العدد 276 -

العدد 276 – السنة الرابعة والعشرون، محرم 1431هـ، الموافق كانون الثاني 2010م

صرخة إسلامية من الجزائر: «هل زهد أهلُ فلسطين بفلسطين؟» (2)

صرخة إسلامية من الجزائر: «هل زهد أهلُ فلسطين بفلسطين؟» (2)

 

إن موقف المعترف بدولةِ ما يسمى (إسرائيل) لهو موقف خطير غاية الخطورة  يمس أي حزب أو حركة أو جماعةٍ بأساسها كما يمس بفروعها، ذلك أن لسان حال صاحبه ينطق بأنه يُقرّ  أشد الناس عداوة للإسلام وللذين آمنوا بصريح كتاب الله في قوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) [المائدة 82] لا بوصفهم أفراداً استولوا على أرض من فلسطين بل بوصفهم دولةً وكياناً سياسياً أوجدهُ الغرب معادياً للإسلام ولأمة الإسلام أشد أنواع العداء كما وصف القرآن ثم كما نطق به الواقع، يُقرّهم على معظم فلسطين الغالية إن لم يكن كلها! فما موقفنا من موقفه هذا؟

إن المسألة ليست مسألةَ أرضٍ فحسب، وإنما هي مسألة الإقرار بوجودهم كدولة خبيثةٍ كافرة معاديةٍ أشد العداوة في قلب بلاد المسلمين وهي بيت المقدس وأكناف بيت المقدس الموجودة في كتاب الله حيث يعلم كل مسلم من سورة الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءَايَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء 1].

وليست الألفاظ في كتاب الله موضوعة عبثاً كعبث العابثين بأقدس مقدسات المسلمين، فقد ذكر الله عز وجل المسجد الأقصى و قال: (بَارَكْنَا حَوْلَهُ) ليعلم العالمون أن تلك الديار كلها لها مكانة خاصة عند الله وعند المؤمنين به وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما ذكر عز وجل المسجدَ الحرام بقوله: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة 28] فدلت الآية عند أهل الإيمان على وجوب إبعاد أهل الشرك عنه بالقوة بل وعن جزيرة العرب كلها، وكذلك اليهود والنصارى ومن مثلُهم. ومعناها: يا معشر المؤمنين إنما المشركون رِجْس وخَبَث فلا تمكنوهم من الاقتراب من الحرم بعد هذا العام التاسع من الهجرة, وإن خفتم فقرًا لانقطاع غارتهم عنكم, فإن الله سيعوضكم عنها, ويكفيكم من فضله إن شاء, إن الله عليمٌ بحالكم, حكيمٌ في تدبير شؤونكم. فلزم أن يكون للمسلمين تلك القوة أي الدولة التي بها ينفذ هذا الحكم الشرعيُّ وكذلك ما يلزمهم في حق فلسطين، كما نفذت دولةُ الخلافة في عهد عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عدمَ جوازِ مجاورة اليهود للمسجد الأقصى المبارك ما حولهُ من رب السماوات والأرض.

ولسنا نحن أهل الجزائر بوصفنا مسلمين ولا أهلُ شمال أفريقيا و لا جميع أهل الأرض من المسلمين بمقرين يهودَ أعداء الله وأعداء رسول الله على شيءٍ من أرض فلسطين الغاليةِ غلاء عقيدة الإسلام حتى ولو أقرهم عليها أو على بعضها أو معظمها بعضُ من يسكن فلسطين، أو أقرهم عليها حكامُ المسلمين الخونة المجرمون الذين فرضهم حكاماً عليهم الغربُ الحاقدُ على المسلمين وعلى دينهم، أو أقرهم عليها من صنعهم الغربُ من أصحاب منظمة التحرير الفلسطينية التي باعت قضية فلسطين بأقل من لاشيء، أو أقرهم الإسلاميون الجدد الذين لبسوا حلة الإسلام وحملوا اسم المقاومة ليقولوا: نقبل بالتفاوض ونقبل بما احتل سنة 67 وهو اعتراف صريح بكيان العدو. ولسنا نراهم إلا أعظم جرماً ممن سبقوهم، كونهم بالإسلام يظهرون وبكلمات الله يقولون.

ونحن أهل الجزائر لا نقر، بوصفنا مسلمين، فرنسا الكافرة الاستعمارية على شبرٍ من الجزائر بوصفها بلاداً وأرضاً إسلاميةً فتحها المسلمون أو على شبرٍ مما احتلته من شمال أفريقيا، ولا إسبانيا والبرتغال على الأندلس، ولا بريطانيا على جبل طارق، ولا روسيا على شيء من أرض الإسلام، ولا الصين على تركستان، ولا أميركا على شيء من أفغانستان أو العراق، ولا غيرها على غيرِها من بلاد المسلمين، وإن طال الزمان..

فأين الجزائر وغيرُها من فلسطين المسجد الأقصى الموجودة في كتاب الله؟؟ إنها فلسطين المسقية بدماء صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إنها أرض الإسراء والمعراج المذكور في كتاب الله.

ثم إن التقصيرَ في العمل أو حتى القعود عن العمل من أجل استرجاع أية أرض إسلاميةٍ انتُزعت من بلاد المسلمين في الشرق أو في الغرب ليس أبداً كالاعتراف والقبول بسيادة الكفار أعداء الله عليها، فكيف إذا كانت هذه فلسطين؟ الأول فيه إثم بقدر القعود أو التقصير، أما الثاني فهو موقف خطير يمس قضية إسلامية هي من أخطر قضايا الأمة الإسلامية ولا ريب حتى وإن جهله صاحبه. أما أن يكون هذا الإقرار لليهود بالذات وعلى شيء من فلسطين بالذات فهذا دون شك يصطدم مع الإسلام اصطداماً لا يقوى على تبريره سوى من يحسن فنَّ المراوغة وفن الوقوف في مكان ما بين الحق  والباطل، وفنَّ تأويل الكلام والألفاظ والتلاعب بالنصوص والأسماء والمسميات بما يتفق مع منهج الوسطية والاعتدال الزائفين اللذين هما وصفة وطبخة من الغرب يقدمها مسمومةً لأبناء المسلمين لكي يقبلوا بالأوضاع القائمة، أي بالأمر الواقع القائم اليوم في البلاد الإسلامية الخاضعة للغرب الاستعماري بواسطة حكام الغدر والسوء والخيانة، بحجة أن الإسلام دين وسطي يقبل الآخرَ ويتعايش معه، ولكي ييأسوا ويقعدوا عن السعي لتغيير هذه الأوضاع تغييراً جذرياً بإقامة دولة الخلافة الإسلامية التي تقلب الأمور رأساً على عقب. ألا ترى أن الغرب عدوَّ الإسلام منذ تفوقه يصنِّف المسلمين صنفين معتدلين ومتطرفين، ويفتش دوماً في المسلمين لعله يجد بينهم من يقبلون بعض ما عنده ويخدمون مصالحه ليُقرَّهم على نهجهم بل ويقرِّبهم ويدعمَهم. ولكم العبرةُ في شيخ شريف الصومال مع أميركا بعدما تبدَّلت حاله. أما من يرفضون بضاعته ولو بالكلام فهم العدو.

نقول لقادة حماس: إن لعبة الديمقراطية في أحضان الغرب لهي والله لعبة غادرة من اسمها وملعونة من لفظها، وإن هذا المورد الذي أوردتم أهلَكم فيه لهو بئس المورد، وإن ربكم لسائلكم غداً عن مكانها في كتاب الله وسنة رسول الله، حكام الدنية سماسرة اليهود والأميركان والأوروبيين هؤلاء الذين يخذلون المسلمين ليل نهار، فماذا ترجون عندهم إلا الذلة والصغار. وما حرب غزة الأخيرة إلا خير شاهد عليكم لا لكم.

ونقول لعامة حماس: اختاروا إما أن تُرضوا ربكم أو ترضوا قادتكم على ما هم عليه من الزيغ المبين. أمعنوا النظر ودققوا فيما يقوله كبيركم وافهموا واعقلوا ما تسمعون ولا تتبعوه اتباعاً، وارجعوا إلى الحق خيراً لكم.

واعلموا أولاً أن الأمة الإسلامية باقيةٌ ما بقي الزمان إلى قيام الساعة بقاء رسالة الإسلام التي جاء بها محمدٌ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، و هذا أمر عندنا من العقيدة، حتى ولو ذهبت فلسطينُ كلها ومعها مصر وبقية بلاد الشام.

دخلت فرنسا الجزائر في1830م وهي كلها ثقة أنها ستبقى فيها ما بقي الزمان، وبالرغم من أن أهل الجزائر أُخضعوا عنوةً إلا أن الأعداء ما لبثوا أن وجدوا من أهل البلاد بوصفهم مسلمين مقاومةً شرسةً وجهاداًً في سبيل الله لم يخمد على فتراتٍ من زمن الاحتلال وفي أماكن مختلفةٍ، حتى 1954م حيث طرأت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ظروف دوليةٌ هيأت أسبابَ ثورتهم المعروفة على المستعمِر. ورغم أن المنطقة لا تمتلك عراقةً ولا وعياً سياسيا كبيراً إزاء قضاياها، إلا أن التاريخ لا يذكر أن أحداً من أهل ملة الإسلام في الجزائر اعترف بسيادة فرنسا على شيء من الجزائر أو اعترف لفرنسا بأن الجزائر صارت جزءاً منها لا أرضاً ولا شعباً، باستثناء نزر قليل أُرضع لبن الاستعمار المسموم وصار في نظر أهل البلاد خائناً ممقوتاً وعدواً حقوداً ومارقاً مطروداً. انتفض أهل الجزائر من جديد في ثورةٍ -على ما فيها من دخن وقلة وعيٍ بالإسلام بسبب ثقافة الاستعمار البغيض- أفضت إلى ما نرى اليوم في الجزائر مما نرضاه ومما لا نرضاه.

فلا أقل إذن من الإبقاء على حالة المواجهة والحرب والعداء والنار المشتعلة بيننا وبين يهود، الأقرب فالأقرب، حتى ولو بدا أننا الآن في موقف ضعفٍ، تماماً كما أبقت الأمة الإسلاميةُ وأهل الجزائر منها خاصة على هذه الحالة بينها وبين فرنسا الاستعمارية عدوِّ الإسلام والمسلمين مدة قرن وثلث القرن من الزمان حتى أتى الله تعالى بظرف تم فيه الجلاء.

[نلفتُ النظر إلى أن الاستعمار بحكم تفوقه في الوعي السياسي على مصالحه استطاع أن يمكِّن زمرةً من المتآمرين من أذنابه إبان الثورة الجزائرية، مستعملاً أساليبَ الاغتيال والتصفية منذ بداية 1956م، وبالمكر والخديعة والإقصاء من بعدُ، مكَّنهم من أن يسرقوا جبهةَ التحرير الوطني الجزائرية من مخلصيها في غفلة سياسيةٍ منهم، وهم الذين جاهدوا وأبلوا بلاءً حسناً ولهم أجرهم عند ربهم، تماماً كما سرق أصحاب سلطة عباس في الضفة، بدعم سياسي وأمني ومالي من الغرب وبتوجيه من الأميركان، سرقوا فتح ومعها المنظمة من مخلصي فتح وجعلوها واجهةً لهم يخدعون بها أهل فلسطين،  فجاء استقلال الجزائر على يد زمرة بن بلا ثم جماعة بومدين ومَن بعدَهم منقوصاً نقصاً فاضحاً، حيث لم يتوج كفاحُ السياسيين ولا جهادُ المجاهدين بقيام كيان للمسلمين يقوم على أساس الإسلام العظيم بل قام في الجزائر بعد 1962م، نتيجةَ صراع الدول الاستعمارية الكبرى ومصالحها وبتدبير من الكفار الأوروبيين خاصة، قام فيها كيانٌ سياسي وطني علماني مسخٌ واجهتُه جبهةُ التحرير الوطني أو بعض مَنْ على شاكلتها من العلمانيين إلى يومنا هذا، كيان متنكرٌ للإسلام أشد التنكر،  مُقصيٌ له عن شؤون الحكم والسياسة والاقتصاد وجاحدٌ لنعمة الله، بل ومحاربٌ بخبثٍ للإسلام بأيدي المسلمين، فقزَّمَ هذا الكيان مطلبَ و رغبةَ أهل الجزائر المسلمين في الاستقلال الفعليِّ لا الشكلي عن قوى الاستعمار الغربية الغاشمة إلى لا شيء، وذلك بحكم الانحطاط الفكري والسياسي. وسيأتي يوم يستيقظون فيه على أساس الإسلام والإسلام وحده، و يتحررون فعلاً لا شكلاً بانضمامهم إلى دولة الخلافة الإسلامية المرتقب قيامها في كل بلاد الإسلام إن شاء الله تعالى، وعندئذ يُطرد نفوذُ الاستعمار الغربي ومنه الفرنسي إلى غير رجعة. فعلى أي نوع من الاستقلال والتحرير يا تُرى سيستيقظ أهل فلسطين وبقية المسلمين، إن هم تركوا عباس وزمرته يقودون قطار المفاوضاتِ الخيانية مع اليهود، وهو الخيار الاستراتيجي عندهم، الذي ركبه عباس ومن حوله بغية إقامة دولةٍ قزمةٍ لشعب فلسطين الذي مثلوه رغماً عنه بتآمر دولي، بعدما تنتهي العملية السلمية التي قد لا تنتهي أبداً؟! علماً أنهم بعدما كُشفت نواياهم عبر السنين وفقدوا اليوم مصداقيتَهم وفقدوا كل شيء هاهم في مؤتمرهم السادس يوم 04/08/2009م يقولون إنهم يعملون من أجل انطلاقة جديدة، فإلى أين سينطلقون؟

  فواجب إذاً أن نصمد نحن المسلمون ونصبر صبر العاملين المجدين لا صبر القاعدين المنتظرين، حتى يأتي الله بأمر من عنده، والله تعالى يقول: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران 139]، ويقول: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) [المائدة 52].

ثم اعلموا ثانياً أن فلسطين لها أهلها، وهم في الحقيقة كل المسلمين في العالم، وهم بالتأكيد ليسوا زمرةَ عباس ولا من حوله، فضلاً عن حكام العرب، و ليسوا من يريدهم الغربُ ممثِّلين لأهل فلسطين ليخدع بهم المسلمين، وهم بالتأكيد ليسوا أهل فلسطين الذين هم في الداخل وحدهم، بل كل المسلمين في العالم. نحيا على هذا الموقف ونموتُ عليه رغم أنف الأعداء.

واعلموا ثالثاً أن قضية فلسطين ليست هي أم القضايا عند المسلمين، وإذا كانت هي القضية المركزية عند حماس وفتح والمنظمة وذلك بتأكيدهم في كل مناسبةٍ وفي كل فرصةٍ وحين على أنها هي القضية المركزية للأمة العربية!…

(الأمة العربية مصطلح غريبٌ عن الإسلام يتردد كثيراً على ألسنتهم لا نعلم له مكاناً في كتاب الله ولا في سنة رسول الله).

فإذا كان الأمر كذلك عند هؤلاء، فإن الأمرَ ليس كذلك في كتاب الله ولا في سنة رسول الله، إنما القضية الأولى هي وجوب العمل من أجل استرجاع دولةِ الخلافة الإسلامية وعودةِ الحكم بما أنزل الله لتحقيق وِحدة المسلمين واستئنافِ الحياة الإسلامية بتطبيق نظام الإسلام في الحكم والاقتصاد والاجتماع، وفي السياسة الداخلية والخارجية، وفي التعليم والإعلام، في السلم والحرب، وفي المسجد والسوق والإدارة والمصنع، وفي كافة شؤون حياة المسلمين، بوصفهم أمةً واحدةً من دون الناس. وهذا تحديداً ما يؤرق الغربَ، وما نراه منشغلاً به ولا يقعد عن وضع العراقيل في وجهه تارةً بالحروب والمؤامرات وتارةً بالسياسة والمفاوضات. وعندما تحلُّ القضية الأم تحلُّ معها بناتها من قضايا المسلمين. ولا يخفى عليكم أن فلسطين ما ذهبتْ إلا بعدما أجهز الكفار على دولة الخلافة العثمانية دولة الإسلام، على ما فيها من نقصٍ عندما ضعفت واضمحلت. وستعود فلسطين إلى ديار المسلمين ولكن ليس بالمفاوضات مع اليهود برعايةٍ مصرية ولا برعايةٍ أوروبية و لا أميركية، ولا بمبادرة الملك عبد الله السعودي، ولا بخارطة الطريق، وإنما بالجهاد في سبيل الله تنفذه دولة الخلافة -عندما تقوم- بجيشٍ من جيوش المسلمين التواقةِ للاستشهاد ونيل رضوان الله في جنات النعيم، لإزالة أثر كيانِ ما يسمى (إسرائيل) نهائياً إلى غير رجعة، و نحن المسلمون في الجزائر لا نرضى بأقل من هذا. ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الحكيم. ولسوف يواصل المسلمون بعد قيام دولتهم حملَ رسالتهم إلى كل أرجاء المعمورةِ لا يخافون إلا الله ولا يخشون أحداً سواه.

أما و قد ثبت هذا فنجزم إذاً أن هناك فرقاً شاسعاً بين من يعترف بما يسمى (إسرائيل) ومن لا يعترف بها من الحركات والتكتلات أو من أفراد الأمة وآحادها. حتى لو لم يفعل الأخيرُ -أي من لا يعترف بكيان اليهود- شيئاً لتغيير الوضع، يكون و حاله هذه مقصراً آثماً ينبغي أن يتوب ويُقْدمَ على العمل من أجل تغيير أوضاع الأمة بما تقتضيه أحكامُ الشريعة من سيرة محمدٍ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، لإعزاز الإسلام والمسلمين، ولتعود فلسطينُ ومعها بقية ما احتل وضاع من بلاد المسلمين، بسبب تقصيرهم وبعدهم عن دينهم، إلى ديار الإسلام.

بقي أن نذكِّر أن حماس فلسطين ليست هي أهل فلسطين، ولا فتح ولا المنظمة هما من ينطبق عليه اسم أهل فلسطين، ولا هما من يصح أن ينطق باسم أهل فلسطين، فلا يخدعنكم الإعلام والفضائيات، إنما ولي فلسطين هو الله ورسوله والذين آمنوا. ويجب على الأمة الإسلامية قاطبةً أن تنهض لقضيتها قضية الخلافة الإسلامية، علماً أن مسألة  فلسطين والأقصى جزء منها ولا ريب، كما يجب شرعاً عدمُ اعتبار عمله يقع في دائرة الإسلام من يعترف من الحركات أو الأحزاب أو الجماعات أو التكتلات بهذا الكيان الخبيث الذي وضعه الأعداء في فلسطين بل هو بعيد كل البعد عن هذه الدائرة، ويجب شرعاً رفضها ولفظها وعدم اعتبارها إسلاميةً حتى وإن استماتت من أجل أن يحسب عملها منه ليكون ذلك لها غطاءً لها في مآربها، كحالِِ حركة أردوغان التركية العلمانية ذات العباءة الإسلامية في تركيا الكمالية المعترفةِ بالكيان العدو مثلاً، فلا تنخدعوا بالمظاهر وانظروا إلى الأعمال والمواقف ولكم في كتاب الله القولُ الفصلُ، وفي رسول الله الأسوةُ الحسنة، وفي صحابته المنهاج السوي، فاعتبروا يا أولي الأبصار.

وكختام مسك نذكر قوله تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف 21].

[انتهى]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *