فصل الكلام في زور الإعلام (1)
2016/09/27م
المقالات
2,056 زيارة
فصل الكلام في زور الإعلام (1)
تعتمد أمريكا اليوم في إطار حملتها لمحاربة الإسلام على عدة ركائز, نذكر منها زعامتها للعالم, وتسخيرها لعملائها في البلاد الإسلامية, وتوجيهها لوسائل الإعلام العالمية والمحلية. سنتناول في هذا المقال البحث في الركيزة الأخيرة باعتبارها من أهم آليات سياسة العولمة التي تروج لها أمريكا. هنا يصبح الإعلام ليس مجرد أداة في نقل المعلومات بل أداة في تعميم النموذج الحضاري الأمريكي على العالم.
إن الإعلام بما يوفره من نقل سريع وفعال للصورة والصوت والكلمة يعتبر من أخطر الوسائل في توجيه الرأي العام، وصناعه الذوق الجماعي, والتأثير المباشر في أفكار الجمهور ومشاعره؛ وخاصة بعد الثورة التكنولوجية التي حصلت في مجال الاتصالات, تلك الثورة التي جعلت من العالم كله عبارة عن قرية صغيرة. لهذا السبب, وفي ظل غياب دولة الخلافة الراشدة, تمسك أمريكا, ومعها الدول الغربية الكافرة وعملائها في العالم الإسلامي, بوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة, بقصد الترويج لأفكار الكفر وللتمكين لمخططات الكفر في بلادنا. كما يعمل هذا الإعلام الضال على تمييع الإسلام وتشويه صورة العاملين للإسلام, وتخويف الأمة منهم وتيئيسها من عودة الخلافة. هذا الإعلام الخبيث له عدة وسائل وأساليب لتضليل العقول وتخدير المشاعر, ومن ثم تجهيل الرأي العام واختطافه لتوجيهه حسب المراد. ومن بين أخبث أساليبه التي تعتمد التلميح حينا والتصريح أحيانا أداة في ذلك هو أسلوب يمكن أن نعبر عنه باسم آلية «الإيحاء الترابطي« وسنعمل في هذا الموضوع على تعرية هذه الآلية لبيان أمثلة من أساليبها الهادفة إلى تثبيت الهيمنة الرأسمالية على العالم وأمركتها, ولكن قبل ذلك ما المقصود »بالإيحاء الترابطي«؟ يعمل هذا (الميكانيزم) على إيجاد ارتباط أو علاقة شرطية أو سببية بطريق الإيحاء والإيهام بين أمرين لا يوجد في الواقع بينهما أي ارتباط لا من قريب ولا من بعيد. وهو أسلوب دعائي يستعمل في الإعلانات التجارية لتسويق سلعة من السلع أو خدمة من الخدمات. لكن هذا الأسلوب عندما يستعمل في تسويق الأفكار الرأسمالية ومحاربة الأفكار الإسلامية فإنه يدخل في إطار الدعاية السياسية التي تنتهجها سياسة العولمة. هنا يصبح دوره خطيرا في صناعة الرأي العام المبني على اغتيال الوعي العام. وبالتدقيق في هذا (الميكانيزم) نجده لا يخاطب العقل أو الفكر لفهم الارتباط بين الأمرين بقدر ما هو يستفز الغريزة ويثير العاطفة بشكل متكرر وعن قصد. فيحصل جراء هذا التكرار المقصود من إثارة العاطفة وتهيج الغريزة, تخدير للعقل واغتيال للفكر وتسطيح الوعي. ما يسهل بطريق الإيحاء والوهم تقبل الكلمة المقروءة أو الصورة المرئية أو الصوت المسموع, أي يحصل استعداد ثم تقبل لما تريد وسائل الإعلام تمريره ونشره بين الناس. ولنأخذ أمثلة من تطبيقات هذا الأسلوب الخبيث حتى نعي عليه وعيا مستنيرا, ونستطيع مصارعته فكريا, ومكافحته سياسيا, حتى يأذن الله بقيام دولة الخلافة التي تجعل الإعلام في خدمة الإسلام, سواء لتوعية الأمة أو لتهيئة الأجواء لحمل الدعوة للجهاد رحمة ونورا إلى العالم. والله الموفق
1– الربط بين الصحوة الإسلامية والحالة الاقتصادية (أي أن الدافع إلى العمل الإسلامي هو الفقر وليس الإيمان) كثيراً ما يربط الإعلام في منطوقه ومفهومه بين الصحوة الإسلامية وبين الظروف الاقتصادية والسياسية المتردية التي يعيشها المسلمون, كما تُرْجِع أبواقُ الإعلام المتغرب المطالبة بعودة الإسلام إلى الحياة لعوامل الفقر المدقع والإحباط النفسي والهزيمة العسكرية والسياسية التي مُني بها المسلمون خلال القرن العشرين, فمثل هذا الكلام يوحي لسامعه أو قارئة بأنه في حالة ما إذا تحسّن وضع الناس الاقتصادي, وترفهت أحوالهم المادية, وجازوا على بعض الحقوق فإن مصير العمل السياسي الإسلامي إلى زوال.
ولهذا يعمل بعض الحكام في البلاد الإسلامية – بشكل جدي – على إيجاد «طبقة» متوسطة تتمتع بقدر محدود من الحقوق خاصة الاقتصادية, تكون هذه الطبقة بمثابة عازل اقتصادي يمنع, على حد زعمهم, اختراق الحركات الإسلامية لكل فئات المجتمع, وذلك باعتبار أن هذه الطبقة المتوسطة ستعمل على تقريب الهوة السحيقة بين الأغنياء المترفين والفقراء المدقعين.
إن هكذا تصور يحاول إثبات أن المد السياسي الكاسح للإسلام إنما هو حالة طارئة ووضع استثنائي في الأمة مصيره إلى الزوال, وذلك بزوال أسبابه وظروفه الاقتصادية خاصة, يقول عبدالحميد إسماعيل الأنصاري في مقالة له بمجلة «العربي» بعنوان «التشدد الديني» (عدد 454, سبتمبر 1996) بعد أن حدد التشدد بأنه «مناقض لقاعدة أساسية في الإسلام وهي أن الأصل في الأشياء والأفعال والتصرفات الإباحة» وبهذا المعنى يصبح التشدد تعبيرا عن «أمراض نفسية هي إفرازات مجتمعاتنا المنحطة والمقهورة سياسياً وثقافياً واجتماعياً. فهي تشكل نوعا من الهوس الديني وتمثل نوعاً من ردود الفعل المرضية تجاه المتغيرات المعاصرة». هكذا يصبح العمل السياسي لبناء الأمة على قواعد الإسلام والتي منها أن (الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم وأن الأصل في الأفعال والتصرفات التقيد بالحكم الشرعي), يصبح هذا العمل تشددا وهوساً دينيا يعكس وضع الانحطاط الذي تعيشه الأمة. هكذا إذاً يحاول المشرفون على الإعلام المقروء والمسموع والمرئي تصوير العمل لاستئناف الحياة الإسلامية بأنه حركة تعريضية واحتجاجية, للهروب من ضغط الواقع السياسي والاقتصادي للارتماء في أحضان الحركات الإسلامية كرد فعل مرضي على هذا الواقع. إن هذا الرجوع الكبير إلى الإسلام وخاصة عند الشباب لا يعبّر عند هؤلاء الإعلاميين عن ظاهرة أصيلة وأمر بديهي في أمة تعتنق الإسلام عقيدة ونظاماً, أمة تريد فعلاً الخروج من وضع الذل والتخلف إلى وضع العزة والنهضة, أمة أدركت بأنه لا سبيل إلى هذا الخروج إلا بالإسلام الذي أنهض أسلافها فيما سبق.
أمة لبت قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ).
2- الربط بين وجوب إقامة الخلافة والتستر بالدين لأغراض سياسية:
هنا تعمل وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها على الإيحاء والتشهير بهذا الارتباط المزعوم؛ انطلاقاً من قناعة أصحابها بالمبدأ الرأسمالي الذي يقول بفصل الدين عن الحياة ومنه فصل الدين عن الدولة, لذلك تطالعنا الصحف والكتب وغيرها من وسائل الإعلام أن الحركات الإسلامية ليست حركات «دينية» وإنما هي حركات سياسية تتستر بالدين لتحقيق أغراض شخصية ومكاسب حزبية. إنها, كما يردد الإعلام دائما, حركات «تصطاد في الماء العكر». ويمضي الإعلام بالقول: إن الإسلام دين مثالي وطاهر ومقدس لا يجوز تدنيسه بأمور السياسة. لأن هذه إنما هي محض غش ودجل وخداع. فإقحام الإسلام في أمور الدنيا من سياسة واقتصاد إنما هو تلويث له ومتاجرة بالدين من قبل الحركات الإسلامية. يقول عبد الحميد إسماعيل: «إن من بين هؤلاء من يتخذ الدين وسيلة للبروز الاجتماعي وطلب الشهرة والزعامة تحقيقا لمصالح عاجلة».
أما محمد أركون فيقول في «تاريخية الفكر العربي الإسلامي»: «إن القائلين إن الإسلام دين ودولة هم حملة رغبات شخصية وذاتية على خلاف الحقائق التاريخية، ولا نبالغ في أنها رغبات اقتصادية وطائفية ومذهبية لا أكثر». إن مثل هذه التهمة الباطلة وهذا الربط البغيض لا يُوَجه إلى الحركات الوطنية أو القومية أو الشيوعية. فهذه الحركات منزهة بزعمهم عن الأغراض الحزبية والشخصية ومنزهة عن التكالب على السلطة. كما أن عملها السياسي لا يُعد متاجرة بالوطنية أو القومية أو الشيوعية. وهذه التهمة لا توجه كذلك إلى الدول الجاثمة على رقاب المسلمين بالحديد والنار والمخابرات والاستعانة بالكفار. فهذه الدول بعد أن فصلت الدين عن الحياة والسياسة لم تألو جهدا في إلصاق المعاهد والكليات والأوقاف الإسلامية بوزاراتها, وإلحاق رواتب الوعاظ وأئمة المساجد بماليتها, واستصدار قوانين وإنشاء لجان لمراقبة أي عمل أو شخص, خاصة في المساجد. نعم إن السياسة التي يتحدثون عنها كلها غش وكذب ونفاق, لأنها تسير حسب كتاب «الأمير» الميكافيلي, أما السياسة الشرعية فهي رعاية لشؤون الناس وتدبير لأحوالهم حسب أحكام الإسلام. والذي يباشر عمليات هذه السياسة إنما هو دولة الخلافة, التي هي رئاسة عامة للمسلمين, لتطبيق الإسلام في الداخل وحمل رسالته ودعوته بالجهاد إلى الخارج. إن قصد أبواق الإعلام من إضفاء المفهوم الكهنوتي على الإسلام إنما هو أن تبقى رعاية شؤون الناس محصورة ومحتكرة فقط بيد الرأسمالية, دين أمريكا وحلفائها من الغرب ومن والاهم من العملاء في الفكر والدين والسياسة والاقتصاد من أبناء المسلمين. وصدق الله العظيم حيث قال: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
3- الربط بين حمل الدعوة وتهديد وحدة الأمة:
إن حمل الدعوة في الطريق السياسي هو حركة جماعية تغييريه تستهدف قلب الأوضاع والعلاقات قلباً شاملاً وجذرياً. لذا تصور وسائل الإعلام, ومن ورائها من الكفار والعملاء, هذا العمل السياسي العظيم بأنه نذير شؤم وخطر يهدد وحدة الأمة ويعصف باستقرارها. وفي هذا الباب يقول خليل عبد الكريم في مقالة حول «المنهج التاريخي في علوم الحضارة الإسلامية»: «إن الإسلام السياسي هو الذي شق وحدة المسلمين ووضع الفرقة بينهم وصدع هذا الصدع الذي لن يلتئم إلى إذا كف القائلون بدعوى: (الإسلام دين ودولة) عن مقولتهم».
وإمعانا في التضليل لا يفتأ الإعلام, وخاصة المرئي والمسموع, يركّز على أخبار الانقلابات والثورات, وإبراز ما يصاحبها من خسائر في الأرواح, ودمار في الممتلكات لدفع الناس إلى القبول بوضعهم هذا, على ما فيه من تشرذم وذل وفقر وبُعد عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا الوضع على عِلاته أفضل للناس مما يمكن أن يحدث لهم في صورة حصول حركة تغييرية في المجتمع!! وذلك عملاً بالمثل العامي الذي يقول (شد في مشومك, لا يجيك ما أشوم منه) أي تمسك وحافظ على وضعك الحالي والمشؤوم, فإنه رغم شؤمه وفساده أفضل من أن يأتي وضع أكثر منه شؤماً وفساداً. فهذا القول أو ما يشبهه ليس سوى دعوة إلى العقود عن العمل الذي ينهض الأمة وينقذها من الذل والانحطاط والفقر والفساد.
هكذا تصبح المطالبة بدولة واحدة هي الخلافة تجمع المسلمين تحت راية: (لا اله إلى الله محمد رسول الله), تصبح هذه المطالبة عملاً يهدد وحدة الأمة واستقرارها. أما ما ينظر له المفكرون العلمانيون ومَن يُقدِّمهم الإعلام كإسلاميين, مِنْ قبول بالتجزئة والحدود التي صنعها الكافر, فهذا أمر مقبول وغير مستهجن في القانون والشرع الدوليين. يقول فهمي هويدي في «خطوط عريضة لمشروع إسلامي»: «إن المحيط الإسلامي يتحمل ولا يمنع من وجود عدة جزر قومية في داخله».
ولذا ليس غريباً, ومباركة ودعم من أمثال هؤلاء المعزين, أن تتخذ الدول القائمة في العالم الإسلامي إجراءات دستورية وقانونية تمنع من تكوين أحزاب على أساس الإسلام, محافظة منها بزعمها على الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي في البلاد. وما ذلك سوى حفاظ على أنظمة كفرهم, وصد عن سبيل الله, وتكريسٍ للتجزئة التي صنعها الكافر قبل خروجه عسكريا من بلادنا, وسد يعرقل عمل الأحزاب المخلصة بين الناس. كيف يمكن أن يكون العمل لجمع المسلمين تحت راية التوحيد وفي ظل دولة واحدة تهديدا لوحدة الأمة, والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». أيّ هذه الروابط يهدد وحدة الأمة: رابطة الإسلام (حبل الله المتين) أم الروابط الوطنية والقومية والإقليمية؟!. إن هذا والله لأمر عُجاب!
4- الربط بين التمسك بالإسلام كله وبين الفتنة والتطرف:
في العادة يربط الإعلام الغربي والمحلي بين العمل الإسلامي كمبدأ شامل للحياة وبين ما يسميه بالتطرف الديني أو التشدد الفكري, وخاصة عندما يقع الحديث عن طاهرة تعدد الحركات الإسلامية التي ينعتها بالأصولية. هنا يحاول الإعلام الربط بين هذا التعدد وبين الفتنة الكبرى التي حدثت أيام سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه. وما حدث بعد ذلك من مذاهب فكرية وسياسية في الأمة. يقول عبدالحميد إسماعيل: «إن التشدد آفة عرفتها المجتمعات الإسلامية قديماً متمثلاً في الخوارج وفهمهم المغلوط للدين, وحديثاً في الجماعات المتشددة. غير أن هذا التشدد قديما كان محدوداً والفتنة كانت محصورة، بعكس ما هو ظاهر الآن من انتشار موجات التطرف في المجتمعات الإسلامية وخاصة بين الشباب».
إن وسائل الإعلام المأجورة تعمل على تحريك ذلك المخزون التاريخي, وتذكير الناس بتلكم الأحداث لاستحضارها وهي تتعامل مع الحركات الإسلامية التي تطالب بإقامة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية.كل ذلك لتخويف الناس من هذه الحركات, وإبعادهم عنها لأنها بزعم الإعلام الخبيث فرق ضالة تزرع الفتنة التي هي أشد من القتل. ولكن هل هناك فتنة اشد من الصد عن سبيل الله, وتعريض وجود الأمة الإسلامية إلى الفناء, عبر الحملة الضارية للقضاء على الإسلام بصفته عقيدة ينبثق عنها نظام. ومن ثم دفع المسلمين لاعتناق عقيدة فصل الدين عن الحياة: الدين الذي تبشر به الرأسمالية.
إن الفتنة الواردة في النصوص الشرعية والتي تثبت للمسلم الابتعاد عنها, إنما تكون في حق من لم يظهر له المحق من المبطل, أو في حالة صراع بين طائفتين ظالمتين. أما ما عدا ذلك فإن النصوص الشرعية توجب صراحة مناصرة الحق وصراع الباغين. وفي حال الأمة اليوم فإن الفرق واضح بين الحق والباطل, كوضوح الفرق بين الحياة والموت, فأمريكا وحلفاؤها من الغرب, وحكام المسلمين ومن والاهم من المسلمين والمفكرين والاقتصاديين والإعلاميين وغيرهم من المضبوعين بالرأسمالية والديمقراطية والليبرالية هم في خندق الباطل. أما الواعون المخلصون من حَمَلَةِ الدعوة الإسلامية ومعهم كل الغيورين على دينهم من أبناء الأمة الإسلامية فإنهم في خندق الحق. فلا محل هنا للحديث عن الفتنة, أو للوقوف على الحياد في هذه المعركة المصيرية من حياة الأمة. فكل مسلم يؤمن بدين الإسلام كما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم مأمور شرعا بالوقوف في خندق الحق ضد خندق الباطل.
يجب أن نلاحظ هنا أن نعت التطرف والأصولية والفتنة لم يشمل كل الحركات الإسلامية. بل اقتصر فقط على الحركات التي تعمل على إيجاد الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية في الدولة والمجتمع. ذلك أن الخطر على الحكام ومصالح الكفار إنما يأتي من هذه الحركات فقط. أما الحركات الإسلامية غير السياسية, أو التي تصف نفسها بالوسطية والاعتدال, أو الحركات القومية والوطنية, فلا خطر منها, بل يسهل لها الإعلام نشر ما تكتب, والبروز في التلفزة والراديو للسيطرة على عقول المسلمين, لتضليلهم وتمييع الفكر الإسلامي الصحيح.
هكذا يصبح التمسك بالإسلام والعمل له تشددا, ورفض أحكام الكفر ومحاربتها تطرفا. أما ما يقوم به الإعلام بوسائله المختلفة من الاعتزاز بالروابط الوطنية والقومية والإقليمية, وإثارة التعصب القبلي والجهوي, ودق طبول العشائرية والطائفية السياسية, فذلك يعد احتفالا بفلكلور شعبي, وبأهازيج وطنية وبتراث تاريخي. وصدق الله العظيم حيث قال: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُواْ الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ)
(يتبع)
2016-09-27