العدد 216 -

السنة التاسعة عشرة محرم 1426هـ – شباط 2005م

مع القران الكريم: (كونوا أنصار الله)

بسم الله الرحمن الرحيم

مع القران الكريم:

 (كونوا أنصار الله)

       قـال تعـالـى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) [الصف 14].

ذكر ابن كثير، رحمه الله، في تفسيره لهذه الآية: «يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين أن يكونوا أنصار الله، في جــميع أحــوالـهم، بأقوالـهم، وأفعالـهم، وأنفسهم، وأموالهم، وأن يستجيبوا لله ولرسوله كما استجاب الحواريون لعيسى حين قال (مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ) أي من معيني في الدعوة إلى الله عز وجل؟ (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ) وهم أتباع عيسى عليه السلام (نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ) أي نحن أنصارك على ما أرسلت به، ومؤازروك على ذلك؛ ولهذا بعثهم دعاة إلى الناس، في بلاد الشام، في الإسرائيليين واليونانيين، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في أيام الحج: «من رجل يؤويني حتى أبلغ رسالة ربي، فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي؟» حتى قيض الله عز وجل له الأوس والخزرج من أهل المدينة، فبايعوه ووازروه وشارطوه أن يمنعوه من الأسود والأحمر، إن هو هاجر إليهم، فلما هاجر إليهم بمن معه من أصحابه، وفوا له بما عاهدوا الله عليه؛ ولهذا سماهم الله ورسوله الأنصار، وصار ذلك علماً عليهم رضي الله عنهم، وأرضاهم.

وقوله تعالى: (فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ) أي لما بلغ عيس بن مريم، عليه الصلاة والسلام، رسالة ربه إلى قومه، ووازره من وازره من الحواريين، اهتدت طائفة من بني إسرائيل بما جاءهم به، وضلت طائفة فخرجت عما جاءهم به، وجحدوا نبوته، ورموه وأمه بالعظام، وهم اليهود، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة، وغلت فيه طائفة ممن اتبعه حتى رفعوه فوق ما أعطاه الله من النبوة، وافترقوا فرقاً وشيعاً، فمن قائل منهم: إنه ابن الله، وقائل: إنه ثالث ثلاثة: الأب والابن والروح القدس، ومن قائل إنه الله، وكل هذه الأقوال مفصلة في سورة النساء.

وقوله تعالى: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ) أي نصرناهم على من عاداهم من فرق النصارى (فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) أي عليهم، وذلك ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم».

ويقول سيد قطب، رحمه الله، في ظلاله: «والعبرة المستفادة من هذه الإشارة، ومن هذا النداء… هي استنهاض همة المسلمين بالدين الأخير (الإسلام)، الأمناء على منهج الله في الأرض، وورثة العقيدة والرسالة الإلهية، المختارين لهذه المهمة الكبرى، استنهاض همتهم لنصرة الله ونصرة دينه «كما قال عيسى بن مريم للحواريين: من أنصاري إلى الله؟ قال الحواريون: نحن أنصار الله» والنصر في النهاية لأنصار الله المؤمنين» .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *