الذنوب والمعاصي والتوبة منها
2007/12/01م
المقالات
2,934 زيارة
الذنوب والمعاصي والتوبة منها
الذنب والمعصية بمعنى واحد: وهي كل فعل يخالف أمر الله ونهيه، فكل ارتكاب لحرام وكل ترك لفرض هو ذنب ومعصية، وما عدا هذين الأمرين لا يسمى ذنباً وليس بمعصية.
فالتزام أمر الله ونهيه والوقوف على حدوده، واتباع هدى الله، هو سبب لرضوان الله تعالى ولدخول الجنة والابتعاد عن النار، والمعصية والذنب، وتعدي حدود الله، والإعراض عن ذكره تعالى توجب سخط الله وعذابه، قال تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) [النساء 13-14]. وقال عز من قائل: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه 123-124].
قال القرطبي: حقيقة الذكر طاعة الله تعالى في امتثال أمره واجتناب نهيه.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «من أطاع الله فقد ذكره وإن كان ساكتاً، ومن عصى الله فقد نسيه وإن كان قارئاً مسبحاً».
وعن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسير له: «إنا مدلجون فلا يدلجن مُصعب ولا مضعف، فأدلج رجل على ناقة له صعبة فسقط فاندقت فخذه فمات، فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصلاة عليه، ثم أمر منادياً ينادي في الناس: إن الجنة لا تحل لعاص، إن الجنة لا تحل لعاص، ثلاث مرات» رواه أحمد.
وعن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى» رواه البخاري.
فكان من عدله سبحانه وتعالى أن وضع الميزان لوزن أعمال من شاء من عباده، فأما الصابرون وأصحاب البلايا والمصائب فإنهم يوفون أجورهم بغير حساب (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر 10] أما بقية خلقه فيُنصب لهم الميزان قال تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا) [الأنبياء 47]. فمن ثقلت موازينه بأن كانت حسناته أكثر من سيئاته وجبت له الجنة، ومن خفت موازينه بنقصان الحسنات وزيادة السيئات وجبت له النار، قال تعالى: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ، فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ، نَارٌ حَامِيَةٌ) [القارعة 6-11]. وكانت رحمة الله الواسعة بعباده المؤمنين هي مضاعفة الحسنات، فالحسنة بعشر أمثالها، والله يضاعف لمن يشاء أضعافاً كثيرة. ومن فعل سيئة كتبت له سيئة واحدة رحمة من ربك.
وفي المقابل جعل من حكمته سبحانه أن لا يطلعنا كيف توزن الأعمال، وكيف يحاسب الله عباده؛ فلا يتكل المرء على أعماله الصالحة مهما عظمت، ولا يستخف بمعصية مهما صغرت، فلا يأمن مكر الله ويبقى على الدوام يخشى ذنوبه ويرجو رحمة ربه.
روى البخاري عن عبادة بن الصامت (رضي الله عنه)، وكان شهد بدراً، وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن «رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال وحوله عصابة من أصحابه: بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، فبايعناه على ذلك». فكان إذا أصاب أحد الصحابة ذنباً لم يأمن مكر الله تعالى مع توبته من ذنبه، فيأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طالباً منه تطهيره متحملاً العقوبة في الدنيا ليكفر بذلك عن ذنبه وينجو من عذاب الله في الآخرة لأن «ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له» الحديث، وعن أبي نُجَيد عِمران بن الحُصين الخزاعي (رضي الله عنهما) أن امرأة من جهينة أتت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله أصبت حداً فأقمه علي، فدعا نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وليها فقال: أحسن إليها، فإذا وضعت فائتني، ففعل، فأمر بها نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها. فقال له عمر: تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟ قال: «لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم. وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل». فكانوا يستجيبون لقوله تعالى: (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) [النحل 45]. وقوله تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف 99]، فيبقون يخشون ذنوبهم مهما عملوا من الصالحات، ذكرأبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة: تستوي كفتا الميزان لرجل، فيقول الله له: لست من أهل الجنة ولا من أهل النار، فيأتي الملك بصحيفة فيضعها في كفة الميزان مكتوب فيها «أفّ» فترجح على الحسنات؛ لأنها كلمة عقوق ترجح بها جبال الدنيا، فيؤمر به إلى النار قال: فيطلب الرجل أن يرده الله تعالى فيقول: ردوه، فيقول له: أيها العبد العاق لأي شيء تطلب الرد إلي؟ فيقول: إلهي رأيت أني سائر إلى النار وإذ لا بد لي منها وكنت عاقاً لأبي وهو سائر إلى النار مثلي؛ فضعف علي به عذابي وأنقذه منها قال: فيضحك الله تعالى ويقول: عققته في الدنيا وبررته في الآخرة، خذ بيد أبيك وانطلقا إلى الجنة.
فلا يعلم أحد كيف توزن الأعمال ولا كيف يحاسب العباد؛ لأن ذلك لله وحده. فعمل قد يعتق صاحبه من النار، وعمل آخر قد يوبق نفسه ويكبها في النار.
فما بالنا ونحن نسمع التحذير من الله عز وجل من أي ذنب نقترفه قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور 63] ونسمع أيضاً قوله تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا) [الكهف 49] فكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية يقول: يا ويلتنا، ضجوا إلى الله من الصغائر قبل الكبائر.
ونقرأ أيضاً قوله تعالى الذي نزل فيمن تحدثوا بحديث الإفك محذراً إياهم من تحقير الذنب الذي اقترفوه (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور 15].
ونعلم كيف ضرب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بمحقرات الذنوب مثلاً فقال: «إنما محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بفلاة من الأرض، وحضر صنيع القوم فانطلق كل رجل منهم يحتطب، فجعل الرجل يجيء بالعود والآخر بالعودين حتى جمعوا سواداً وأججوا ناراً فشووا خبزهم، وإن الذنب الصغير يجتمع على صاحبه فيهلكه إلا أن يغفر الله، واتقوا محقرات الذنوب فإن لها من الله طالباً» ونسمع بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يقول فيه: «رب كلمة يقولها قائلها لا يلقي لها بالاً تقع في سخط الله تهوي به سبعين خريفاً في نار جهنم».
فندرك من ذلك كله واجب طاعة الله سبحانه والابتعاد عن المعاصي والذنوب ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، فإن وقع أحدنا في المعصية فليكن تائباً تقياً لا مصراً فاسقاً، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» وجاء في مسند أحمد حدثني شعيب بن زريق الطائفي قال: «كنت جالساً عند رجل يقال له الحكم بن حزن الكلفي وله صحبة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: فأنشأ يحدثنا قال: قدمت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سابع سبعة أو تاسع تسعة، قال: فأذن لنا فدخلنا فقلنا: يا رسول الله، أتيناك لتدعو لنا بخير، قال: فدعا لنا بخير، وأمر بنا فأنزلنا، وأمر لنا بشيء من تمر، والشأن إذ ذاك دون. قال: فلبثنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أياماً شهدنا فيها الجمعة، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متوكئاً على قوس أو قال على عصا، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال: يا أيها الناس إنكم لن تفعلوا ولن تطيقوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا»، وسددوا بمعنى (اطلبوا السداد والاستقامة في العمل، وأبشروا أي أبشروا بالفوز والرضوان).
فعلى المؤمن أن لا يستخف أو يستهين بأي ذنب أو معصية يفعلها، بل عليه أن يستشعر عظم ذنبه في نفسه، ويدرك أنه عصى الواحد القهار؛ فيشفق على نفسه ويبكي على خطيئته.
حدث عبد الله بن مسعود حديثين أحدهما عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والآخر عن نفسه قال: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا، قال أبو شهاب بيده فوق أنفه.
وأيضاً فإنه إذا صدرت منه معصية فعليه أن يسارع إلى التوبة والاستغفار ولا يصر على معصيته وذنبه وهو يعلم بها، خشية أن لا تغفر له ويغشى الران قلبه، قال تعالى في مدحه للمؤمنين: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران 135].
وعن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت، فذلك الران الذي ذكره الله عز وجل في كتابه: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين 14]». فالتوبة واجبة من كل ذنب قال تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور 31] وقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) [التحريم 8] فكان حري بالكيس الفطن أن يسارع إلى التوبة قبل أن يوافيه الأجل، قال تعالى: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ، وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ، أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ، أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ، أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ ءَايَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ، وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [الزمر 53-61]، فالتوبة لا تقبل ممن هو في نزاعه الأخير ولا يرجى عودته إلى الحياة قال تعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) [النساء 18] وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» رواه الترمذي.
ومن رحمته تعالى بعباده أنه فتح باب التوبة في الليل والنهار وحتى تطلع الشمس من مغربها، عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها» رواه مسلم.
وليعلم هذا المسيء الظالم لنفسه أن الأعمال بالخواتيم وهو لا يعلم متى تأتيه منيته. «إنما الأعمال بالخواتيم» أو كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). عن ابن عمر قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحدث حديثاً لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرات ولكني سمعته أكثر من ذلك، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين ديناراً على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته، أرعدت وبكت فقال: ما يبكيك؟ أأكرهتك؟ قالت: لا، ولكنه عمل ما عملته قط، وما حملني عليه إلا الحاجة، فقال: تفعلين أنت هذا وما فعلته!! اذهبي فهي لك وقال: لا والله لا أعصي الله بعدها أبداً، فمات من ليلته فأصبح مكتوباً على بابه: إن الله قد غفر للكفل».
وعن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: حدثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الصادق المصدوق «… فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها» رواه البخاري.
وعلى كل أنسان أن لا يقنط من رحمة الله مهما اقترف من ذنوب أو آثام، فرحمة الله وسعت كل شيء قال تعالى: (قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). إن هذه الآية الكريمة شملت كل الذنوب حتى الشرك بالله إن تاب العبد منه فما أبلغها من آية. عن أسماء أنها سمعت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) ولا يبالي (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
وعن أبي ذر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يرويه عن ربه قال: «يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان فيك، ابن آدم إنك إن تلقاني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة بعد أن لا تشرك بي شيئاً، ابن آدم إنك إن تذنب حتى يبلغ ذنبك عنان السماء ثم تستغفرني أغفر لك ولا أبالي» رواه الدارمي.
فمن جاء بذنب دون الشرك بالله فهو إلى الله إن شاء عذب وإن شاء غفر، أما من أشرك بالله ولم يتب فليس له عهد أو جزاء إلا النار، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) [النساء 48].
وإن الله ليفرح بتوبة عباده من كل ذنب حتى لو تكرر، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة 222] وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «للهُ أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة» رواه الشيخان. وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إن عبداً أصاب ذنباً، وربما قال أذنب ذنباً، فقال: ربِّ أذنبت، وربما قال أصبت، فاغفر لي، فقال ربه أَعلمَ عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنباً أو أذنب ذنباً فقال: رب أذنبت أو أصبت آخر فاغفره فقال: أعلم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً وربما قال: أصاب ذنباً قال: ربِّ أصبت أو قال أذنبت آخر فاغفره لي فقال: أعلم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ثلاثاً فليعمل ما شاء».
فلا يجوز بحال أن ييأس المؤمن أو العاقل من البشر من رحمة الله مهما اجترح من سيئات قال تعالى: (يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف 87].
وعن ابي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفساً فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله، فكمل به مئة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلَّ على رجل عالم فقال إنه قتل مئة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟! انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نَصَفَ الطريق أتاه ملك الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى! وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم -أي حكماً- فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة» متفق عليه.
فكما أنه لا يجوز للعبد أن ييأس من رحمة الله تعالى لا يجوز أيضاً لأحد أن ييئِّس عباد الله، ونخص بالذكر حملة الهدى للناس (دعاة الإسلام)، فليتأسوا في ذلك برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد كان في دعوته يجمع بين الرجاء والخوف قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولكن سددوا وقاربوا وأبشروا» رواه أحمد.
وليعلم حملة الخير إلى الناس أن مسؤليتهم تنتهي بالتبليغ، وأن حساب الناس على الله فليس لهم من الأمر شيء، إن شاء غفر وإن شاء عذب قال تعالى: (وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ) [الرعد 40] وقال تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ، وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران 128-129].
قال أبو هريرة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «كان رجلان في بني إسرائيل متآخيين، فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوماً على ذنب فقال له: أقصر، فقال: خلِّني وربي، أبعثتَ عليَّ رقيباً؟! فقال: والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً أو كنت على ما في يدي قادراً، وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار» قال أبو هريرة والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته.
وعليه فإن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، وحتى ساعة الاحتضار عند الموت، فيجب الإسراع إليها، وعلى من أصاب ذنباً أن يستر على نفسه ولا يجاهر بذنبه ولا يفضح نفسه بالحديث عن معصيته، عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عليه» متفق عليه. ويستثنى من ذلك من أراد تطهير نفسه، ويكون ذلك أمام الخليفة أو من ينيبه في إيقاع العقوبة، والحوادث والشواهد على ذلك مبسوطة في السنة المطهرة كقصة ماعز والغامدية.
فالتوبة واجبة من كل معصية كما بينا، فالتوبة هي: الإقلاع عن المعصية وطلب المغفرة من الله عز وجل لما وقع من المرء من معاصي وذنوب.
والتوبة النصوح لها شروطها حتى يقبلها الله عز وجل فإن كانت المعصية بين العبد وخالقه فإن لها ثلاثة شروط:
الأول: أن يقلع عن المعصية قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف 201] وقال تعالى: (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران 135].
الثاني: أن يندم على فعلها، عن عائشة قالت: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا عائشة، إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار» وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «كفارة الذنب الندامة» رواه أحمد.
الثالث: أن يعزم عزماً أكيداً، وأن ينوي نيةً صادقةً، أن لا يعود إلى المعصية أبداً، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب من الذنب العائد إليه كالمستهزىء بربه».
فمن أراد التوبة فلا بد له من اجتماع هذه الشروط الثلاثة، فإن فقد أحدها لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: الشروط الثلاثة السالفة الذكر وهي: الندم على المعصية التي اقترفها، والإقلاع عنها، وأن لا يعود إليها أبداً، والرابع: أن يبرأ من حق صاحبها بأن يعيدها إلى صاحبها إن كانت ترد أو يسامحه بها، فإن كانت مالاً رده لصاحبه، وإن كان حد قذف ونحوه مكنه منه أوطلب عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها.
وعليه أن يتوب من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحت توبته من ذلك الذنب وبقي عليه الباقي قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) [التحريم 8] ومن تاب من جميع ذنوبه، مستوفياً شروط التوبة النصوح، فإن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بشره بالغفران ومحو ذنبه، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «التائب من الذنب كمن لا ذنب له».
ولا يجوز لأحد هتك ستر أخيه التائب وأن يعيِّره على ذنبه، ومن حق المسلم على أخيه المسلم أيضاً أن يستر عيوبه وأن يغفل عن زلاته.
عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله» رواه الترمذي، قال أحمد: من ذنب قد تاب منه.
وعن أبي هريرة قال: أتي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) برجل قد شرب خمراً قال: «اضربوه» قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله والضارب بثوبه. فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله. قال: «لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان».
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة» رواه مسلم.
وللتوبة والاستغفار والإكثار منهما فضل كبير وأجر عظيم قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) [نوح 10-12] وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر ربه في اليوم مئة مرة ففي الحديث الصحيح قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فاني أتوب في اليوم مئة مرة» رواه مسلم .
وفي مسند أحمد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب».
وسيد الاستغفار ما جاء في الحديث الصحيح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت» رواه البخاري.
وفي الختام نقول من عرف فليلزم، ومن أصيب بمعصية فليسارع إلى التوبة والاستغفار قبل فوات الأوان، فالعبرة بحسن الختام، فإنما الأعمال بالخواتيم قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد 21].
وإن أعظم المعاصي التي اقترفتها الأمة هي غياب سلطان الإسلام الذي به يُقام الدين، ويُنشر العدل، وتُحمى بيضة المسلمين وديارهم، ويُذاد عن أعراضهم، وتُصان مقدساتهم، وينتهي الذل والهوان الذي اعتلاهم. فالتقصير بإعادة الإسلام إلى الحياة عن طريق مبايعة خليفة للمسلمين هو معصية كبيرة؛ لأنه ترك لتاج الفروض ويتحقق وصف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن لا يعمل له أن ميتته جاهلية قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» فإلى العمل للالتزام بتاج الفروض ندعوكم أيها المسلمون لتفوزوا في الدنيا نصراً وعزاً وتنالوا الرضى من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض.
وسنورد هنا قول لعلي كرم الله وجهه نختم فيه حديثنا، فهو يحمل في طياته مفاهيم مستنيرة نرجو الله العلي القدير أن تلامس عقول وقلوب المسلمين جميعاً، وأن تصبح عند دعاة الإسلام سجيةً من سجاياهم وهم سائرون في طريق حمل دعوة الإسلام.
روى الدارمي عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: «الفقيه حق الفقيه من لم يُقنط الناس من رحمة الله، ولم يُرخص لهم في معاصي الله، ولم يُؤمنهم من عذاب الله، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره، إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا علم لا فهم فيه، ولا قراءة لا تدبر فيها».
ونتوجه إلى ربنا بهذا الدعاء (فالدعاء مخ العبادة).
اللهم اجعلنا من دعاة الإسلام، اللهم اجعلنا من العالمين العاملين المخلصين، اللهم أورثنا برحمتك جنة النعيم ورفقة نبيك الكريم على حوضه الشريف، اللهم علمنا من كتابك ما جهلنا وذكرنا منه ما نسينا، اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همنا وذهاب حزننا.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم أعزنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تعز بها الإسلام والمسلمين وتذل بها الكفر والكفار والمنافقين، اللهم إنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الظالمين، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبو ابراهيم ـ بيت المقدس
2007-12-01