العدد 113 -

السنة العاشرة – جمادى الثانية 1417هـ – تشرين الثاني 1996م

« حقائق جديدة قديمة »

« حقائق جديدة قديمة »

لقد تأكد إثبات عدة حقائق جديدة قديمة أفرزتها مؤخراً المعارك العنيفة، والصدامات الدموية، والمواجهات الكثيفة، التي اندلعت بين الفلسطينيين والجيش اليهودي إثر المس بمشاعر المسلمين، نتيجة لقيام السلطات اليهودية بفتح النفق الذي اخترق حِمَى المسجد الأقصى وصولاً إلى ساحة حائط البراق الذي يقدسه اليهود، وذلك في محاولة من محاولات اليهود الاستفزازية المستمرة لتهويد ما يمكن تهويده وطمس ما يمكن طمسه لما تبقى من معالم إسلامية في بيت المقدس.

وهذه خمسُ حقائق أفرزتها هذه الأحداث وهي:

أولاً: لقد أثبتت هذه الأحداث أن الإسلام هو القوة الوحيدة الدافعة للحركة والتغيير، وأن المشاعر الإسلامية هي وحدها القادرة على دفع الناس وإقناعهم بالعمل والمقاومة والمواجهة والقتال والتغيير.

والذي أثار هذه المشاعر عند الناس وهيّج عواطفهم الإسلامية هو فتح النفق الذي مسّ صميم عقيدتهم الإسلامية ولامس منطقة إيمانهم فاندفعوا مدافعين مقاتلين مستبسلين لا يوقفهم تآمر متآمر ولا خيانة خائن.

وفي الوقت الذي أُثيرت فيه هذه المشاعر الإيمانية أخفقت كل محاولات السياسيين لتثوير الناس بالعواطف الوطنية.

ثانياً:إن نزول الفلسطينيين إلى ساحات القتال وهم لا يملكون إلاّ أقل القليل من الأسلحة والعتاد مقارنةً مع الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح، وقتلهم لليهود وأسرهم للجنود، وتمريغ كرامة الجيش اليهودي بالوحل (وهو الجيش الذي افتروا علينا يوماً بأنه جيش غلب الجيوش العربية جمعاء وأنه جيش لا يقهر) واستعدادهم للاستشهاد بكل إقدام وحمية لَيَدُلُّ على البطولة النادرة والشجاعة الفائقة التي اتسموا بها، كما ويدل على القدرة الهائلة التي لو أُحسن توظيفها في أبناء الأمة الإسلامية لكان طرد اليهود من فلسطين واستئصال كيانهم من جذوره لا يعدو كونه مسألة أيام معدودة.

ثالثاً:إن هذه المواجهات بين الفلسطينيين والجيش اليهودي وما واكبها من هروب الجنود اليهود من مواقعهم وترك معداتهم وأسر ما يزيد عن الأربعين جندياً فيما سمي بقبر يوسف بنابلس من قِبَل جموع الشباب الغاضب، وعدم الإفراج عنهم إلاّ بعد تدخل السلطة الفلسطينية، كل ذلك وغيره كثير يؤكد حقيقة جبن اليهود وضعفهم وأنهم كما قال عنهم سبحانه وتعالى: (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصّنة أو من وراء جدر) ويؤكد كذلك أن دولتهم هشة كالزجاج، إذا ما ألقيته على الأرض سرعان ما انكسر، وإنه من السهل على من يملك إرادة القتال القضاء عليها.

رابعاً:إن سكوت حكام المسلمين واكتفاءهم بتهليل وجعجعة وسائل إعلامهم كالعادة بدلاً من حشد الجيوش وقتال اليهود وإخراجهم من أرض الإسراء والمعراج ليدل على مدى تواطئهم مع اليهود والكفار، وبالتالي يدل على مدى خيانتهم وعمالتهم ونذالتهم، وعلى مدى العار الذي ألحقوه بأمتهم وبشعوبهم. فالويل لهم من شعوبهم والويل لهم يوم يلقون ربّهم.

خامساً:لقد أكدت هذه الأحداث أن مؤامرات الدول الكبرى ودسائسها ما زالت هي الأساس في علاقاتها مع المسلمين، وأن الشعوب الإسلامية والأفكار الإسلامية هي المستهدفة من هذه المؤامرات، فأمريكا وبريطانيا وفرنسا هي الدول الأكثر تدخلاً وتآمراً في شؤون المسلمين ما زالت تستخدم الأنظمة العربية ومنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية كأدوات تستعملها في الضغط على إسرائيل، فأمريكا تضغط لتحجيم الدولة اليهودية وإلحاقها بالسياسة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا تضغطان لتحصين الدولة اليهودية وتدريبها للوقوف أمام الضغوطات الأمريكية لكي تتقاسم مع إسرائيل المنافع، بينما تدفع الشعوب الإسلامية دائماً الثمن جراء هذه المؤامرات.

هذه هي الحقائق الخمس الجديدة القديمة التي أفرزتها وأكدتها المواجهات الأخيرة في فلسطين. نسأل الله العلي القدير أن يبصّر الشعوب بخطورة هذه المؤامرات لئلاّ تنطلي عليها، وأن يعجل لنا بإقامة الدولة الإسلامية «الخلافة» التي تعيد الأمور إلى نصابها وتعيد الأمة الإسلامية إلى وضعها الطبيعي وضع الصدارة والقيادة بين الأمم)

أ.خ- القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *