العدد 135 -

السنة الثانية عشرة – ربيع الثاني 1419هـ – آب 1998م

كلمة أخيرة أمّتنا بين التدجين والتطبيع!

كلمة أخيرة

أمّتنا بين التدجين والتطبيع!

قطعت محاولات تدجين الأمة شوطاً بعيداً، لكن التطبيع مع اليهود لم يتعد بعض الحكام ولم تصل آثاره إلى الشعوب بعد، لكن استمرار محاولات التدجين قد تقود إلى التطبيع الشعبي في يوم من الأيام إذا لم تتدارك الأمة المخاطر التي تحدق بها، وتغير الموازين في هذه اللعبة المرسومة خططاً وأهدافاً. وهذا مثال حي على هذه المقدمة.

وصل مسعود يلماظ في 6/9/98 إلى الأردن، ثم ذهب إلى فلسطين وذلك بهدف تمتين التحالف مع اليهود وتقويته وإشراك الأردن فيه. كيف تصرف أبناء المسلمين في كل المنطقة تجاه هذا الحدث؟

لقد شاهدوا يلماظ وهو يضع إكليل الزهور على نصب قتلى اليهود في حروبهم على المسلمين، وشاهدوه وهو يحتضن نتنياهو ويتبادل معه الكلمات والضحكات، وكأنه بين أعز الناس عليه أو بين أهله. لم تهزهم هذه الصورة، ولم يغلِ الدم في عروقهم، وكأن ما شاهدوه حدث في كوكب آخر، أو مسلسل تلفزيوني لا يعنيهم من قريب أو بعيد. ربما يقول البعض ما هو الدليل على أنه لم تغلِ الدماء في عروقهم؟ والجواب هو أنهم لم يخرجوا إلى الشارع كما يحصل في مثل هذه الظروف ولم تخرج أية مظاهرة استنكار في المنطقة كلها مثلما كنا نشاهد أيام (حلف بغداد) المشؤوم. بل لم نشاهد مظاهرة في أنقرة أو استانبول (إسلامبول) التي تتظاهر احتجاجاً على منع الطالبات المحجبات من دخول الجامعة. لا شك أن أولئك المتظاهرين هم من الغيورين على الإسلام، ولكن لماذا لم تتحرك غيرتهم منذ قيام التحالف التركي اليهودي قبل سنوات وحتى الآن؟ إن الذي فرض الحجاب، حرّم التحالف مع اليهود.

إن سياسة التدجين جعلت الناس يَنظرون إلى قضايا خطرة تتعلق بمصير الأمة وكأنها قضايا تافهة لا تستحق الالتفات لها؛ إن زيارة يلماظ ليست مجرد زيارة بروتوكولية حتى تواجه بهذه اللامبالاة، حتى لو كانت بروتوكولية فإنها تستحق الاستنكار والشجب والإدانة لأنها زيارة لألد أعداء الأمة التاريخيين، وسالبي أرضـها، والمعتدين على أبنائها منذ نصف قرن وحتى لحظة الزيارة، وما داموا يحتلون أرضنا، ولم يعودوا إلى ذمتنا.

قد يقول قائل إن بعض الحكام العرب ذهب بعيداً في الصلح والتطبيع والتحالف مع اليهود، ولن تكون زيارة يلماظ أكثر خيانة من أولئك الحكام، والجواب على ذلك هو أن جميع خطوات الصلح والاعتراف والتطبيع والتحالف يجب أن تستنكر وترفض إن حصلت من حاكم مسلم (بهوية عربية أو غير عربية)، ولكن الخطوة الجديدة تجاه اليهود تكون أكثر مدعاة للرفض. هذا مع عدم الاعتراف والسكوت عن القديم مهما طال الزمن، بل يجب العمل لإلغائه بعون الله، ثم بجهود أبناء الأمة المخلصين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *