العدد 272 -

العدد 272 – السنة الرابعة والعشرون، رمضان 1430هـ، الموافق أيلول 2009م

يقاتلون لأجل التقسيم ولا يقاتلون لأجل الوحدة

يقاتلون لأجل التقسيم ولا يقاتلون لأجل الوحدة

 

كل من يتابع القتال الدامي الذي يجري في مناطق عدة من العالم الإسلامي يدرك أن الهدف هو التقسيم، تحت ستار مصطلحات خادعة ومضللة، فمثلاً ينادون بالتحرر والاستقلال، ورفع الظلم، ومحاربة الدكتاتورية، وتداول السلطة، والمساواة، والتغيير، و”الديمقراطية”، إلى نهاية قائمة الأهداف المموهة. فهل ما يقولونه هو الحقيقة؟ وهل كل بندقية تُرفع الآن في العديد من الأمكنة هي بنادق محقَّة؟ وهل كل المليشيات التي تحمل السلاح تملك ثمن سلاحها وثمن ما تحرقه من ذخيرة يومية؟ وإذا كانت بعض الدول تزودهم بالسلاح والذخيرة فهل تقوم بهذا العمل المكلف وتتحمل مسؤوليته لوجه الله، ثم إكراماً لهذه المليشيا التي توزع الجثث يميناً وشمالاً؟ وهل ترتيب الأولويات هو الذي فرض على هذه المليشيا زمان المعركة ومكانها وأهدافها وأطرافها وتحالفاتها ومخاصماتها؟

لا شك أن كل عاقل يعرف أن كل هذه التساؤلات لها في عقله الواعي أجوبة وافية شافية، ولا يحتاج لمن يدله على الجواب الصحيح. لكن هناك سؤال يحتاج إلى تفكير وهو: لماذا يلاحظ أن هناك العديد من المعارك التي تدور هذه الأيام هدفها تقسيم المقسم وتمزيق الممزق، ولا توجد حرب واحدة هدفها توحيد المقسم، أو حتى ترقيع الممزق؟ ومن يملك مثلاً واحداً على حرب من هذا النوع عليه أن يعلنها لعل في ذلك تحفيزاً للآخرين للعمل على التوحيد.

هل ما حصل في جنوب السودان هو للتوحيد، وكذلك دارفور؟ والصومال هل توحد أم تمزق منذ سقطت الدولة الموحدة وحتى الآن؟ والصحراء المغربية تريد الانفصال، وحزب العمال الكردستاني، ومنطقة كردستان، والحوثيون… هناك أماكن أخرى غير هذه والحديث عنها يثير حساسية، الأفضل تجنبها حتى لا تتدفق الفتاوى التي تزيد التمزيق تمزيقاً، ولكن القارئ يستطيع معرفة من يقاتل من أجل تنفيذ أمر الله ومن يقاتل ليكون جزءاً من مخطط طويل وعريض، لا يخدم الأمة ولا يقرِّبها من الوصول إلى أهدافها.

مسلمٌ يقتل مسلماً لكي ينفصل عنه! إنها كارثة أصابت العقول والقلوب، مسلم يلتقي بسيفه مع مسلم آخر وكلاهما يدَّعي أنه على حق والمقابل على باطل! ومن يدري لعل بعضهم يطلع على الناس في يوم من الأيام ليقول: “سامحوني لقد أخطأت، وها أنذا أُجري مراجعات وسوف أكشف لأتباعي الطريقة الجديدة التي سوف أتبعها، والمنهج الجديد الذي سوف أقودكم بموجبه، وكل القتلى والجرحى والمعوقين الذين سقطوا بسبب نزواتي ومراهقتي السياسية محيتها بالممحاة، فأنا أفتي لكم بالصح والخطأ، وما المانع؟”.

نسأل الله التوفيق للمؤمنين العاملين المخلصين، والهداية لبعض المستدرجين إلى المكان الخطأ والزمان الخطأ والطريقة الخطأ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *