العدد 134 -

السنة الثانية عشرة – ربيع الأول 1419هـ – تموز 1998م

مع القرآن الكريم خير أمة أخرجت للناس

مع القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

خير أمة أخرجت للناس

قال الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران:110].

 

هذا خطاب للأمة المحمدية، أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) قال: “خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا الإسلام”، وهكذا قال ابن عباس وغيره. والمعنى أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس، ولهذا قال: (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ).

قال ابن كثير في تفسيره: “هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه، وخير قرونهم الذين بُعِثَ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، كما قال في الآية الأخرى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) أي خياراً: (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) الآية”.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنتم توفون سبعين أمّة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل» وهو حديث مشهور رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم. وروى الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أُعطيتُ ما لم يُعْطَ أحد من الأنبياء» فقلنا يا رسول الله ما هو؟ قال: «نُصِرتُ بالرعب، وأُعطيتُ مفاتيح الأرض، وسُمّيتُ أحمد، وجُعِلَ لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفاً» [رواه الإمام أحمد]. وثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما تَرضوْن أن تكونوا ربع أهل الجنة». فكبّرنا، ثم قال: «أما ترضوْن أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟» فكبرنا، ثم قال: «إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة».

وروى البخاري ومسلم أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نحن الآخِرون الأولون يوم القيامة، نحن أول الناس دخولاً الجنة. بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه بعدهم، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه، الناسُ لنا فيه تَبَعٌ، غداً لليهود وللنصارى بعد غد».

إن قوله تعالى (كنتم) هو للتقرير وليس إخباراً عن الماضي، أي: أنتم خير أمة أخرجت للناس. وهذا التقرير مستمر، ولا ينتهي عند جيل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين. ولكن وردت أحاديث تشير إلى أن الأمة الإسلامية تمر في فترات هبوط وانحطاط، كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان الذي يصف فيه صعود الأمة وهبوطها، ثم صعودها ثم هبوطها: «كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر…» الحديث. وحديث ثوبان: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكَلَة إلى قصعتها…» الحديث. هذه الأحاديث تبيّن أن الأمة الإسلامية تنتكس وتصبح في ويلات وشر إذا خالفت الإسلام، وتنهض وتصبح في رحمة وخير وانتصار حين تتمسك بالإسلام.

الآن الأمة الإسلامية في شر:  البلاد الإسلامية مجزّأة، والأمة الإسلامية ممزقة، والكفار يسيطرون على المسلمين، والشريعة الإسلامية مهجورة، وقوانين الكفر مطبقة على المسلمين، والمسلمون أذلاء أمام اليهود، وخيرات المسلمين تنهبها دول الاستعمار الكافرة…

ولكن هذه الحالة ليست هي الحالة الطبيعية للأمة الإسلامية، إنها حالة من الحالات الشاذة، إنها الدرس القاسي الذي يلقنه الله للمسلمين حين يـبتعدون عن القرآن. والأمة ستخرج سريعاً، بإذن الله، من حالتها الشاذة إلى حالتها الطبيعية الأصلية، حالة: خير أمة أخرجت للناس .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *