العدد 193 -

السنة السابعة عشرة – صفر 1424هـ – نيسان 2003م

شيْءٌ مِنْ فِقْهِ اللُّغَةِ (معاني الحُروف)

شيْءٌ مِنْ فِقْهِ اللُّغَةِ

(معاني الحُروف)

الحرف: هو ما دلّ على معنى مقترن بغيره، فإن لم يقترن بغيره فلا معنى له. ولا بدّ من تفسير بعض الحروف التي تشتد الحاجة في الفقه إلـى معرفته لوقوعه في أدلته:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أولاً: حروف الجر

  1. من:

         لابتداء الغاية      سرت من بغداد.

         (سبحن الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا) [الإسراء/15]… ابتداء الغاية في المكان.

         (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه) [التوبة/108] في الزمان.

         للتبعيض:  أكلت من الخبز.

         لبيان الجنس:  خاتم من ذهب.

         زائدة:  ما جاءني من أحد.

         بدل: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) [التوبة/38]… أي بدل الآخرة.

         (لو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) [الزخرف]… أي بدلكم.

  1. إلى

         لانتهاء الغاية:  سرت إلى بيروت.

         للآخر وغيره:  سرت البارحة إلى آخر الليل أو نصفه.

         بمعنى مع: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالهم) [النساء/2].

  1. حتى

         لا تجر حتى إلا ما كان آخرا أو متصلا بالآخر:

(سلام هي حتى مطلع الفجر) [القدر].

         أكلت السمكة حتى رأسها.

         ولا تجر غيرها فلا تقول: سرت البارحة حتى نصف الليل.

  1. في

         ظرفية:  زيد في المدينة، وهو الكثير منها.

         بمعنى على: (ولأصلبنكم في جذوع النخل) [طه/71].

         وقد يتجوز بها:  نظرت في العلم الفلاني.

         السببية:  “دخلت امرأة النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض”(1).

  1. الباء

         للإلصاق:  به داء، أمسكت بالقلم، أخذت برأيك، مررت بزيد.

         للاستعانة:  ضربت بالعصا، كتبت بالقلم، قطعت بالسكين.

         المصاحبة:  اشتريت السيف بقرابه، (فسبح بحمد ربك) [النصر/3].

         للتعدية:  ذهبت به، (ذهب الله بنورهم) [البقرة/17].

         بمعنى على: (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك) [آل عمران/75].

         للسببية: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً) [النساء].

         الظرفية:  (ولقد نصركم الله ببدر) [آل عمران/123].

         (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين @ وبالليل أفلا تعقلون) [الصافات]… أي وفي الليل.

         القسم:  أقسم بالله.

         من أجل:  (ولم أكن بدعائك رب شقياً) [مريم].

         زائدة: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [البقرة/195].

         بدل:  “ما يسرني بها حمر النعم”(2) أي بدلها.

         (أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة) [البقرة/86].

         استبدل عقوبة الحبس بالغرامة خطأ، بمعنى أن الغرامة وضعت عليه بدل الحبس والصحيح: عقوبة الغرامة بالحبس أي بدل الحبس.

         بمعنى من:  شربن بماء البحر أي من ماء البحر.

         بمعنى عن:  (سأل سائل بعذاب واقع) [المعارج].

  1. اللام

         أ. عاملة للجر    مكسورة مع كلّ ظاهر لزيد، لعمرو إلا مع المستغاث المباشر، فمفتوح يا لَلَّه، ومفتوحة مع كلّ مضمر نحو: لَنا، لَكم، لَهم، إلا مع ياء المتكلم فمكسورة (لِي).

         معانيها:

  1. الاستحقاق: وهي الواقعة بين معنى وذات. الحمد لله، الملك لله.

  2. الاختصاص: الجنة للمؤمنين.

  3. الملك: له ما في السموات والأرض.

             التمليك:  وهبت لزيد مائة دينار.

             شبه التمليك:  جعل لكم من أنفسكم أزواجاً.

  1. التعليل: (لإيلاف قريش @ إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) [قريش].

         واللام الداخلة على المضارع لتنصبه بنفسها أو بإضمار أن: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس) [النحل/44].

  1. توكيد النفي: وهي الداخلة في اللفظ على الفعل مسبوقة بما كان أو لم يكن مسندين إلى ما أسند إليه الفعل المقرون باللام: (وما كان الله ليطلعكم على الغيب) [آل عمران/179]. (لم يكن الله ليغفر لهم) [النساء/168]. ويسميها أكثرهم لام الجحود لملازمتها للجحد (النفي).

  2. موافقة إلى: (بأن ربك أوحى لها) [الزلزلة].

  3. موافقة على: في الاستعلاء الحقيقي: (يخرون للأذقان) [الإسراء/107].

         أو المجازي: (وإن أسأتم فلها) [الإسراء/7].

  1. موافقة في: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) [الأنبياء/47].

  2. موافقة عن: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه) [الأحقاف/11].

  3. للصيرورة: وتسمى لام العاقبة ولام المآل:

         (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً) [القصص/8].

  1. (3)القسم والتعجب معا وتختص باسم الله – سبحانه وتعالي – كقول القائل: لله يبقي على الأيام…

  2. التعجب المجرد من القسم ويستعمل في النداء كقول امرئ القيس:

فيا لك من ليل كأن نجومه     بكلّ مغار الفتل شدت بيذبلِ(4)

         وفي غيره كقول الأعشى:

شباب وشيب وافتقار وثروة     فلله هذا الدهر كيف ترددا(5)

  1. التعدية ما أضرب زيدا لعمرو وما أحبه لبكر.

  2. التوكيد وهي اللام الزائدة:

           أ. بعد فعل الإرادة والأمر داخلة على المضارع المنصوب بأن المضمرة:

           (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) [الأحزاب/33].

           (وأمرت لأعدل بينكم) [الشورى/15].

         ب. اللام المسماة لام التقوية وهي المزيدة لتقوية عامل ضعف إما بتأخره:

         (هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون) [الأعراف].

         أو لكونه فرعا في العمل: (مصدقاً لما معهم) [البقرة/آية91].

         ج. عاملة للجزم: وهي اللام الموضوعة للطلب وحركتها الكسر وإسكانها بعد الفاء والواو أكثر من تحريكها: (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) [البقرة/186] وقد تسكن بعد ثمّ: (ثم ليقضوا تفثهم) [الحج/29].

         د. غير عاملة، وهي سبع:

  1. لام الابتداء وفائدتها أمران: توكيد مضمون الجملة، وتخليص المضارع للحال. وتدخل في موضعين:

         أ. المبتدأ نحو: (لأنتم أشد رهبة)  [الحشر/13].

         ب. خبر إن، وتدخل في هذا الباب على ثلاثة:

  1. الاسم نحو: (إن ربي لسميع الدعاء) [إبراهيم].

  2. المضارع لشبهه به: (وإن ربك ليحكم بينهم) [النحل/124].

  3. شبه الجملة نحو: (وإنك لعلى خلق عظيم) [القلم].

  4. اللام الزائدة وهي الداخلة في خبر المبتدأ:

أم الحليس لعجوز شهربةْ           ترضى من اللحم بعظم الرقبةْ

         وفي خبر لكن كقوله: ولكنني من حبها لعميد.

         وفي المفعول الثاني لأرى في قول بعضهم: أراك لشاتمي.

  1. لام الجواب وهي ثلاثة أقسام:

         أ. لام جواب لو: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) [الأنبياء/22].

         ب. لام جواب لولا: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) [البقرة/251].

         ج. لام جواب القسم: (تالله لقد آثرك الله علينا) [يوسف/91].

  1. اللام الداخلة على أداة شرط للإيذان بأن الجواب بعدها مبني على القسم بعدها لا على الشرط، ومن ثم تسمى اللام المؤذنة واللام الموطئة أيضا نحو: (لئن أخرجوا لا يخرجون معهم) [الحشر/12].

  2. لام أل كالرجل والحارث.

  3. اللام اللاحقة لأسماء الإشارة للدلالة على البعد أو على توكيد على خلاف في ذلك، وأصلها السكون كما في تلك وإنما كسرت في ذلك لالتقاء الساكنين.

  4. لام التعجب غير الجارة نحو: لَظَرُف زيد، ولَكَرُمَ عمرو أي: ما أظرفه وما أكرمه! .

  ([1])   البخاري: 712، 2236، مسلم: 904.

  (2)   البخاري: 881، 2783، مسلم: 2404.

  (3)   يؤكد المضارع بالنون وجوبا إذا كان مثبتا مستقبلا واقعا في جواب القسم غير مفصول عن لام الجواب بفاصل (وتالله لأكيدن أصنامكم) [الأنبياء/57] وما ورد من ذلك غير مؤكد فهو على تقدير حرف النفي، ومنه قوله تعالى: (تالله تفتؤا تذكر يوسف) [يوسف/85] أي: لا تفتأ، وعلى هذا فمن قال: والله أفعل أثم إن فعل لأن المعنى والله لا أفعل، فإن أراد الإثبات وجب أن يقول: والله لأفعلنّ وحينئذ يأثم إن لم يفعل، هذا على قول من يقول إن الأيمان مبنية على أسلوب الكلام، أما من يقول إن مبناها على العرف فلا يرى ذلك إن كان العرف في مثل هذا اليمين إنها للقسم على الإثبات لا على النفي، ولام القسم هي التي تقع في جواب القسم تأكيدا له كما في الآية. وقد يكون القسم مقدرا: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) [الأحزاب/21] تختص قد بالفعل الماضي والمضارع المتصرفين المثبتين، ويشترط في المضارع أن يجرد من النواصب والجوازم والسين وسوف، ويخطئ من يقول قد لا يذهب، وقد لن أذهب، بل يقول: ربما لا أذهب، ربما لا يكون بدل قد لا يكون. كذلك يحذف: لا جرم لآتينك، والتقدير: لا جرم أقسم لآتينك، لآتينك جملة جواب القسم المحذوف.

(4)     ديوان امرئ القيس 117.

(5)     ديوان الأعشى الكبير 50.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *