العدد 140 -

السنة الثالثة عشرة – رمضان 1419هـ – كانون الثاني 1999م

كلمة أخيرة: إن كنتم لا تعرفونهم فالأمة تعرفهم

بعض الناطقين بالعربية ممن تقدمهم القنوات الفضائية على أنهم مفكرون وقادة وساسة يدعون إلى معرفة اليهود بغية التمكن من الرد عليهم ومحاورتهم ومفاوضتهم والحصول منهم على ما يمكن الحصول عليه من حقوق مغتصبة. خاصة إذا استطعنا أن ننفذ إلى المعتدلين منهم، الذين يزعمون أنهم دعاة سلام.

هذا الطراز من التفكير مليء بالأباطيل والدجل والخداع والتضليل، إلا أنه وللأسف ينطلي على بعض أبناء الأمة، فيدفع حياته ثمناً له، ويقبله البعض الآخر ظاهراً ليحقق بعض المكاسب الشخصية الدنيوية الدنيئة، وبقدر ما يكون عليم اللسان، متحللاً من كل قيمة، محارباً لله ورسوله، موالياً للكفر والكافرين، يجري إبرازه وتمكينه من النطق بأمر العامة. وهذا المقياس لا ينطبق على الفلسطينيين وحدهم، بل هو عام في كل ما يسمى بالبلدان النامية أي المتخلفة.

ولنعد إلى موضوع معرفة العدو الإسرائيلي. إن القائل بهذا يشطب من حياة الأمة قرآنها وسنة نبيها وتاريخها ويتطاول على مستقبلها، لأنه يريد أن يتعرف إلى عدوه وما عساه أن يعرف أكثر مما عرّفهم به القرآن الكريم في قوله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، وقوله: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ)، وقوله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ @ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ)، وقوله: (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا)، وقوله: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)، وقوله: (وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ). أم أن هذه الآيات الكريمة ومثيلاتها يجب أن تغييبها من الأحاديث والمناهج والإعلام عند التفاهم مع يهود، وذلك لمزيد من إثبات حسن النوايا والاعتدال.

كما أن الداعي إلى هذا النهج يريد أن تنسى الأمة ـ بعد أن نسي هو على الأقل ـ أن اليهود قوم غدر بهت كما وصفوا في السنة المطهرة وشهادتهم في عبد الله بن سلام رضي الله عنه معروفة، فحين سألهم عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، وحين شهد عبد الله أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله قالوا: شرنا وابن شرنا، وأما عدر بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع فحدث ولا حرج، وأما في العصر الحديث فيكفيهم عداوة للمسلمين أنهم تعاونوا مع الإنجليز لهدم الخلافة على يد اليهودي أتاتورك عام 1924.

أما التطاول على المستقبل فقد أخبرنا الله على لسان رسوله الكريم أننا سنقاتلهم ونقتلهم كما ورد في الأحاديث الصحاح، والتي يعرفها المسلمون وينتظرون حصولها، بل إن اليهود أنفسهم يعرفون ذلك، وهم لذلك لا يصدقون منافقاً يدعو إلى السلام ولا يثقون بأحد من هؤلاء المستسلمين المسارعين فيهم إلا أن يكون منهم دون أن يعمل المسلمون ذلك.

إن من يدعو إلى التعرف على اليهود لا يفكر بقتالهم وإنما يريد التطبيع معهم، وتقديمهم إلى الأمة وبخاصة إلى شبابها بشكل مقبول، يمكّن من التعامل معهم بثقة. فهو مهزوم ألقي في قلبه الوهن فأحب الدنيا وكره الموت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *