العدد 249 -

العدد 249- السنة الثانية والعشرون، شوال 1428هـ، الموافق تشرين الثاني 2007م

رياض الجنة: زهد النبي صلى الله عليه وسلم وزهد الخلفاء الراشدين

رياض الجنة

زهد النبي صلى الله عليه وسلم وزهد الخلفاء الراشدين

 

  • اخرج ابن ماجة بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: دخلت على رسول الله وهو على حصير. قال: فجلست فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد آثر في جنبه، وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، وقرظ في ناحية من الغرفة، وإذا إهاب معلق، فابتدرت عيناي، فقال “ما يبيكيك يا ابن الخطاب؟” فقلت: يا نبي الله، وما لي لا أبكي! وهذا الحصير قد آثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك كسرى وقيص في الثمار والانهار، وأنت نبي الله وصفوته، وهذه خزانتك !! قال: ” يابن الخطاب، أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا”.

  • وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، ولفظه: قال عمر: استأذنت على رسول الله فدخلت عليه في مشربة وإنه لمضطجع على خصفة إن بعضه لعلى التراب، وتحت رأسه وسادة محشوة ليفا وإن فوق رأسه لإهابا عطنا، وفي ناحية المشربة قرظ، فسلمت عليه فجلست فقلت: أنت نبي الله وصفوته، وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرس الديباج والحرير؟! فقال: “أولئك عجلت لهم طيباتهم، وهي وشيكة الانقطاع، وإنا قوم أخرت لنا طيباتنا في آخرتنا”.

  • وأخرجه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر رضي الله عنه وهو على حصير قد آثر في جنبه، فقال يا رسول الله، لو اتخذت فراشا أوثر من هذا، فقال: “مالي واللدنيا! ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة ثم راح وتركها”.

  • أخرج الطبري عن سالم بن عبدالله قال: لما ولي عمر رضي الله عنه قعد على رزق أبى بكر رضي الله عنه الذي كانوا فرضوا له، فكان بذلك فاشتدت حاجته فاجتمع نفر من المهاجرين منهم: عثمان وعلي وطلحة والزبير، رضي اللع عنهم، فقال الزبير: لو قلنا لعمر في زيادة نزيدها إياه في رزقه. فقال علي: وددنا قبل ذلك، فانطلقوا بنا. فقال عثمان: إنه عمر! فهلموا فلنستبريء ما عنده من زراء، نأتي حفصة فنسألها ونستكملها، فدخلوا عليها وأمروها أن تخبر بالخبر عن نفر ولا تسمي له أحدا إلا أن يقبل، وخرجوا من عندها.

فلقيت عمر في ذلك فعرفت الغضب في وجهه، وقال من هؤلاء؟ قالت لا سبيل إلى علمهم حتى أعلم رأيك، فقال: لو علمن من هم لسؤت وجوههم، أنت بيني وبينهم، أنشدك بالله: ما أفضل ما اقتنى رسول الله في بيتك من الملبس؟ قالت: ثوبين ممشقين كان يلبسهما للوفد ويخطب فيهما للجمع. قال: فأي الطعام ناله عندك أرفع؟ قالت خبزنا خبزة شعير فصببنا عليها وهي حارة أسفل عكة لنا، فجعلناها هشة دسمة فأكل منها وتطعم منها استطابة بها. قال فأي مبسط كان يبسطه عندك كان أوطأ؟ قالت كساء لنا ثخين كنا نربعه في الصيف فنجعله تحتنا، فإذا كان الشتاء بسطنا نصفه وتدثرنا بنصفه، قال يا حفصة، فأبلغيهم عني أن رسول الله قدر فوضع الفضول مواضعها وتبلغ بالتزجية، وإني قدرت فوالله لأضعن الفضول مواضعها ولأتبلغن بالتزجية، وإنما مثلي ومثل صاحبي كثلاثة سلكوا طريقا، فمضى الأول وقد تزود زادا فبلغ، ثم اتبعه الآخر فسلك طريقه فأفضى إليه، ثم اتبعه الثالث فإن لزم طريقهما ورضي بزادهما لحق بهما وكان معهما، وإن سلك غير طريقهما لم يجامعهما.

هذه هي سنة الخلفاء الراشدين التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ” عضوا عليها بالنواجذ”. وهذا ما ندعو إليه….


  • قرظ: ورق السلم يدبغ به

  • إيهاب: جلد

  • مشربة: غرفة

  • خصفة: الثوب الغليظ جدا

  • ليفا: قشر النخل وما شاكله

  • عطنا: من عطن الجلد إذا تمزق شعره وانتن في الدباغ

  • ممشقين: مصبوغين بمشق

  • دسمة: حلوة

  • التزجية: الاكتفاء

  • لم يجامعهما: لم يجتمع بهما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *