العدد 248 -

العدد 248- السنة الثانية والعشرون، رمضان 1428هـ، الموفق تشرين الأول 2007م

ميليشيات قومية ثم إسلامية

ميليشيات قومية ثم إسلامية

 

بعيداً عن العواطف المعلّبة، والمراهقة السياسية، والتضليل المتراكم بالأطنان، تتطلب الحقيقة أن تقال ولو كانت مُرة وجارحة ومستفزّة. والحقيقة التي عاشها الناس بعد ضياع فلسطين هي طوفان الموجة العروبية والقومية، وظهور العلمانية والحركات اليسارية، وظهور الميليشيات التي تتبنى تلك الشعارات، وسادت في بلاد المسلمين مراهقة سياسية، وعنتريات زائفة أدت إلى كوارث لا تزال الأمة تدفع ثمنها. والأدهى من ذلك أن الأنظمة الحاكمة قامت بتسخيرها لتنفيذ مخططات رُسمت لها لكي تساعدها على البقاء في السلطة وسط الأمواج العاتية، ولكي تحركها في وجه بعض الأنظمة المجاورة لها حين اللزوم، ثم قامت بعض الدول العربية بشراء أحزاب قائمة ، وردّت عليها الأخرى بشقّ تلك الأحزاب إلى حزبين أو ثلاثة، فتعددت ولاءات تلك المشتقات بحسب الدول الممولة.

أما في الجانب الإسلامي فإن بعض الدول المحلية المرتبطة بالغرب فهمت اللعبة السياسية باكراً وأدركت أن مطلب غالبية الناس أصبح الإسلام وأن بضاعة القومية لم يعد لها سوقاً خاصة في تحريك الناس نحو معارك مصطنعة ومفصلة على القياس، وتعاملت هذه الأنظمة مع هذا التحول في الرأي العام بوصفه (موضة) العصر، وأدركت أن ركوب موجة الإسلام يستدعي التخفي وراء الأقنعة المزيفة، فأصبحنا نرى (الميليشياوي) المقنّع الذي يخفي وجهه عن أقرب الناس إليه، ورأينا بعض المراهقين في السياسة وفي حمل السلاح، مراهقين أتقنت الأنظمة العميلة اختيارهم، وأتقنت اختيار أسماء طنّانة لتنظيماتهم، وتعاملت معهم بوصفهم ” عدّة الشّغل ” للمرحلة المقبلة، تحرّكهم في وجه بعض الحركات المخلصة، وتحرّكهم في وجه أنظمة أخرى مجاورة لها، وتحرّكهم في وجه دولة من خارج المنطقة ثم تتبرأ من أعمالهم وتصفهم بالإرهاب.

إن هذه الدول تخدع هؤلاء المراهقين، ثم تخدع عامة الناس ، فهي تتظاهر بأنها حاضنة للإسلام،وحاضنة للدين، وحاضنة للجهاد، ثم تتظاهر بأن الزعيم أو القائد يشبه أمير المؤمنين في رعايته للإسلام والمسلمين، وهو دائماً في الصّف الأول في صلاة العيد، وإذا أردتم حاكماً أفضل منه فلن تجدوا أبداً، وهكذا أصبح الإسلام ورقة مساومة لدى بعض الأنظمة تحرّكها خدمة لأطماعها، فتساوم عليها وتفاوض بها، وينال الحاكم مراده دون أن تحترق أصابعه، بل تحترق الأمة وبعض المغرّرّ بهم، وكل معركة وأنتم بخير، وعاشت فلسطين، وعاش العراق، وعاش لبنان، وعاشت أفغانستان!!…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *