العدد 131 -

السنة الثانية عشرة – ذو الحجة 1418هـ – نيسان 1998م

كلمة أخيرة أين وصلت المبادرة الأميركية؟

كلمة أخيرة

أين وصلت المبادرة الأميركية؟

أميركا هددت بأنها ستنسحب من رعاية عملية (السلام) إذا رُفِضَتْ مبادرتها. فهل تنسحب فعلاً؟ كلا، فإن هذا التهديد نفسه جزء من المبادرة.

قام حسني مبارك بالاتفاق مع شيراك على طرح فكرة مؤتمر دولي لإنقاذ عملية السلام تُستثنى إسرائيل من حضوره. ونحن نرجّح أن هذا أيضاً جزء من المبادرة الأميركية.

وفي الوقت الذي تحتفل إسرائيل باليوبيل الذهبي لقيامها وتحتفل باحتلال القدس نظمت الجامعة العربية ملتقىً في القاهرة بمناسبة مرور خمسين عاماً على تشريد الشعب الفلسطيني، وقد افتتُح في 26/5/98. ومن جملة من تكلم في هذا الملتقى شيخ الأزهر والبابا شنودة، ونحن نرجّح أن كلمتيهما جزء من المبادرة الأميركية. وقد أفتى شيخ الأزهر سيد طنطاوي في كلمته بشرعية عمليات التفجير في الأراضي المحتلة واستخدام القوة ضد إسرائيل واستخدام القتل. وقال: “من حق كل مسلم وفلسطيني وعربي أن يفجّر نفسه في قلب إسرائيل” مشدداً على أنّ الموت من أجل العزة والكرامة “أفضل من الحياة في مذلة”، ولفت إلى أن جميع الشرائع طالبت باستخدام القوة ضد العدو ومحاربة من يقف بجوار إسرائيل. وأضاف: “نحن لا نخاف من إسرائيل ولا بد من القتال والجهاد والدفاع، ومن يتراجع عن ذلك لا يكون مؤمناً”. وقال بأن مصر حكومة وقيادة وشعباً مع قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

هذا الكلام لا يمكن أن يقوله شيخ الأزهر من تلقاء نفسه، وهو بالتأكيد مكلّف بقوله من الرئيس مبارك.

وقال البابا شنودة: إن القضية الفلسطينية “لن تحل بالنقد والخطب والكلام والبكاء على الماضي، وإنما بالعمل الإيجابي”، مؤكداً أن العرب “أمام خصم لا يهتم بالشرعية الدولية ومقررات المؤتمرات الدولية”. وطالب شنودة بـ “الجهاد الأكبر” والرد على المزاعم الصهيونية ومخاطبة أعضاء الكونغرس والبيت الأبيض وكل أصحاب الفكر. وأضاف بأن كل حق لا تسنده القوة هو حق ضائع، وأن القوة في وحدة العرب، مستشهداً بأن صلاح الدين الأيوبي هزّ العالم عندما وحّد العرب تحت لوائه.

غرض أميركا من مبادرتها: إجبار إسرائيل على الانسحاب من الجولان (كي تنـزل أميركا في الجولان)، وتعديل اتفاق أوسلو، وجعل إسرائيل في قبضة أميركا. أميركا عرقلت المسار الفلسطيني – الإسرائيلي عن طريق روس وعن طريق غينغريتش رئيس الكونغرس، وذلك بإغراء نتنياهو (سراً) أن يطالب بأكثر مما أعطته أوسلو. ومن هنا لاحظنا عناد نتنياهو بين 9 و13 بالمائة. وأرادت أميركا إظهار نتنياهو أنه هو المعرقل للسلام. فإن رضخ نتنياهو بالنتيجة لأميركا فإنها مستعدة لإعطائه بليون دولار كمكافأة بحجة أنها نفقات الانتشار في الضفة. وإن لم يرضخ فستنفذ ما أعدته، أي العودة إلى عمليات الاستنـزاف الدموية التي تكلم عنها شيخ الأزهر. وجولاتُ الشيخ أحمد ياسين مؤسس (حماس) فيها تعبئة له أيضاً لاستئناف هذه العمليات. وحزب الله مستمر في عمليات الاستنـزاف من حدود لبنان. وستوعز أميركا بعقد المؤتمر الدولي الذي دعا إليه مبارك وشيراك، وقد لا تشارك هي فيه. والمتوقع أن يطلب هذا المؤتمر اتخاذ بعض الإجراءات ضد إسرائيل. وأميركا ستتظاهر أنها سحبت يدها وأنها تقف على الحياد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *