العدد 265 -

العدد 265- السنة الثالثة والعشرون، صفر 1430هـ، الموافق شباط 2009م

فتوى (سعودية) ما أنزل الله بها من سلطان

فتوى (سعودية) ما أنزل الله بها من سلطان

 

وصف مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز آل الشيخ التظاهرات التي انطلقت الجمعة في العديد من الدول العربية والإسلامية لنصرة الفلسطينيين في قطاع غزة في ما عرف “بيوم الغضب”، بأنها “أعمال غوغائية وضوضاء لا خير منها”، وذلك في تصريحات نقلتها “عكاظ” السعودية.

وهذا ثاني تصريح لرجل دين سعودي يفتي فيه بتحريم التظاهرات لنصرة الفلسطينيين بعد تصريح رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح اللحيدان الذي وصف فيه أيضاً التظاهرات بأنها “استنكار غوغائي”، معتبراً أنها من “باب الفساد في الأرض حيث تشهد أعمال فوضى وتخريب”.

وقال اللحيدان “حتى إذا لم تشهد المظاهرات أعمالاً تخريبية فهي تصد الناس عن ذكر الله، وربما اضطروا إلى أن يحصل منهم عمل “تخريبي لم يقصدوه”، وحث فقط على “الدعاء للفلسطينيين بظهر الغيب”.

ورداً على سؤال عما هو أنفع للفلسطينيين المتضررين، قال المفتي “الغوغائية لا تنفع بشيء وإنما هي مجرد ترهات، ولكن بذل المال والمساعدات هي التي تنفع، فالمظاهرات لا خير فيها ولا مصلحة منها، وإنما غوغاء وضوضاء  لا خير منها”.

وأشاد في هذا الصدد بـ”حملة خادم الحرمين الشريفين الشعبية لإغاثة وعون المتضررين الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم”، معتبراً أن الحملة تمثل “منطلق الإيمان والمحبة الإيمانية الصادقة في نجدة المسلمين ورحمتهم والإحسان إليهم، وإن هذه الحملة المباركة عمل إسلامي قبل كل شيء”.

وحث مفتي عام المملكة جميع المواطنين والمقيمين في المملكة على مواصلة تقديم “ما تجود به أنفسهم لإخوانهم المتضررين الفلسطينيين مادياً وعينياً كل بحسب قدرته وطاقته”.

من جهة أخرى دعا المفتي قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى التجاوب مع “كل صوت حق يدعوهم إلى الخير”.

=============

هذه الفتوى الغريبة عن مفاهيم الإسلام تشير بوضوح إلى أن مركز الإفتاء في دول الضرار هي لسان حكامها… إنها فتوى يسوقها صاحبها سوق السوائم إلى حيث يرضى حاكمه ولا يرضى الله سبحانه ربه ومعبوده. هذه الفتوى التي يرفضها كل مسلم تقلل من قيمة صاحبها وتنزل به عن مرتبة علماء الخير والحق، وتكشف تلاعباً في الدين، وخاصة حين تكذبها فتوى أخرى في الموضوع نفسه صادرة عن مرجع الإفتاء نفسه. وسيظهر في الفتوى السابقة كيف أنها صادرة عن علم معتبر، أما الفتوى الأخيرة فإنه سيظهر أنها بعيدة عن الحس الإسلامي الصحيح، وعن مفاهيم الإسلام الصادقة التي تجعل قضايا المسلمين واحدة، وتجعل المسؤولية تجاهها واحدة، خاصة وأن بلاد الحجاز ليست بعيدة عن الأرض المباركة بل هي على مرمى حجر كما يقال.

============

رقم الفتوى: 5843

عنوان الفتوى: شروط جواز المظاهرات.

تاريخ الفتوى: 17 ذو الحجة 1422هـ/ 2-3-2002م.

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الشيخ حفظكم الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أفتونا مأجورين:

الجالية المسلمة عندنا في جنوب السويد قررت أن تقوم بمظاهرة تضامناً مع الشعب الفلسطيني على أن تكون المظاهرة سلمية لإيصال صوت المسلمين إلى الحكومة السويدية من أجل إيقاف المجازر في حق أطفال الشعب الفلسطيني، فما حكم مثل هذه المظاهرات؟ ونحيطكم علماً أن مثل هذه المظاهرات لها دور كبير وفعال لإيصال صوت المسلمين إلى السياسيين للضغط على حكومة الصهاينة من أجل إيقاف المجازر في حق الأطفال في فلسطين.

أفتونا جزاكم الله خير الجزاء.

الفتوى:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد

فبارك الله فيكم على مشاعركم النبيلة، وعاطفتكم الإيمانية، وحرصكم على التزام أحكام الشرع في المنشط والمكره.

أما ما سألتم عنه من رغبتكم في القيام بمظاهرة تضامناً مع إخوانكم في فلسطين فإننا نقول:

إن هذه المظاهرات وغيرها من طرائق التعبير عن الرأي، وقنوات التأثير على الآخر هي وسائل يتوصل بها إلى غايات، وليست غاية في ذاتها. وما كان على هذا النحو فإنه ينظر إليه من جهتين:

الأولى: من جهة الوسيلة المستخدمة في التعبير عن الغرض، المتوصل بها إلى الغاية، هل هي مأمور بها شرعاً، أم مباحة، أم ممنوعة.

– فإن كان مأموراً بها فلا شك في جواز استخدامها، وذلك مثل المشي لشهود الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، أو السعي في طلب الرزق أو زيارة الأقارب والأرحام أو في الدعوة إلى الله… ونحو ذلك.

– وإن كانت الوسيلة ممنوعة، فإن كان منع تحريم فإنه يحرم اتخاذها أو التوصل بها إلى أي غاية، حتى وإن كانت الغاية مطلوبة شرعاً، وذلك كمن يسرق ليتصدق، أو يودع ماله بفائدة بنية التبرع بهذه الفائدة في المشاريع الخيرية، أو ينشئ مشروعاً سياحياً في بلاد المسلمين، تمارس فيه الرذيلة ويباع فيه الخمر ويجلب إليه العاهرات… بغرض التجارة… ونحو ذلك، فهذا ونحوه لا يلتفت فيه إلى الغاية، لأن الطريق الموصل إليها ممنوع في ذاته.

وإن كانت ممنوعة منع كراهة فإنه يكره اتخاذها تبعاً لذلك.

– وإن كانت الوسيلة مباحة، فهذه مسألة اختلفت فيها أنظار أهل العلم بين مجيز ومانع.

ومستمسك المانعين أنه جعل الوسائل تعبدية، فلا يتجاوز فيها المنصوص أو المقيس عليه.

والصواب إن شاء الله تعالى أن الوسائل، وهي الطرق إلى المقاصد، غير منحصرة، وأنها تأخذ حكم مقاصدها، وأن النظر في الوسائل يكون من جهة: هل هي ممنوعة أو لا. وليس: هل هي مأمور بها أو لا.

أي أننا في باب الوسائل ننظر: هل نهى الشارع عن هذه الوسيلة أو لا، ولا نحتاج إلى البحث في: هل أمر بها الشارع أو لا. بل يكفي في الوسائل أن يكون الشارع قد أباحها أو سكت عنها.

الثانية: من جهة المقاصد، وذلك أننا لا نحكم للوسائل -على التفصيل السابق- بحكم منفصل عن الغاية المقصودة من ورائها، لأنه قد تقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد. فإذا كان القصد مطلوباً شرعاً، والغاية مأموراً بها من حيث هي، فإنه يشرع التوصل والتوسل إليها بكل وسيلة غير ممنوعة شرعاً.. فنصرة المسلم المظلوم مطلوبة شرعاً. قال تعالى: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) وقال عليه الصلاة والسلام: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر» (متفق عليه). فكل وسيلة قديمة أو مستحدثة غير ممنوعة شرعاً، يغلب على الظن أنها تحقق المقصود، وهو النصرة ورفع الظلم أو تخفيفه فإنها جائزة، بل مأمور بها، بحسب ما لها من أثر.

ومعلوم أن الشعوب لها طرائق مختلفة في التعبير عن آرائها، والشرع لا يمنع من استخدام تلك الطرائق، ولا يحصر معتنقيه على وسائل بعينها، وليس مع من ادعى ذلك حجة نقلية ولا عقلية، بل مقاصد الشرع وقواعده ووقائع تاريخ المسلمين في الصدر الأول تشهد بخلاف ذلك.

إذا تقرر هذا فإننا لا نرى مانعاً من تنظيم المظاهرات والاحتجاجات على المذابح التي يتعرض لها إخواننا في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، فإن هذا أضعف الإيمان وأقل الواجب. والله المستعان. وهو حسبنا ونعم الوكيل. والله أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *