العدد 246-247 -

العددان 246-247، السنة الواحدة والعشرون، رجب وشعبان 1428هـ، الموافق آب وأيلول 2007م

الرجال مواقف

الرجال مواقف

 

إنه مما لا شك فيه أن المسلمين لما كان لهم دولة كان لها رجال وكان لهؤلاء الرجال مواقف جعلت من دولة الإسلام دولة مرهوبة الجانب تنازع في الفلك شمس الدنيا وقمرها ولقد ذكر أهل السير والتاريخ طرفا من أخبار هؤلاء الرجال الذين نقف على بعض مواقفهم….

  • مواقف في حفظ هيبة الأمة والدولة:

  • ” أتي لقتية بن مسلم الباهلي القائد المسلم برجل أعور كان يثير قبائل الترك ضد المسلمين ، فقال لقتيية : أنا أفدي نفسي؟ وسألوه : ما تبذل ؟ قال: خمسة آلاف حريرة صينية قدرها ألف ألف درهم. فقال قتيبة لامراء جنده: ما ترون؟ قالوا: نرى أن فداءه زيادة في غنائم المسلمين، وما عسى أن يبلغ كيد هذا ؟ قال قتيبة: لا ، والله لا تروع بك مسلمة أبدا.وأمر بقتله”. (كتاب قتيبة بن مسلم الباهلي).

  • لما وصلت جيوش المسلمين حدود الصين فاتحة بقيادة القائد قتيبة بن مسلم أرسل إلى ملك الصين وفدا على رأسه هبيرة الكلابي، فقال لهم ملك الصين: انصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف، فإني عرفت حرصه وقلة أصحابه، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه. فقال هبيرة : كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله في بلادك وآخرها في منابت الزيتون؟! وكيف يكون حريصا من خلف الدنيا قادرا عليها وغزاك؟! وأما تخويفك إيانا بالقتل فإن لنا آجالا إذا حضرت فأكرمها القتل ، فلسنا نكرهه ولا نخافه. فأجابه ملك الصين: فما الذي يرضي صاحبك؟؟ قال : إنه قد حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم ، ويختم ملوككم، ويعطى الجزية . فقال الملك فإنا نخرجه من يمينه، ونبعث ببعض أبنائنا فيختمهم، ونبعث إليه بجزية يرضاها. قال: فدعا بصحاف من ذهب وفيها تراب وبعث بحرير وذهب، وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم، ثم أجازهم، فأحسن جوائزهم، فساروا فقدموا بما بعث به ، فقبل قتيبة الجزية ، وختم الغلمة وردهم، ووطيء التراب. ويتضح من ذلك ما كان لدولة الخلافة من هيبة ولجيوشها من سطوة، فمثل هذا الإذلال الذي حصل لملك الصين يقوم مقام الفتح لهذه البلاد أو يزيد.

  • بعد أن دفن الخليفة سليمان بن عبد الملك رأى المسلمون عمر بن عبد العزيز كئيبا مهموما بمآل الخلافة إليه بدلا من أن يكون سعيدا مغبوطا، ولما سئل عن السبب قال: ” ليس أحد من أمة محمد ، في شرق الأرض ولا غربها، إلا وأنا أريد أن أؤدي إليه حقه من غير طلب منه”.

ودخلت عليه زوجته يوما وهو في مصلاه ودموعه تجري على لحيته فسألته: ” أحدث شيء” ، فقال : ” إني تقلد أمر أمة محمد، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري والمظلوم المقهور، والقريب الأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض ، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم يوم القيامة، وإن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن لا تثبت حجتي عند الخصومة، فرحمت نفسي فبكيت” ( الكامل لابن الأثير).

  • مواقف في السياسة الداخلية ورعاية الشؤون:

  • كتب عمر بن عبد العزيز خليفة المسلمين إلى عامله على سمرقند سليمان ابن ابي السري قائلا: ” أن اعمل خانات في بلادك، فمن مر بك من المسلمين فأقروهم يوما وليلة، واعهدوا دوابهم، فمن كانت به علة فأقروه يومين وليلتين، فإن كان منقطعا به فقووه بما يصل به إلى بلده” تاريخ الطبري.

  • وصل كتاب من عدي بن أرضأه إلى عمر بن عبد العزيز يقول فيه: ” أما بعد، فإن أناسا عندنا لا يؤدون ما عليهم من الخراج حتى يمسهم شيء من العذاب” فأجابه عمر : ” أما بعد، فالعجب كل العجب من استئذانك إياي في عذاب البشر ، كأني جنة لك من عذاب الله . إذا أتاك كتابي هذا ، فمن أعطاك ما عنده عفوا فخذه، وإلا فاستحلفه، فوالله لأن يلقوا الله بجناياتهم أحب إلي ن أن ألقاه بعذابهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *