العدد 254 -

العدد 254- السنة الثانية والعشرون، ربيع الأول 1429هـ، الموافق آذار 2008م

مظاهر الإساءة إلى الإسلام

مظاهر الإساءة إلى الإسلام

 

بعد أحداث أيلول، شهد العالم تصاعداً في الكتابات التي تطعن في شخصية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والقرآن الكريم، وكتبت كثير من المقالات في الهجوم على مفاهيم الإسلام، وصدر العديد من الكتب التي اشتهرت لأسباب لا تتعلق بخبرة مؤلفيها بتاريخ الديانات، ولا لاحترافهم في الكتابة أو تحقق الناحية العلمية الموضوعية فيها، وإنما نتيجة لتسويق أجهزة الإعلام وترويجها لها بدفع من أجهزة الاستخبارات، والتبني الرسمي والسري لها من الدول الغربية، يريدون بذلك أن يجمعوا كلمة شعوبهم ضد الإسلام، وهم يسيرون بحسب طريقة مرسومة: تقوم بعض وسائل الإعلام وبعض الكتّاب بالكتابة والنشر ضد الإسلام بطريقة استفزازية من طرفهم، ثم تقوم الضجة على هذه الكتابات وهذا الافتراء من طرف المسلمين، ثم تقوم الدول الغربية بحماية هذا العمل تحت حجة “حرية التعبير”، ثم تدفع الأمور باتجاه أن يقوم المسلمون بأعمال مادية من قتل واغتيال وحرق للسفارات وإطلاق التهديدات، ثم تنـزل الكتابات التي تصور الإسلام بأنه دين الإرهاب، وأن إله المسلمين ليس إنسانياً، وكتابهم يدعو إلى الكراهية والعنف، ولا يحترم المرأة، ولا حرية التعبير، وهو كتاب الإرهاب الأول مثله مثل كتاب “كفاحي” لهتلر، ورسولهم إرهابي شرير لم يحمل للبشرية إلا الشر، وكل هذه السمفونية الطويلة العريضة تريد أن تصل إلى نتيجة واحدة وهي أن تجتمع الشعوب الغربية على العداء للإسلام بعد أن يثاروا ويعبأوا من أجل أن يجعلوهم ينخرطون في الحروب الصليبية القادمة على الشرق الإسلامي.

نعم إن هذه الحملة الشرسة على الإسلام ككل متعددة الأهداف، فهي الآن تعمل على الحض على كراهية الإسلام وتشويه صورته، وإيقاف عملية الأسلمة الواسعة في الغرب للغربيين، والتمهيد للصراع الحضاري القادم، وذلك بإشراك الدول الغربية لشعوبها معها في هذا الصراع الذي يتوقعون أن يكون دامياً، وهذا يتطلب شحن النفوس في عملية شبيهة بتلك التي اتبعت في الحروب الصليبية السابقة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الغرب الذي يمسك بالأمور في بلادنا بدأ يلمس أن المسلمين بدؤوا يعودون إلى دينهم بقوة ليقودهم من جديد، وأنه لم تنفع في منع ذلك كل ما استخدمه من امتلاك واستعمال للقوة المفرطة ضدهم، وممارسة كل أنواع الإذلال للخضوع والاستسلام؛ لذلك يمكن القول إن قادة الغرب يهيئون أنفسهم لهذا القادم الجديد، ويتخذون مختلف المواقف والأوضاع للمواجهة القادمة من نشر السلاح النووي في أوروبا باتجاه دول المسلمين فيما سمي بالدرع الصاروخية واحتلال بلاد المسلمين، والعمل على تفتيتها مذهبياً وطائفياً وعرقياً، وإرسال قواتهم إلى قلب بلاد المسلمين تحت ستار قوات السلام الدولية… المسألة ليست بأقل من ذلك، والدول الغربية تخطط للمستقبل ولا تنتظر أن تدهمها الأمور.

ولكن لن ينفعهم كل ما يتصرفون به إن شاء الله، قال تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).

وهذه بعض وقائع ومظاهر الإساءة إلى الإسلام (وليست كلها) والتي حدثت مؤخراً، وهي قد ظهرت بأعمال قيل عنها إنها أدبية، وبمقالات صحفية، وبرسوم كاريكاتورية، وكرتونية، وبأفلام، ومسرحيات، وتصريحات، ومحاضرات،… وبتصرفات.

– أعلن بابا روما بنديكتوس السادس عشر في محاضرة له في ألمانيا في شهر أيلول 2006م أن العقيدة المسيحية تقوم على المنطق، لكن العقيدة الإسلامية تقوم على أساس أن إرادة الله لا تخضع لمحاكمة العقل والمنطق. ثم اقتبس حواراً دار في القرن الرابع عشر بين إمبراطور بيزنطي (هو إمانويل الثاني سنة 1400م حينما كان تحت حصار السلطان بايزيد ما اضطره للهجرة إلى أوروبا ثم الاستسلام والتبعية للسلطان مراد الثاني) ومثقف فارسي حول دور نبي الإسلام، وقال فيه الإمبرطور للمثقف: «أرني ما الجديد الذي جاء به محمد، لن تجد إلا أشياء شريرة غير إنسانية، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف». وكذلك أساء سكرتير بابا روما هذا للإسلام باتهامه بأنه دين الشرور، وقوله عن الإسلام إنه «مضى قوياً بحد السيف» وأشار على سبيل الذم إلى عدم وجود ديمقراطية في الإسلام.

– ويذكر في هذا المجال، أنه في سنة 1831م، نشر أحد أجداد الرئيس الأميركي جورج بوش كتاباً تحت عنوان «حياة محمد» طالب فيه أن «تحطم إمبراطورية الإسلام لإقامة إمبراطورية الرب المتمثلة بالدولة اليهودية الخالصة على أرض فلسطين» واتهم الرسول الكريم اتهامات خطيرة، وتم التأسيس على هذا الكتاب في تبني صراع الأديان منهجاً فكرياً عملياً له، وهو الأمر ذاته الذي دعا إليه جورج دبليو بوش ويقوم عليه المتصهينون المسيحيون في أميركا ومعهم المحافظون الجدد.

– من أوائل ما ظهر في الحملة الحديثة على الرسول الكريم والإسلام العظيم هو رواية: «آيات شيطانية» للروائي البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، والذي صدر في لندن في 26/9/1988م، ويذكر أن ملكة بريطانيا التي يحج إليها بعض حكام المسلمين قد منحت سلمان رشدي وسام “فارس” تقديراً لكتابه هذا الذي شوه فيه صورة الإسلام ونبيه والمسلمين…

– عرض النائب الهولندي اليميني المتطرف جيرت فيلدرس، زعيم حزب«من أجل الحرية» والذي يمتلك 9 مقاعد من أصل 150 مقعداً في البرلمان، عرض فيلماً قصيراً حول القرآن الكريم، يزعم فيه أن هذا الكتاب «رهيب فاشي يحرض أتباعه على الكراهية والعنف» ويتضمن الفيلم البالغة مدته 10 دقائق لقطات لتمزيق وتدنيس المصحف الشريف على اعتبار أنه يتضمن العديد من النصوص التي تدعو المسلمين إلى اضطهاد وقمع وقتل المسلمين لليهود المخالفين، وتدعو إلى ضرب واغتصاب النساء، وتدعو إلى إقامة الدولة الإسلامية بالقوة. وعلق فيلدرس أن شعور المسلمين بأن هذا الفيلم أهانهم شيء مؤسف، إلا أن هذه ليست مشكلته. هذا وقد قدم فيلدرس نفسه اقتراحاً للبرلمان يدعو فيه لحظر حيازة وتداول القرآن بهولندا.

– ثيوفان غوغ مخرج هولندي أخرج فيلماً سماه “الخضوع” وهذا الفيلم يدور حول المرأة في الإسلام، ويتضمن مشهداً تظهر فيه آيات من القرآن الكريم على أجسام نساء عاريات (تظهر فيه ممثلة هولندية ترتدي عباءة شفافة كتب عليها فاتحة القرآن). أما كاتبة السيناريو فهي عضو في البرلمان الهولندي تدعى (ألان هيرسي) وهي سياسية ليبرالية من أصل صومالي، اشتهرت بعدائها للإسلام والمسلمين. (هذا المخرج قتله مسلم هولندي من أصل مغربي غيرة على دينه، فوظف قتله إعلامياً وسياسياً ضد الإسلام وإظهار أنه دين عنف ويضيق بحرية التعبير).

– ومن أسوأ المؤلفات التي تسيء للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو كتاب “نبي الخراب” للمؤلف كريك ونن الذي وصف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه قاطع طريق، واستعمل بحسب زعمه البطش والاغتيالات والخداع للوصول إلى السلطة.

– في الولايات المتحدة قامت شركة (Aoron) الأميركية بإنتاج مجموعة من المنتجات التجارية المسيئة للإسلام بشكل مقزز ومنحط، وقد أوردت صحيفة الرأي العام الكويتية بتاريخ 14/1/2001م تقريراً للكاتب حسن عبد الله تظهر فيه بعض الصور لتلك المنتجات الساقطة (ملابس، وأكواب، وساعات حائط، وبلاط حمامات عليها صور لقصف الكعبة المشرفة بقنبلة نووية، وأخرى لخنـزير يطلق النار على القرآن الكريم).

– الكاتبة والصحافية الإيطالية أوريانا فالاتشي التي تقيم في نيويورك أصدرت كتاباً جديداً ضد الإسلام بعنوان «قوة العقل» تنتقد فيه الإسلام بشدة، وتهاجم تاريخه، وتحذر أوروبا من الاستعمار الإسلامي لها، وتدافع عن الحملات الصليبية ضد الإسلام. أما كتابها الأول، فقد كان بعنوان «الغضب والكبرياء» وقد هاجمت فيه سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بقسوة، وقد شنت فلاتشي هذه حملة شعواء على الإسلام كعادتها معتبرة أنه «العدو في عقر دارنا» وهو لا ينسجم مع الديمقراطية «ولا يمكن التحاور معه» ونحن في حرب معه أدركنا ذلك أم لا. وأدانت «مهزلة التسامح والكذب واندماج المسلمين في المجتمعات الغربية» وأضافت: «إن العدو ليس أقلية ضعيفة، وهو في عقر دارنا، وإنه عدو ونتعامل معه كالصديق، ولكنه يكنّ لنا الحقد ويحتقرنا بشدة، إنه عدو يحول المساجد إلى ثكنات ومعسكرات وتدريب ومراكز تجنيد الإرهابيين، وأعلنت أنها ترفض الحوار مع الدين الإسلامي؛ لأن الإسلام هو القرآن، والقرآن لا ينسجم مع الحرية والديمقراطية، ولا ينسجم مع حقوق الإنسان».

هذا غيض من فيض ما صرحوا به، وكثرتها وقابليتها للزيادة والاستغلال ينبئ بما ستكون عليه الأيام من صراع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *