العدد 123 -

السنة الحادية عشرة – ربيع الآخر 1418 – آب 1997م

أحكام تتعلق بأرض فلسطين

أحكام تتعلق بأرض فلسطين

من ضمن ما يحتج به اليهود لإضفاء الشرعية على وجودهم ككيان على أرض فلسطين، شراؤهم لكثير من الأراضي سواء من مسلمين أو من نصارى. وهذه الحجة تنطلي على كثير من السذج فيسلمون بها، وأقصى ما يمكن أن يردوا عليها هو أن لنا أراضي لم يتم بيعها داخل ما يسمى بالخط الأخضر، فكما أن لليهود الحق في المطالبة بما اشتروه في الضفة والقطاع، فيجب أن يكون لنا نفس الحق في التصرف بأرضنا داخل الخط الأخضر والتي لم يتم شراؤها من قبل اليهود. ويطالبون بالسيادة على الأراضي التي اشتراها اليهود في الضفة مقابل سيادتهم على أراضينا داخل الخط الأخضر والمدقق من زاوية الإسلام في هذه المسألة يجد ما يلي:

أولاً:  إن أرض فلسطين أرض خراجية عدا إقطاع تميم الداري فإنه أرض عشرية وهذا يعني أن أرض فلسطين رقبتها لبيت المال ومنفعتها لمالكها عدا إقطاع تميم فرقبته ومنفعته لمالكه.

ثانياً:  إن من باع أرضاً لليهود وكان عقده صحيحاً نافذاً ملكهم المنفعة ولم يملكهم الرقبة لأنه لا يبيع ما لا يملك، وبذلك تبقى القبة ملكاً لبيت المال.

ثالثاً:  منذ أن قرر اليهود شراء وطن لهم وأسسوا الوكالات وجندوا الأموال لتحقيق ذلك، منذ ذلك الحين فإن عقودهم باطلة وغير نافذة، سواء منها ما كان في دار الإسلام أي في أواخر الدولة العثمانية، أو في دار الكفر أي في عهود الانتداب البريطاني والمملكة الأردنية والاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية التي لا تزال تحت السيادة الإسرائيلية، وبطلان هذه العقود آتٍ من كونها بيعاً لوطن لا بيعاً لأرض أو عقار. بيعاً لوطن قرر الكافر شراءه لإقامة كيان له فوقه أو ما سموه بوطن قومي أقاموا عليه دولة. والعقود الباطلة غير نافذة سواء عقدت في دار الإسلام أو في دار الكفر، وذلك كعقود الربا، فإن رسول اللـه صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكة ألغى ما ترتب من أرباح على عقود الربا التي سبقت الفتح ولم يجعلها نافذة تقيداً بقوله تعالى: ]فلكم رؤوس أموالكم[. وعليه فإن عقود بيع الوطن في فلسطين باطلة وغير نافذة تماماً كعقود الربا التي أبرمت في مكة قبل الفتح، سواء منها ما كان داخل ما يسمى بالخط الأخضر وما كان خارجها.

رابعاً:  بعد أن يأذن اللـه بالفتح فإنه لا يحق لمن باع أرضه أو لورثته أن يطالبوا بها بحجة بطلان العقود، ذلك لأن تلك العقود قد تم تنفيذها فعلاً، فهي كعقود الربا التي نفذت قبل الفتح، أي التي تم أخذ رأس المال والربح بموجبها قبل الفتح ولم ينقضها الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أبطل العقود التي لم يتم تنفيذها فقط، أما التي نفذت ولو بيوم واحد قبل الفتح فلم يعرض لها. صحيح أن العقد الباطل لا تترتب عنه آثار، إلا أنه إذا نفذ في دار الكفر وتحولت الدار إلى دار إسلام فإن الدولة لا تعيد النظر فيما نفذ منها.

خامساً:  الأراضي التي ملكها يهود قبل قرار شراء وطن لهم لا تبقى لهم ولا لذريتهم إن وجدوا وإنما ترد لبيت المال، ويطردون منها ويجلون كما أجلى رسول اللـه صلى الله عليه وسلم يهود بني قينقاع والنضير وكما أجلى عمر بن الخطاب يهود خيبر.

سادساً:  لو افترضنا نظرياً أن اليهود ردوا للمسلمين كل أرض اشتروها بعد قرار شراء وطن فإننا سنقاتلهم لهدم كيان دولتهم، لأننا وإن وجب علينا قتالهم لاسترداد الأرض التي استولوا عليها إلا أنه يجب قتالهم أيضاً لهدم كيانهم وجعل السيادة فيها للشرع والسلطان للمسلمين.

سابعاً:  إن من يبيع قطعة أرض لليهود، أو من يعترف بكيان دولة إسرائيل ويقر بسيادتها وسلطانها على جزء من أرض فلسطين بموجب صلح دائم، أو من يؤيد من يعترف ويبرم الصلح الدائم مع يهود هو خائن للـه ولرسوله ولدينه وللمسلمين وهو آثم، لكنه ليس مرتداً لأننا لا نكفر أحداً بذنب.

عبد الرحمن الحزين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *