العدد 256 -

العدد 256- السنة الثانية والعشرون، جمادى الأولى 1429هـ ، الموافق أيار 2008م

التيارات الدينية فاقدة «البوصلة»… والليبراليون لا يملكون الجرأة ليقولوا «لا نريد الإسلام»!

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الكويت حسن الضاحي:

التيارات الدينية فاقدة «البوصلة»…

والليبراليون لا يملكون الجرأة ليقولوا «لا نريد الإسلام»!

 

ماذا تريد التجمعات الدينية من الكويت؟

هذا السؤال تردد كثيراً في الآونة الأخيرة بعد أن أقحمت تلك التجمعات نفسها في الكثير من القضايا التي يراها التيار الليبرالي بأنها هامشية ويجب عدم الوقوف عندها، ومن أمثلة ذلك رفض التيارات الدينية لدورة الألعاب الرياضية النسائية الخليجية التي ستقام في الكويت، ولاستمرارهم في رفض الاختلاط بين الطلاب والطالبات في الجامعة، وكذلك وضعهم للقيود والضوابط على الحفلات التي تقام في الكويت. ولا يزال يعتقد التيار الليبرالي أن هذه النقاط التي تركز عليها التيارات الدينية في الكويت تدخل في إطار إعدادها وتجييشها للمجتمع تمهيداً لتهيئة الأجواء لتطبيق الشريعة الإسلامية ثم الوصول إلى السلطة.

ولفتوا أن هذه التيارات الدينية تستهدف المرأة الكويتية وتنظر إليها نظرة دونية، على الرغم من أنهم غازلوها في الانتخابات البرلمانية السابقة من أجل الحصول على أصواتها الانتخابية، موضحين أن ذلك الأمر بحد ذاته يثبت أهدافهم الوصولية وعدم التزام هذه التيارات بقناعاتها، نظراً لأنها كانت ترفض بقوة إعطاء المرأة الكويتية مكتسباتها السياسية لأسباب دينية.

ولكن هل بالفعل تسعى التجمعات الدينية إلى شحن عقول الشباب والفتيات بالتطرف والتشدد من أجل استمرار السيطرة على المجتمع الكويتي؟ وهل بالفعل يسعى هؤلاء إلى الوصول إلى السلطة كما يلمح التيار الليبرالي إلى ذلك كثيراً؟

وماذا تريد التجمعات الإسلامية من أسلمة القوانين والمناهج الدراسية؟ وما الذي أدى إلى ضعف شوكة التيار الليبرالي أمام التجمعات الإسلامية؟

هذه الأسئلة وغيرها طرحتها «السياسة» في هذا الملف الشائك على رموز ليبرالية ودينية. في هذا الإطار جاءت هذه المقابلة الصحفية مع رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحريرفي الكويت حسن الضاحي وقد امتازت أجوبتها باستعلاء الإيمان والالتزام والجرأة والصراحة، والتي جاء فيها:

هوية المجتمع

– الأحزاب الدينية في الكويت… هل ترون أنها تحافظ على هوية المجتمع؟

– إذا أردنا أن نصف هوية أي مجتمع لابد من لفت النظر إلى أمور عدة، منها الأفكار والمفاهيم التي تدور في المجتمع، ومشاعر الناس هل هي موحدة أم مختلفة، ومصالح الناس هل هي مشتركة أم متباينة، والأنظمة التي تحقق هذه المصالح، وأفراد المجتمع وما يحملون من عقائد، كل هذه الأشياء ندرسها في المجتمع لنعرف هويته، فمجتمع مثل المجتمع الإنكليزي نجده يقوم على أفكار الحل الوسط والتحرر من أي قيود ونبذ أي تدخل ديني في الحياة، ونجد مفاهيم الناس ومشاعرهم متسقة مع أفكارهم هذه، والأنظمة التي تحقق مصالح الناس أنظمة رأسمالية منسجمة مع عقيدة أفراد المجتمع وهي فصل الدين عن الحياة؛ لذلك عندما نصف هوية هذا المجتمع نستطيع أن نطلق عليه أنه مجتمع رأسمالي قائم على عقيدة فصل الدين عن الحياة، فأفكار الناس ومفاهيمهم ومشاعرهم وأنظمتهم كلها رأسمالية؛ لذلك تكون للمجتمع هوية واضحة.

أما مجتمعنا فإن الناس فيه يحملون عقيدة الإسلام، ولكن أفكارهم ليست كلها متسقة مع عقيدتهم، لأنهم تلقوا عبر الإعلام والمناهج ثقافات غريبة عن العقيدة الإسلامية، وهذا أثر في المجتمع، فنجد من الناس من يغضب لسب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ويخرج في المسيرات ويحمل اللافتات، ونجد من الناس من يعتبر ذلك ببرودة أعصاب حرية رأي. أما القوانين فليست كلها منبثقة من عقيدة الناس الإسلامية، بل منها ما هو متفق مع الشريعة الإسلامية ومنها ما يخالفها كالأنظمة الربوية والعقوبات مثلاً، لذلك لا نستطيع أن نصف المجتمع بهوية معينة، لأنه عبارة عن مجموعة متناقضات جمعت في مجتمع واحد، العقيدة إسلامية والقوانين وضعية والأفكار بين إسلامية وغربية، فكيف لنا أن نصف هويته؟ لذلك برأيي يجب علينا أولاً أن نوجد هوية محددة واضحة للمجتمع ومن ثم نبحث في كيفية الحفاظ عليها.

تطبيق الشريعة

-كيف يمكن إيجاد هذه الهوية ونحافظ عليها؟

– توجد الهوية بتطبيق الإسلام كاملاً في المجتمع، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قلب هوية المجتمع في المدينة بمجرد تطبيق أحكام الله، وبث مفاهيم الإسلام بين الناس، فالأمانة أصبحت صفة في المجتمع، والصدق أصبح صفة في المجتمع، والعدل صفة في المجتمع؛ لذلك عندما توصف هوية المجتمع يقال مجتمع إسلامي متكامل بأفكاره وقوانينه وأفراده، ولا يوجد فيه متناقضات. والمحافظة على هذه الهوية لا تكون بمجرد وجود تيار ديني، بل بضمانة استمرارية تطبيق الإسلام على الناس، وجعل العقيدة الإسلامية أساس كل شيء، سواء في الإعلام أم التربية أم المناهج أم المعاملات أم الاقتصاد أم الأحوال الشخصية، بمعنى أن يكون المجتمع قائماً بكل مؤسساته على العقيدة الإسلامية؛ لذلك إذا أردنا أن نحافظ على هوية مجتمعنا، لابد من إيجاد الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة، لكي يكون الإسلام فقط هوية المجتمع، كما هو مجتمع المدينة المنورة الذي أوجده الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن ثم نحافظ على هذه الهوية.

– يقال إن التيارات الدينية في البلد هدفها جر المجتمع إلى الوراء، فما ردكم على ذلك؟

– أنا لا أتحدث نيابة عن التيارات الدينية كما تسميها، ولست مدافعاً عنها، وإنما أتحدث بصفتي عضواً في حزب التحرير، وحزب التحرير برأيي له خط يختلف تماماً عمن تسميهم تيارات دينية، وهو قطعاً ليس ليبرالياً أو يسارياً، وإنما هو حزب سياسي قام على أساس العقيدة الإسلامية وهدفه تطبيق الإسلام في المجتمع، معتبراً ذلك الهدف فرضاً على كل مسلم كالصلاة والصوم.

فتطبيق الإسلام كاملاً هو فقط الذي يدفع المجتمع إلى الأمام، أما ضياع جهود المسلمين في تناحر التيارات الدينية والليبرالية فيما بينها هو الذي يجر المجتمع إلى الوراء، والمشكلة العظيمة أن من يطرح هذا الطرح ويقول إن التيارات الدينية تجر المجتمع إلى الوراء يهدف إلى النيل من الإسلام؛ لأن الإنسان العامي يرى الإسلام في هذه التيارات وهذا خطأ محض، فالإسلام أرقى بكثير من التيار الديني الموجود في البلد، ويجب أن لا يقاس الإسلام على الجماعات أو التيارات الدينية، بل بالعكس يجب أن تعرف الجماعات والتيارات بمدى التزامها بالإسلام (لا يعرف الحق بالرجال، وإنما يعرف الرجال بالحق).

أسلمة القوانين

– التيار الليبرالي يرى أن التيارات الدينية تسعى إلى أسلمة الدولة عن طريق تطبيق الشريعة الإسلامية… فما رأيكم؟

– بصراحة التيار الليبرالي أصبح كالطائر الذي أضاع مشيته ومشية الحمامة، فلا هو يملك الجرأة ليقول «لا أريد الإسلام» وفي الوقت نفسه يعترض على من ينادون بتطبيق الشريعة الإسلامية، ورؤيته بأن التيارات الدينية تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الدولة دليل على قصوره في الفهم السياسي للواقع؛ لأن المراقب يدرك أن التيارات الدينية ليست جادة في دعوتها لتطبيق الإسلام؛ لأنها إلى اليوم غير واضحة في الإسلام الذي يريده، هل هو تطبيق العقوبات، هل هو إيجاد مصارف شرعية، أو تغيير حرف أو حرفين في إحدى مواد الدستور. أنا أقول ذلك لأن الدعوة لتطبيق الإسلام يجب أن تكون واضحة جلية محددة لا لبس فيها، لأنني عندما أقول إنني أدعو إلى تطبيق الإسلام أعني من ذلك الإسلام الذي طبقه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة المنورة وسار عليه خلفاؤه الراشدون إسلاماً كاملاً على منهاج النبوة في دولة خلافة راشدة، متخذاً طريقة الرسول في الدعوة، طريقة الفكر والإقناع، الحكمة والموعظة الحسنة، بعيداً عن الديمقراطية الغربية وأساليب العنف والتضليل.

دورة الألعاب

– هناك مظاهر يعتبرها الإسلاميون مخالفة للشريعة الإسلامية كدورة الألعاب النسائية التي ستقام في الكويت، ماذا تفعلون بشأنها؟

– لا يختلف اثنان يشهدان أن (لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) على أن المرأة عرض يجب أن يصان، أمرنا الله أن نريق الدماء في سبيله حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «… ومن مات دون عرضه فهو شهيد»، هذه المرأة التي كرمها الله بأن جعل الرجل يموت حفاظاً على عرضها، هذه المرأة التي قاتل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) اليهود ونفاهم خارج المدينة لأنهم اعتدوا على عرضها، يأتي اليوم وتبرز مفاتنها بشكل رخيص تحت مسمى «دورة ألعاب»، أرى أن هذا الذي يجر المجتمع إلى الوراء هو قمة في امتهان المرأة وتقليل شأنها العظيم الذي أعطاها إياه الإسلام.

الإسلام لم يمنع النساء من اللعب، ولم يمنعهن من السباحة، ولم يمنعهن من الرياضة، فقد روي عن السيدة عائشة أنها قالت: «سابقتُ النبي، عليه الصلاة والسلام، فسبقتُه، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقلت: هذه بتلك» وواضح أن السباق لا يكون داخل البيت بل خارجه، مما يدل على أنه مباح للمرأة، إلا أن الإسلام أحاط المرأة بمجموعة من الأحكام الشرعية للحفاظ على مكانتها وعرضها، عكس الغرب الذي جعل من المرأة مجرد متعة للرجل يتمتع بمفاتنها في الشارع والسوق وفي التلفزيون والمجلات، مخدوعة هذه المرأة عندهم بمقولات الحرية والحقوق التي أودت بها إلى أن أصبحت سلعة يستغلها الرجل بين البيع والشراء.

منع الاختلاط

– وماذا تقول عن منع الاختلاط في الجامعة، في الوقت الذي يقول فيه التيار الليبرالي أن هذا الفصل تخلف ورجعية؟

– إذا كانت أسلمة القوانين تجر البلاد إلى الوراء، ومنع الاختلاط تخلف ورجعية، فهل إذاً إباحة الخمور وكشف عورات النساء هي التقدم والتحضر؟ إن من ينال من بعض الأحكام الشرعية كمنع الاختلاط أو العقوبات أو الحجاب هو لا يريد النيل من هذه الأحكام، بل يريد النيل من الإسلام ذاته مستغلاً هذه الأحكام الشرعية، ثم أي تخلف ورجعية الذي سيصاحب منع الاختلاط؟ أهناك أكثر من تخلفنا وتراجعنا بين الأمم؟ من طبقوا الإسلام وأقاموا الشريعة الإسلامية التي منها منع الاختلاط حكموا العالم 1400 سنة، كانت جيوشهم لا تقهر، حتى باتت ملوك فرنسا تستنجد بهم، من حكموا العالم بالإسلام جعلوا أميركا هذه توقع معاهدة ولأول مرة بلغة ليست لغتها وأخذوا منها الجزية، فالإسلام ليس سبباً في التخلف والرجعية، وإنما تركه والانسلاخ منه هو التخلف والرجعية. يقول الخليفة عمر بن الخطاب: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله»، عودة على موضوع الاختلاط، فأرجو أن تسمح لي بأن أفصل قليلاً في هذا الموضوع، لأنني صراحة لا أرى دقة في وصف الحكم الشرعي للاختلاط لا عند المطالبين بفصل الاختلاط ولا المعارضين لهم، فموضوع الفصل بين الرجال والنساء في الإسلام واضح في جميع الأحكام الشرعية المتعلقة في النساء والرجال، فالإسلام أوجب على المرأة لبس الجلباب حين الخروج من البيت واعتبرها كلها عورة يجب تغطيتها ما عدا الوجه والكفين، وحرم على الرجل النظر إلى أي جزء من عورتها ولو شعرها، ومنع المرأة من السفر من دون محرم ولو إلى الحج، من جهة أخرى نجد أن الإسلام لم يفرض على المرأة حضورها صلاة الجمعة، أو المشاركة في الجهاد، ولم يفرض عليها السعي من أجل الكسب وإنما فرضه على الرجال. من هذه الأمثلة على الأحكام الخاصة في الرجال والنساء، وغيرها كثير، يتبين لنا كيف أن المرأة لها معاملة خاصة في الإسلام؛ لذلك كان اجتماعها مع الرجل اجتماعاً محدوداً وحذراً، وطبيعة حياة النساء مفصولة عن الرجال، وكذلك نجد أن الرسول فصل بين الرجال والنساء في صفوف الصلاة وجعلها في الخلف، وعند الخروج من المسجد أمر النساء بالخروج أولاً، وفي دروس المسجد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يجعل يوماً للنساء ويوماً للرجال.

دور المرأة

– هل أفهم منك أن المرأة ليس لها دور في الحياة العامة بما أنها يجب أن تنفصل عن الرجل؟

– أبداً لا يفهم مني هذا الأمر، فالمرأة والرجل سواء في الأحكام الشرعية، والله خاطبهم جميعاً في النص الشرعي، كل حسب واقعه، وهناك أمور أباحها الإسلام للمرأة كالبيع والشراء والقيام بالمعاملات سواء التجارية أم غيرها، وهذه فيها اجتماع بالرجال، وفرض عليها الحج والحج فيه اجتماع بالرجال، وأباح لها الجهاد، والجهاد فيه اجتماع بالرجال، وأعطاها الإسلام حق انتخاب الخليفة ومبايعته، وأن تكون عضواً في مجلس الأمة، وتشارك في الأحزاب السياسية، وتقوم بالمحاسبة، بمعنى أن كل الأمور التي أباحها الله للمرأة لها أن تقوم بها وإن كانت تقتضي التواجد مع الرجال، فلا مانع وفق حدود الشرع، بمعنى أن تكون المرأة ملتزمة باللباس الشرعي وأن يكون الاجتماع بعيداً عن الخلوة.

لذلك ما يطرح حالياً في موضوع الاختلاط في الجامعة لا يعالج أي مشكلة؛ لأنه بعيد عن الحل الشرعي، سواء في منع الاختلاط أم إيجاده، فالمشكلة تكمن في عدم وجود الإسلام في الحياة بشكل عام، فمن يؤيدون الاختلاط مثلاً يستدلون بأن دور العلم يجوز فيها الاختلاط، وهذا غير صحيح؛ لأن ما يحدث في الجامعة هو ليس وجود الطلاب والطالبات في قاعة واحدة منفصلين في الداخل وملتزمين باللباس الشرعي لكي نقول نعم هذا الشكل جائز في الإسلام، أبداً وإنما تجد أن بعض القاعات فيها الطلاب والطالبات معاً بلباس غير شرعي، والرجال والنساء يكشفون عن عوراتهم، وهذه حال المجتمع سواء في الأسواق أو النوادي أو المجمعات أو صالات الترفيه أو المطاعم أو المسارح، فلا يوجد أصلاً أي قانون يفرض على الرجل أو المرأة التقيد باللباس الشرعي، وهذه مشكلة بسيطة قس عليها كل أحكام الإسلام المعطلة، سواء في الاقتصاد أم الأحوال الشخصية أم العقوبات أم غيرها.

الحفلات الغنائية

– ما رأيك بمن يطالب بوضع قيود وضوابط على الحفلات؟ وهل تعتبر ذلك ضد فرحة الشعب الكويتي؟

– الشعب الكويتي الذي تتحدث عنه شعب مسلم، الأصل فيه أن لا يرضى أن يعصى الله عز وجل في الكويت، فالأصل أن نفرح بتطبيق الإسلام ونحزن على معصية الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوجود مثل هذه الحفلات التي تخالف أحكام الله هي معصية، ولا يختلف اثنان على ذلك، فلا يمكن لمسلم أن يفرح بوجودها، أما موضوع وضع قيود وضوابط فهذا ضحك على الذقون، فمنذ متى ويرددون المطالبة بوضع القيود والضوابط، وأي قيود توضع على مطربين ومطربات كاشفين عوراتهم ويعرضون أنفسهم على المسارح للرجال والنساء والأطفال. الحل ليس بالمطالبة بوضع القيود والضوابط على الحفلات، ولا المطالبة باللباس المحتشم الذي ليس له أي مدلول أو معنى، وإنما الحل يكون بتطبيق الإسلام دفعة واحدة كما طبقه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة.

تهيئة المجتمع

– ولكن هذا الحل يحتاج إلى تهيئة، وقد يلاقي رفضاً من الناس، ماذا تقول؟

– بهذا الكلام نحن نظلم الناس، وكأننا نقول إن الناس لا تريد الإسلام، ولكن الناس حقيقة متلهفة إلى الإسلام وإلى تطبيق الشريعة الإسلامية، أما التهيئة فقد احتاجتها يثرب لا بلادنا اليوم، لأن اليوم الناس جميعهم مسلمون ويتعبدون الله على أساس العقيدة الإسلامية؛ لذلك أي تهيئة التي سنهيئهم عليها، بمجرد إدراك الناس أن هذا القانون هو حكم شرعي مستنبط من العقيدة الإسلامية سيقبلون به.

لذلك لا تظلم الناس، وإنما طبق عليهم الإسلام بشكل صحيح وأعطهم فرصة لتعرف أيقبلون به أم يرفضوه، والمسلم الحق قطعاً لا يرفض حكم من أسلم له.

الإرهاب والشباب

– قيل إن المنتمين إلى التيارات الإسلامية هدفهم شحن عقول الشباب بالإرهاب والفكر المغالي، هل ترون ذلك؟

– الإسلام مبدأ ذو حدين، وإن فهمناه كما أمرنا الله أن نفهمه كان مبدأً صحيحاً منتجاً قادراً على نهضة الإنسان، أما إن فهمناه بشكل خطأ قد يوصل بنا إلى المهالك، وإليك بعض الأمثلة التي حدثت، فمن قتلوا سيدنا عثمان قتلوه وهم يرون أنهم خدموا الإسلام، ومن قتل سيدنا علي قتله وهو يرى نفسه مخلصاً لله، وقاتلو الحسين كانوا يسألون عن حكم دم البعوضة من كثرة التزامهم، وقاتلو عبد الله بن خباب بن الأرت كانوا يحرمون على أنفسهم أخذ ثمرة واحدة من بستان دون استئذان صاحبه؛ لذلك لا نستغرب إن ظهر من المسلمين من يقوم بأمور تخالف الإسلام وهو يدعي أنها باسم الإسلام، ومن جانب آخر يجب علينا ألا نترك مجالاً لأعداء الدين أن يستغلوا هذه المظاهر ليطعنوا بالإسلام وبأحكام الله تعالى؛ لذلك علينا ألا نسمح لمثل هذه الآراء التي تربط الإرهاب بالإسلام أو بالمسلمين، بل بالعكس علينا نحن المسلمين أن نوجه الاتهام إلى  أميركا والغرب أسياد التيار الليبرالي بصفتهم حاملي لواء الإرهاب في العالم، يمارسون على شعوبهم وعلى العالم وعلى المسلمين خاصة صباح مساء، وأي نشرة أخبار تسمعها لهي خير دليل على ذلك.

حزب التحرير

– حزب التحرير هل من ضمن أهدافه المناداة بأسلمة القوانين والمناهج الدراسية؟

– هدف حزب التحرير واضح وليس له أهداف ضمنية، وهدفه هو أن يتم تطبيق الإسلام في جميع شؤون الحياة، بمعنى أن تكون بلاد المسلمين دولة إسلامية كدولة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والخلفاء الراشدين، وتطبيق الإسلام يقتضي تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع النواحي، سواء في التعليم أم الاقتصاد أم السياسة الخارجية أم غيرها، لذلك إبداء الرأي في القوانين أو المناهج الدراسية أو السياسات العامة هو من الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية والمحاسبة على أساس الإسلام.

ضعف الليبراليين

– ما هو تفسيرك لضعف التيارات الليبرالية دائماً أمام التيارات الإسلامية؟

– التيارات الليبرالية تستند بأفكارها إلى الغرب وبالأخص أميركا، فهي تحمل وجهة النظر الرأسمالية كالتحرر ونبذ أي توجه ديني والدعوة إلى عدم التقيد بالدين وفصله عن الحياة، واقتصاره فقط بالتعبد في دور العبادة، وهذا يجعلهم ضعافاً لثلاثة أسباب، أولاً: إنهم مسلمون ويحملون العقيدة الإسلامية في دواخلهم؛ لذلك تجد عقيدتهم تخالف أفكارهم؛ فتجدهم دائماً مضطربين وغير متوازنين في المواقف. الأمر الآخر: إنهم يدعون لأفكارهم في بلاد مسلمين متبنين الإسلام كعقيدة؛ لذلك قد لا يكون لهم رواج كبير. الأمر الثالث: إن منبع هذه الأفكار الليبرالية ليس محل ثقة عند الناس، وأقصد بالمنبع الغرب وأميركا خاصة، فالغرب وبالأخص أميركا قد فقدت الثقة بهم خاصة بعد إجهارهم بالعداء للإسلام، وانقضاضهم على المسلمين في شتى أنحاء العالم قتلاً وتهجيراً ونهباً للثروات، أما التيارات الإسلامية فقد تقع في نفس الاضطراب وعدم التوازن الموجود عند الليبراليين، إلا أن الناس لثقتهم بالإسلام يلتفتون إلى من يحمل اسمه؛ لذلك قد تلاحظ بشكل عام ضعف التيار الليبرالي أمام التيار الديني.

هجمة شرسة

– في النهاية هل من كلمة أخيرة تريد أن تضيفها؟

– أود أن أقول إن قضية المسلمين يجب أن تكون واحدة، وهي الإسلام، وأي جهود تضيع في التناحر وحرق الأوراق بين التيارات هي جهود ضائعة سنحاسب عليها يوم القيامة، والهجمة اليوم على الإسلام هجمة شرسة تعدت الغزو الفكري، إلى أن تكون غزواً اقتصادياً وعسكرياً وفكرياً؛ لذلك إن كان للمسلمين جهود فليبذلوها بالدعوة إلى تطبيق أحكام الله وتوحيد كلمة المسلمين وبلادهم، أما الانشغال بقضايا الاختلاط والحفلات والدورات الرياضية النسائية هو انشغال بنتائج لمشكلة وليس انشغالاً لحل أصل المشكلة، فأصل المشكلة هو عدم تحكيم شرع الله في جميع شؤون الحياة، ولو حكم شرع الله لما وجدت هذه المشكلات كلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *