العدد 268 -

العدد 268- السنة الثالثة والعشرون، جمادى الأولى 1430هـ، الموافق أيار 2009م

جامعة الدول العربية: أدت وتؤدي دورها الإجرامي على أكمل وجه

جامعة الدول العربية:

أدت وتؤدي دورها الإجرامي على أكمل وجه

 

صرخات وصيحات تصدر من الشيب والنساء والأطفال في غزة: واإسلاماه! وامعتصماه! أين العرب؟ أين المسلمون؟ ومع أن المسلمين من حولهم يستمعون ويشاهدون هم وضباطهم وجنودهم ولكن لا مغيث ولا مجيب منهم… صرخات لامست آذانهم لكنها لم تلامس نخوتهم. وبعد ضغوط من الشارع في العالم الإسلامي تسارع الجامعة العربية لتؤدي دورها المخطط له من قِبَلِ من أوجدها لاحتواء الموقف وحرفه عن التوجه الصحيح، وتنادي بحل سحري لتخفيف الضغط عن الحكام وتنفيس الشارع الملتهب بدعوتها لعقد مؤتمر قمة، فلا تستطيع عقدها لاختلاف الزعماء العرب في عمالتهم؛ لوجود المحور العميل لأميركا والمحور العميل لأوروبا. وبالرغم من وجود هذه الجامعة التي تدعي تجميع العرب وتوحيدهم، ولكن لا شيء من ذلك يحدث بل العكس. فأين يكمن الخلل؟ وهل أدت الجامعة العربية دورها؟ وماذا كان دورها في الحرب على غزة وغيرها؟ وهل أنشئت لتوحيد المسلمين أم لتفريقهم؟ وهل وقفت مع المستغيثين بها من المسلمين أم ضدهم؟ ولكي نجيب لابد لنا من نبذة تاريخية، وسنبحث هذا الأمر من جهتين: جهة الواقع وجهة الشرع الإسلامي.

أما الجهة الأولى وهي جهة الواقع، فقد تبنى الغرب القومية العربية لتكون معولاً لهدم الإسلام، وليضرب بها الإسلام، فظهرت فكرة القومية العربية ونشأت على أساسها جمعيات كثيرة: كجمعية العربية الفتاة وما تفرع عنها، والجمعية القحطانية، وجمعية العهد، والجمعية العربية… إلخ، وأصبح النصارى العرب يتغنون بأمجاد الأمة العربية وبأشعار ومنشورات وكتب ألفوها. وبالتعاون مع الغرب الكافر فقد انحلّ عقد المسلمين وتبعثر بعد الحرب العالمية الأولى، وتم إلغاء الخلافة العثمانية رمز الوحدة الإسلامية، وقسمت بلاد الإسلام إلى مستعمرات حكمها الإنجليز والفرنسيون والإيطاليون، وتم تقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات ذليلة أصبح لكل واحدة منها رئيس ووزراء ودستور ونشيد وطني وجيش، فتحقق التمزق والفرقة بين المسلمين على الأساس القومي الذي كان سائداً في أوروبا التي عانت منه، فجاءت وصدّرت هذا الفكر إلى العالم الإسلامي، وبدأت بتكوين التحالفات والتكتلات العالمية التي ظهرت في الحرب العالمية الأولى ثم في الثانية.

لقد وقع المسلمون في صدمة عنيفة نتيجة هذه الهزيمة المنكرة. فبدأت تظهر مصطلحات جديدة صاحبت هذا التغيير في واقع الأمة لتحل مكان المفاهيم التي كانت سائدة في ظل دولة الإسلام، ولسد هذا الفراغ بدأت تظهر مفاهيم ومصطلحات جديدة نابعة من مفهوم واحد وهو مفهوم الوطن كبديل لمصطلح دار الإسلام، والقومية وما يلحق بها من مفاهيم، وأخذت الاتجاهات الوطنية والإقليمية تجد لها صدى بين شعوب العالم الإسلامي تحت شعارات: الاستقلال، والحرية، ومكافحة الاستعمار، إلى جانب الاتجاهات الإسلامية التي ظهرت لتوحيد المسلمين.

فقد أسست السعودية والعراق واليمن عام 1973م. وبدأت الأقاليم الأخرى تنشأ تحت ما يسمى بالاستقلال والانفلات من الدول المستعمرة كما يدعون، ووجد العرب أنفسهم مستهدفين بعد أن غابت الدولة العثمانية واكتشافهم أنهم كانوا جسراً لعبور الاستعمار ومعولاً في هدم الخلافة الإسلامية، فبدأت الأمة بالتحرك للوحدة، خاصة وأن هناك لغة واحدة وديناً واحداً وبقعة جغرافية تجمعهم، وبرزت مشاريع تدعو للوحدة في بعض الأقطار العربية قبل مشروع الجامعة العربية.

وأثناء الحرب العالمية الثانية خشيت بريطانيا من ألمانيا التي كانت تحاول استثارة العرب ضدها بإطلاق الوعود. وخشيت انفلات الأمر من يدها، كما خشيت أن يتجه العرب إلى الاتجاهات الإسلامية التي توحدهم، وهم بحكم وضعهم ولغتهم من الممكن أن يسلّم لهم العالم الإسلامي بالزعامة. هذا بالإضافة إلى أن بريطانيا كانت ترغب في إقامة منطقة نفوذ اقتصادية في الشرق الأوسط كله، فرغبت بالتالي في تمهيد الطريق أمام تقارب العرب فيما يشبه الحلف أو التضامن ليسهل عليها التعامل معهم، واستغلالهم لجانبها.

ومن هنا كانت فكرة إنشاء الجامعة العربية. وهذه الفكرة الإنجليزية الخبيثة لاقت رواجاً بعد أن تبنتها الدول العربية والأجنبية ودعمتها لتصبح الأمل والرجاء لوحدة العرب، فولدت الجامعة العربية، وكان صاحب هذه الفكرة هو (أنتوني إيدن) وزير خارجية بريطانيا آنذاك، حيث ألقى بياناً سياسياً في 29/03/1941م في لندن قال فيه إن الكثيرين من العرب يرغبون في أن تتمتع الشعوب العربية بنصيب من الوحدة أكبر من النصيب الذي تتمتع به الآن، والعرب يأملون منا المُعاضدة في بلوغ هذه الوحدة، ولا يجوز لنا أن نغفل أي نداء يُوجهه إلينا أصدقاؤنا بهذا الصدد، وإنه يبدو لي أنه من الحق الطبيعي أن توثق الروابط الثقافية والاقتصادية والروابط السياسية أيضاً بين الأقطار العربية، وستعاضد حكومة جلالة الملك معاضدة تامة أي مشروع ينال المُوافقة العامة، ورحبت الصحافة البريطانية والأميركية وعدد من الصُحف اليهودية نفسها بخطبة المستر إيدن، فقالت صحيفة هآرتس اليهودية في عددها الصادر في 3/4/1941م إن حركة الوحدة العربية لا تتعارض مع الحركة الصهيونية، وبعد هذا البيان مباشرة عهدت الحكومة البريطانية إلى الجنرال كلايتون مدير عام استخبارات الجيش البريطاني في الشرق الأوسط بالتحرك وإجراء الاتصالات اللازمة بالزعماء العرب وحُكامهم حينذاك من أجل تنفيذ هذا المشروع الخبيث، مُتعهداً لهم بتقديم المساعدة والمساندة اللازمة في سبيل قيام مجلس يضم الدول العربية، وقد عبر إيدن بكلمة (شعوب عربية) إمعاناً بالتجزئة، مع أن الشعب العربي واحد لا يتجزأ يجمعه الإسلام.

ووضع لهذه الجامعة دستور وقوانين للحفاظ على وجودها والمحافظة على تشرذم العرب وبالتالي العالم الإسلامي. وهي فكرة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، تحتضن التجزئة للدول التي انبثقت عن اتفاقية سايكس وبيكو، فلا تعود للوحدة من جديد كما كانت من قبل، فأسمتها جامعة الدول العربية، ولقد حددت بريطانية (ثلاثة أهداف) لهذه الفكرة الشيطانية:

الهدف الأول: هو فصل العالم العربي عن العالم الإسلامي ومنع وحدة العالم الإسلامي من جديد، وصار كل من يستخدم مصطلح الأمتين (العربية والإسلامية) إنما يتبنى كلام المستعمر الكافر لقوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء 92].

الهدف الثاني: هو أن تتولى هذه الجامعة تسليم فلسطين لليهود من أجل قيام الكيان اليهودي فيها، وذلك بانتزاعها من أهلها الذين جاهدوا لإفشال المشروع الغربي، وإجهاضه في مهده منذ عام 1919م (ثورة البُراق الأولى)، حيث قامت هذه الجامعة في عام 1948م بإدخال جيوشها إلى فلسطين بحجة إنقاذها ونجدة شعبها، وكانت هذه الجيوش تحت إمرة جنرال إنجليزي حاقد على الإسلام وهو كلوب باشا، وبالفعل قامت جيوش الجامعة بانتزاع 78% من مساحة فلسطين من أهلها بعد أن خدعوهم بقولهم إنهم جاؤوا ليُنقذوهم ويُنقذوا أرضهم وقاموا بتسليمها لليهود حسب الحدود التي وضعها الإنجليز للتقسيم، فكان إنشاء الجامعة مقدمة لإنشاء كيان يهودي وحامٍياً له، ولقد قامت هذه الجيوش بإجلاء الفلسطينيين من مُدنهم وقراهم بحُجة أن هذا الجلاء سيكون مؤقتاً ولبضعة أيام، وفيما بعد قامت هذه الجيوش بالانسحاب وتوفير الحماية لهذا الكيان، وكانت الجامعة بمثابة حاضنة قوية له وفرت له كل أسباب النمو والنجاح. وبعد أن وقعت معه اتفاقية رودس في عام 1949م وكانت اتفاقية الهُدنة بمثابة اعتراف رسمي من هذه الجامعة بهذا الكيان اللقيط، حتى إذا جاء عام 1967م قامت هذه الجامعة بتسليم الجزء المتبقي من فلسطين لليهود، وبتسليم سيناء والجولان، وبذلك جعلت هذه الجامعة من الكيان اليهودي صاحب الولاية على المنطقة وسيدها، وصار الجندي اليهودي الجندي الذي لا يُقهر زوراً وبهتاناً، وهذا يفسر لماذا لا تحرك هذه الجامعة ساكناً أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ستين عاماً من مذابح ومجازر على يد (إسرائيل)، ولماذا لا تكترث لما يقوم به اليهود من أجل هدم المسجد الأقصى، ولماذا تنفذ تعليمات أميركا بفرض الحصار الاقتصادي على الشعب الفلسطيني، ولماذا لا تقيم أميركا لهذه الجامعة أي وزن ولا أي اعتبار لا في السياسة الإقليمية ولا الدولية؟

الهدف الثالث: وهو الهدف الذي صُنعت من أجله هذه الجامعة وهو منع الوحدة السياسية بين أجزاء العالم العربي الذي كان في ظل دولة الإسلام يُشكل وحدة جغرافية واحدة وجزءاً من العالم الإسلامي قبل اتفاقية سايكس بيكو، فكان لابُد من إقامة حارس أمين على هذه التجزئة وتثبيتها.

وفي عام 1990م قامت ما تُسمى بالجامعة العربية من أجل توفير الغطاء العربي الشرعي اللازم لشن عُدوان على العراق وشعبه وتدمير إمكاناته؛ لأن الجيش العراقي قام بقصف الكيان اليهودي بالصواريخ، لأن العراق قام بالتعدي على ميثاق الجامعة بقيامه بغزو العراق، فجُن جنون الغرب والجامعة العربية واعتبروا أنه تجاوز للخطوط الحمر في المنطقة.

وها هي اليوم، ومن خلال الدور المُخزي ضد المسلمين في (العراق) قامت بمساندة الغرب في عدوانه عليه جهاراً نهاراً، حيث كانت أراضٍ من دول الجامعة قواعد عسكرية لانطلاق قوات وجيوش العدوان على العراق، بل ولقد أعطت الشرعية لاحتلاله من قبل الصليبية الحاقدة واعترفت بالحكومة التي جاءت على ظهر الدبابات الأميركية، فضمتها إلى عضويتها، وهذه الجامعة تلتزم الصمت إزاء ما يفعله الاحتلال وعُملاؤه في العراق، وبذلك تعتبر الجامعة مشروعاً استعمارياً، ومفرقة للعرب وحارساً أميناً للتجزئة، وحاضنة للكيان اليهودي.

أما في فلسطين، فلماذا لا تقوم هذه الجامعة بتجييش الجيوش لتحريرها وحماية المسجد الأقصى؟ ولماذا لا تستجيب لاستغاثة نساء وأطفال وشيوخ فلسطين الذين يستغيثون صباحاً ومساءً، بل إن الجامعة شاركت بفرض الحصار الظالم التي فرضته أميركا والدول العربية على فلسطين وعلى العراق قبل احتلاله والذي استمر اثني عشر عاماً، وكانت متشددة بفرض هذا الحصار الجائر أكثر من أميركا.

ويذكر أن ميثاق الجامعة ينص على اتخاذ القرارات الصادرة عنها بالإجماع وليست بالأغلبية، وقد اتفق أعضاؤها على قرار تحرير الكويت، الذي أعطى الشرعية لشن عدوان أجنبي على إحدى الدول الأعضاء في الجامعة واحتلال جزيرة العرب من قبل القوات الصليبية الغازية، وكان هذا الفعل تجسيداً حقيقياً للهدف الذي صُنعت من أجله وهو تفريق المسلمين في دول عميلة ضعيفة.

لقد حاولت الحكومة البريطانية، بتشكيل الجامعة العربية، إيقاف تقهقرها في بلادنا أمام التقدّم الأميركي، والاستعانة بهذه الجامعة ما أمكن للحفاظ على مصالحها ونفوذها المهدّد من قبل الأميركيين، وها هي اليوم أصبحت دول الجامعة محل نزاع بين النفوذ الأميركي والنفوذ الأوروبي وهي في خدمة أحدهما على الدوام.. وها هي حكوماتها تتقاسم الأدوار مع الأميركيين والأوروبيين و(الإسرائيليين)، سواء في فلسطين أم في العراق أم في السودان والصومال…

لقد سعت بريطانيا إلى تكريس التجزئة في العالم الإسلامي بإقامة جامعة الدول العربية، لأنها كانت متأكدة من سعي الأمة إلى الوحدة، فقد تضمن ميثاق الجامعة أفكار منها:

الاعتراف بسيادة واستقلال كل من الدول الأعضاء بحدودها القائمة بحسب اتفاقية سايكس – بيكو، والاعتراف بالمساواة التامة بين الدول الأعضاء، والاعتراف بحق إبرام المعاهدات والاتفاقات مع غيرها، وليس هناك  إلزام لانتهاج سياسة خارجية موحدة، وعدم تحقيق أي شكل حقيقي من أشكال الوحدة، بل يرينا أيضاً كيف أن هذه البنود صارت تشمل الكيان (الإسرائيلي)، خاصة البند الذي ينص على: “عدم اللجوء إلى القوة في فض النـزاعات والخلافات”! فصراع الوجود مع العدو الصهيوني تحوّل إلى مجرّد “نزاع وخلاف” يمكن معالجته بالمفاوضات، وكأنه خلاف بين زوجين عندما قالوا إن الصلح خير.

إن التمسك بميثاق الجامعة، هو تقديس واحترام لما فعله الاستعمار في بلادنا، فزوال الجامعة من الوجود ضرورة لأنه من عوائق نهوض الأمة وتوحدها، وانصهارها في أمة واحدة، وما هي إلا مرض خبيث زرع في جسد الأمة أدى إلى العجز والشلل.

فما فائدة هيئة سياسية اسمها الجامعة العربية وهي لا تستطيع أن ترسم سياسات الدول التي تمثلها؟ وما معنى هذا الكيان الذي يجمع كافة الدول العربية، ولا يستطيع في حالة نشوب صراع مسلح بين اثنتين من دوله ألا يتدخل في محاولة لفض النـزاع، ولا يملك أن يفرضه على أي منهما؟

وما فائدة الجامعة إذا لم تستطع أن تحل أزمة احتلال العراق ولا أزمة احتلال الكويت من قبل بل وسلمتها لأميركا، ولم تحرك ساكناً أمام حرب جنوب السودان ولا أزمة دارفور، ولا مشكلة البوليساريو التي جمدت الحدود بين المغرب والجزائر، ولا استطاعت أن تنهي احتلال الجولان، ولم توقف نزيف الدماء على أرض فلسطين؟ ولم تتدخل لحل مشكلة الصومال.

إن الأساس الذي بُنيت عليه هذه الجامعة كان خطأً كبيراً. والخدمات والحماية التي تقدم من قبل أعضاء الجامعة للكيان اليهودي ليدل على التواطؤ مع المحتل للحفاظ عليه. ومن يشارك في اجتماعات وقمم هذه الجامعة هم أنفسهم يعتبرون مشاركين في مجزرة غزة واحتلال العراق وضرب لبنان واجتياحها له. فيكفيهم أن المجزرة أُعلن عن القيام بها من مصر وبمباركة رئاستها وحكومتها، والأمر نفسه ينسحب على السلطة الفلسطينية وبقية الدول المتواطئة.

إن الجامعة العربية قد أدت دورها على أكمل وجه وبحسب ما خطط لها من قبل بريطانيا!! وهي مؤسسة طيعة لخدمة القوى العظمى التي تريد الهيمنة على المنطقة العربية، ولا يمكنها التحرك أو العمل إلا حين يراد لها ذلك، وما حدث في لبنان وغزة من عدوان (إسرائيلي) متوحش يفوق الوصف، وموقف الجامعة العربية في هذين العدوانين كان أكبر دليل على ارتهان إرادة أعضاء الجامعة وشللها. وقد أصبحت أشبه بمركز اتصال يقوم بالوساطات وتقديم المبادرات من أجل حل قضية فلسطين لمصلحة وجود (إسرائيل). وبدلاً من أن تطالب الجامعة المسلمين بإنهاء (إسرائيل) وتحريك الجيوش لتحرير فلسطين، راحت تنشغل بسلامة الجنديين (الإسرائيليين) الأسيرين لدى حزب الله وشاليط في غزة. وعندما بلغ الوضع في قطاع غزة ومضاعفاته حد الخروج عن سيطرتها لجأت جامعة الدول العربية إلى هيئة الأمم المتحدة، بدل أن تبادر هي لإنهاء هذه المجزرة بما تملك من إمكانيات 22 جيشاً.

وهنا يطرح سؤال: ما الذي يجمع العرب؟ أهي الجامعة أم العمالة؟ بالتأكيد لا تجمعهم الجامعة، بل تجمعهم العمالة، أو لنقل تمزعهم العمالة.

إن مجرد وجود جامعة الدول العربية هو إقرار بحق كل قطر بالانفصال عن الآخر، واعتبار كل واحد منها أن الآخر جار له، وما المطلوب لعلاقتهما سوى “حسن الجوار” ويحق لأي دولة أن تقيم علاقات أقوى مع أية دولة بعيدة أو عدوة إذا شاءت، ولكل دولة حق اختيار علاقاتها حتى لو كانت على حساب جارتها، وحتى لو كانت الدولة الأجنبية معادية للجارة العضو في الجامعة. وهذا أسس بدوره لاعتبار الكيان الصهيوني دولة جوار، والسير على إقامة علاقات معها ككيان ليس غريباً.

وقد لوحظ أن أعضاء الجامعة العربية منقسمون إلى شقين.

1- شق ينفذ الإملاءات الأميركية بمواصلة ذبح الفلسطينيين في غزة، ولم يعد لديه ما يخفيه. فهو مع الاعتراف بالكيان وتثبيته في فلسطين وربما أبعد من ذلك.

2- وشق يرفض الإملاءات الأميركية بأوامر وإملاءات من أوروبا.

ولا تمانع الجامعة من ضم كيان يهود لها، وتتسرب كثير من المعلومات حول ذلك، وأصبح طبيعياً عند بعضهم حيث اقترح علناً وزير خارجية البحرين ضم الكيان الصهيوني إلى جامعة الدول العربية. ليصدق بسوء دعواه هذه مقولة رئيس وزراء (إسرائيل) الأسبق ديفيد بن غوريون: «حان الوقت لكي تفكر إسرائيل جدياً في أن تكون جزءاً مما يشبه الكومنولث العربي، وأن تنضم إلى جامعة الدول العربية» طبعاً بعد تطبيع الشعب على ذلك وبعد تطبيعه على التجزئة بقوة الجندي وصرامة القانون.

أما من جهة الشرع الإسلامي فإنها مخالفة بجملتها للشرع، وحرمة العمل والانضمام لهذه الجامعة ظاهرة لأنها:

1- قائمة على ميثاق مخالف للشرع الإسلامي، وقائمة على أهداف غير إسلامية.

2- قائمة على  أساس القومية العربية المنتنة التي نهى الإسلام عنها.

3- تحافظ على تجزئة العالم الإسلامي واستقلالية أعضائها.

4- توالي اليهود والنصارى وتدعم مخططاتهم في العالم الإسلامي.

5- تخدم مصالح الدول الغربية.

6- تمكن الكفار من أراضي المسلمين.

وعلى هذا فالعمل مع هذه الجامعة والانضمام إليها ومناصرتها أو الارتماء في أحضانها وطلب العون منها وهو كطلب العون من دول الكفر الكبرى المهيمنة على الدول الأعضاء، وهو حرام شرعاً، ومن هنا فإن الجامعة العربية فاسدة من جهة الواقع، وباطلة من جهة الشرع الإسلامي، وإزالتها فرض وإزالة للمنكر، والمطلوب إقامة الخلافة الإسلامية على أنقاضها وأنقاض أعضائها.

وفي الختام نقول: لقد أدت الجامعة العربية دورها الإجرامي على أكمل وجه كما رسم لها عند تأسيسها من قبل الاستعمار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *