العدد 189 -

السنة السابعة عشرة – شوال 1423هـ – كانون الأول 2002م

أيها المسلمون … لا تيأسوا

أيها المسلمون … لا تيأسوا

 

         ما يحدث على الساحة العالمية من تطورات يدعونا إلى التفاؤل وليس اليأس. فالأمة الإسلامية لم تكن قوية وناهضة منذ زوال الخلافة الإسلامية أوائل القرن الماضي كما هي الآن. فها هم المسلمون الذين يؤمنون بالإسلام كمنهج حياة هم الذين يقودون عملياً الصراع مع العدو، وأصبحوا هم الطرف الثاني الذي تخافه أميركا بعد زوال الاتحاد السوفيتي. وأصبح الإسلام هو أمل الأمة الإسلامية في استعادة كرامتها في فلسطين، أفغانستان، الشيشان، لبنان وفي كل البقاع، واستئناف الحياة الإسلامية للأمة من جديد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

         حتى في أوربا وفي أميركا لم يعد مسلمو الأمس هم ذاتهم مسلمي اليوم. فقد أصبح (الإسلاميون) اليوم هم الذين يقودون الشتات ويتحركون ويتصدون وينتزعون حقوقهم، وهم الذين ينظمون المسيرات ويقودون جالياتهم بقوة. لقد أصبح الإسلام رغم أنف العدو هو المحرك وهو الذي يحشد وهو الذي يستقطب وهو الذي يوقظ الأمة التي نامت قرناً كاملاً.

         في المقابل سقطت كل القوى الأخرى في العالم الإسلامي التي ترفع شعارات بعيدة عن الإسلام، تيارات وقوى، ومؤسسات ونظم ومنظمات… انكشفت لأنها ليست على قدر المسؤولية ولأنها ابتعدت عن الإسلام عمدا ولم تعِ أن الاسلام هو مصدر القوة والعزة. فقد سقطت الجامعة العربية ولم يعد لها وزن وسقطت منظمة المؤتمر الإسلامي وأصبحت نسياً منسياً. سقط الموقف الرسمي العربي والإسلامي برمته.

         حتى الحكام الذين خاصموا الإسلام واعتبروه إرهاباً لإرضاء أميركا لم يترك لهم الرئيس الأميركي أي مخرج يضللون به شعوبهم كما دأبوا، بل دفعهم واحداً تلو الآخر للاعتراف علانية بخيانته للأمة وإسلامها. ولأنهم ابتغوا العزة في بيت الصهاينة الأبيض فكان جزاؤهم أن الذي عبدوه من دون الله يعلن أنه سيزيل حكمهم. وفعل الرئيس الأميركي معهم ما فعله الشيطان مع من عبدوه ( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك) [الحشر/16]. ولم يعد للرؤساء العرب الذين يقولون في العلن خلاف ما يسرون به للأميركيين في الغرف المغلقة قيمة، ولم يعد لهم وزن عند الأميركيين.

         ما يحدث الآن يجب أن يزيدنا إيماناً بأن الله أذن للمسلمين أن يستعيدوا قوتهم لكي يواصلوا رسالتهم بإخراج العالم، كل العالم، من عبادة العباد الى عبادة الله تعالى. ومن يتابع نشرات الأخبار يجد أن 90٪ منها عن المسلمين… حالة من الفوران والثورة في كل العالم.

         و(الإسلاميون) رغم الحصار الذين يعيشون فيه هم الطرف الثاني في كل صراع، والعالم كله يأخذ ما يقولونه مأخذ الجد. وأصبح الصراع مكشوفاً واضحاً بين طرفين اثنين. بين المؤمنين بالإسلام من ناحية وبين أميركا وكل قوى الشر من ناحية أخرى.

         في فلسطين أصبح الجهاد هو الذي يخيف يهود وليس السلطة القتيلة. ولم يعد الذين احترفوا وهما اسمه التفاوض والمفاوضات يملكون غير ألسنتهم. حتى عرفات الذي فرحت به الأمة عندما قال حكاية “شهيداً شهيداً شهيداً” سرعان ما تهاوى عندما لم يحتمل تبعات المواجهة وأدان العمليات الاستشهادية.

         نحن أمام ظاهرة جديرة بأن نعيد التفكير فيها بشكل مختلف. نحن أمام صراع بين طرفين بين العدو والمسلمين الحقيقيين الذين غابوا عن أرض المعركة بالقمع والبطش الممول غربياً منذ أيام الاستعمار.

         في صراعنا مع اليهود في فلسطين كانت كل النكسات لأن الذين يتحدثون باسم الأمة ليسوا منها وليسوا من المخلصين بل منهم من يعمل لصالح العدو ابتداءً… وهذا من الغرائب فكيف نقاتل ونضحي بينما يتحدث باسمنا من ليسوا معنا وهم أقرب للعدو منا.

         نحن أمام صعود الإسلام كقوة عظمى وليس الصين أو أوربا كما يصور لنا البعض. نحن كمسلمين سنصعد وستسقط أميركا الهشة من الداخل لنحقق نبوءة النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: إن الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي منها ما زوي لي منها”.

         فقادة أميركا هؤلاء مهما بلغ إجرامهم لن يفعلوا بأمة الإسلام أبشع مما فعله التتار. وكلنا يعرف أن التتار بعد المذابح البشعة التي ارتكبوها دخلوا في الإسلام بعد ذلك. فعم الإسلام قلب آسيا وحكم كل بلادهم. إن هذا الدين عجيب فقد انتصر على كل الإمبراطوريات التي حاربته ولم تنتصر عليه أي إمبراطورية إلا عندما خاب المسلمون وابتعدوا عن دينهم وتركوا الجهاد كما قال الرسول الكريم: “ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا”.

         قد نواجه بعض العنت والمقاومة من قلاع الباطل التي تتهاوى واحدة تلو الأخرى. فالباطل مهما كانت قوته فهو واهن ولا يصمد طويلاً أمام المؤمنين الحقيقيين، ولا يتطاول الباطل إلا عندما يغيب المؤمنون.

         نحن الآن أمام تيار إسلامي جارف يتزايد مع استعار الحرب وكلما تعرضنا للقتل عدنا الى الله وابتعدنا عن الدنيا. فلحكمة أرادها الله تعالى فإن شجرة الإسلام لا تروى إلا بالدماء. وكلما تساقط الشهداء كلما كان ذلك دليلاً على أن الله راضٍ عنا. فالشهادة هي أغلى أمنية للمسلم المؤمن. وطالما أننا نقدم الشهداء كل يوم فإن ذلك تأكيد على أن الله يرى أن أمة محمد بها خير. فالشهادة اصطفاء واختيار من الله وليست تفضلاً من الشهيد نفسه.

         ونحن نغبط إخواننا في فلسطين وفي أفغانستان وفي الشيشان حيث تصعد أرواح الشهداء بالعشرات لتحيي ملايين الموتى الأحياء في بلاد الإسلام، وتروي دماؤهم شجرة الإسلام الصاعدة في نفس كل مسلم. وفي كل يوم نودع جسد شهيد فيه يدب حب الشهادة في نفوس المئات والآلاف من المسلمين.

         نحن أمام العودة الثانية للخلافة الإسلامية وخاسر من لا يشارك في هذه العودة بإصلاح حاله والمساهمة في هذا التمكين.

         خاسر من لا يقتنص الفرصة والمشاركة في هذا البعث الإسلامي الجديد.

         خاسر من لا زال يفكر وغير قادر علي حسم أمره ولم يغير ولاءاته وصداقاته… بل كل حياته .

(من مقال للأستاذ: ع. عبد المنعم)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *