المسـلمـون والـغـرب (9)
خـطـة الغـرب المتـكـامـلـة
تمسك المسلمين بالإسلام الصافي يُفشل خطة الغرب
وهكذا نرى أن للغرب المادي مصلحة كبرى في بلادنا لأنها تحوي ثروات مادية ضخمة. وما استمرار استعماره لها إلا لأن هذه الثروات الدفينة هي بمنزلة الماء العِدّ الذي لا ينفع. وقد أعد خطة طويلة المدى تضمن بقاء الأمور بيديه لا تفلت منه. وقد رأينا أن خطته هذه تشكل سلسلة متكاملة الحلقات، وما زال يمسك بها ويحرص على أن لا تفلت إحدى حلقاتها حتى لا يفرط عقده، فتضيع مصالحه، وقد اعتمد على وسائل وأساليب ما زال يعتمدها حتى يومنا هذا:
-
فبالدعوة إلى القومية عمل على تفريق الأمة وتحويل ولائها من ولاء للإسلام إلى ولاء للقـوم، وجعـل المشـاعر تتجمع حولها على حساب المشاعر الإسلامية، وهو ما زال ماضياً في هذا الأمر خوفاً من أن تتيقظ الأمة من جديد وتتجمع حول دينها.
-
وبإضعاف اللغة العربية عمل على إضعاف فهم المسلمين للإسلام وإضعاف تطبيقه، ومن خلال ذلك سهل عليه أن يجعل أفكاره وأحكامه ومقاييسه هي أفكار وأحكام ومقاييس المسلمين، وكذلك على ضرب وحدة المسلمين من خلال ضرب اللغة العربية. وهذان الأمران ما زالا سببين قائمين يحثان الغرب على استدامة العمل على إضعاف اللغة العربية.
-
وبالجمعيات والأحزاب استطاع أن يسوّق للقومية ويوصل فكره وأنظمته إلى الحكم. ولا يزال الغرب والأنظمة التابعة له حتى اليوم يعتمدون عليها في تثبيت نفس الأهداف.
-
وبالأنظمة والجيوش استطاع الغرب وما يزال، أن يبقي الأمور بيديه ويحافظ على مكتسـبـاته، ويستمر في تطبيق أنظمته، ويضرب كل عمل مخلص.
-
وبالعلمانية التي جعلها الغرب بديله الفكري عن الإسلام، واعتبرها مؤشراً على بقائه في بلادنا، واعتبر أن تخلي الأمة عنها هو بداية التخلي عنه، بالعلمانية هذه استطاع الغرب أن يرسّخ نفوذه عن طريق سنها في الدساتير والقوانين وفرضها ببرامج التعليم ووسائل الإعلام، وهو ما يزال يتابع هذا الأمر.
-
وبالإعلام والتعليم استطاع قلب الحقائق وإظهار الأمور على عكس ما هي عليه، وجعل طريقته في الحياة تبدو كأنها مثالٌ يحتذى وأنها الطريق الصحيح لإخراج بلادنا مما هي فيه من تخلف وانحطاط. وما زال الغرب حتى الآن يقوم بدوره من غير أن يتوانى في ذلك نظراً لأهمية ما يقوم به. وهو في هذه الأيام يشوه صورة الإسلام والمسلمين العاملين.
-
وبرجال الدين استطاع أن يُلبس على المسلمين أمر دينهم، ويعطي شرعية لأفكاره وأنظمته، وهو لا يزال يعتمد عليهم في إصدار الفتاوي التي ترضيه ولا ترضي اللـه.
-
وبإقصاء حكم الإسلام عن الحياة والحكم استطاع أن يصل إلى هدفه الكبير الذي جنّد كل إمكاناته لأجله والذي ما زال يحرص عليه حرصه على تحقيق مصالحه.