن يرجع عمّا يقوم به هو نفسه من أعمال. فإن كان المعاون قد نفذ حكما على وجهه، أو وضع مالا في حقّه، وجاء الخليفة وعارض المعاون في ذلك بعد التنفيذ، فلا قيمة لمعارضته بل ينفذ عمل المعاون ويرد رأي الخليفة واعتراضه، لأنّه بالأصل رأيه، وهو في مثل هذه الأحوال لا يصح له أن يرجع عن رأيه في ذلك. أو يلغي ما  تم تنفيذه. فلا يصحّ أن يلغي عمل معاونه فيها وإن كان المعاون قد قلّد واليا، أو موظّفا، أو قائد جيش، أو غير ذلك من التقليد أو كان قد وضع سياسة اقتصادية، أو خطّة عسكريّة، أو مخطّطا للصناعة، أو ما شاكل ذلك فإنّه يجوز للخليفة أن يلغيه، لأنّه وإن يعتبر رأي الخليفة، ولكنّه مما يجوز للخليفة أن يرجع عنه لو قام به هو نفسه، فيجوز له أن يغلي عمل نائبه فيه، ففي هذه الحال يجوز أن يلغي أعمال المعاون. والقاعدة في ذلك هي: كل ما جاز للخليفة أن يستدركه من فعل نفسه جاز له أن يستدركه من فعل معاونه، وكل ما – يجز للخليفة أن يستدركه من فعل نفسه لا يجوز له أن يستدركه من فعل معاونه.

المادّة 47 – لا يخصّص كلّ واحد من المعاونين بدائرة من الدوائر أو بقسم خاص من الأعمال، لأنّ ولايتهم عامّة، وكذلك لا يباشرون الأمور الإداريّة، ويكون إشرافهم عاما على الجهاز الإداريّ.

دليلها هو ما تعنيه كلمة “وزيراي” في الحديث الذّي أخرجه الترمذي، من أنّ المعاون هو معاون للخليفة في الخلافة، فعمله جميع ما للخليفة من صلاحيّات، ولهذا لا يصحّ أن يعين معاونا للخليفة في ناحية من النواحي كدائرة المعارف مثلا، لأنّ ذلك خلاف المعنى الشرعي الذّي له، وإذا عين – تنعقد له الوزارة بهذا التعيين، ولا يكون معاوناً للخليفة فيما عيّنه به، لأنّ العقد باطل، وأمّا تعيين قاضي القضاة فإنّه ليس تعيينا لمعاون للخليفة في القضاء، وإنّما هو تعيين لوالٍ ولاية خاصّة، مثل إمارة الجيش، وإمارة الصدقات، وما شاكلها، وهي تنعقد بما تنعقد به الولايات، لا بما ينعقد به المعاون، وهو أي قاضي القضاة أمير جعلت له صلاحية تعيين القضاة والنظر في أحوال القضاء وفي القضاء بين النّاس وليس بمعاون. ومن هنا لا يصحّ تخصيص كل واحد من المعاونين بدائرة من الدوائر وإن خصّص بدائرة معيّنة بطل عقد التعيين، لأنّ شرط صحّة تقليد المعاون هو أن يكون عقداً أي يكون بلفظ صريح يشتمل على شرطين: أحدهما عموم النّظر والثاني النيابة، وتخصيصه بدائرة يفقده شرطا من الشرطين فيبطل عقد تعيينه. وأمّا عدم جواز مباشرته الأمور الإداريّة فإنّ الذّين يباشرون الأمور الإداريّة أجراء وليسوا حكّاما. والمعاون حاكم وليس بأجير، فعمله رعاية الشؤون وليس القيام بالأعمال التّي يستأجر الأجراء للقيام به.

ومن هنا جاءت عدم مباشرته الأمور الإداريّة وليس معنى هذا أنه ممنوع من القيام بأي عمل إداري، بل معناه أنّه لا يختصّ بأعمال الإدارة بل له عموم النّظر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *