العدد 189 -

السنة السابعة عشرة – شوال 1423هـ – كانون الأول 2002م

من صفات المنافقين

مع القرآن الكريم:

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من صفات المنافقين

قال تعالى: (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران:188]

         صفتان من صفات المنافقين تحدث عنهما القرآن الكريم تنطبقان تمام الانطباق على حكام البلاد الإسلامية في هذا الزمان وهما:

  1. فرح المنافق إذا نجح في تضليل الآخرين.

  2. حب المنافق أن يحمده الناس على شيء لم يفعله.

         أخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري: أنّ رجالاً من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلفوا وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت ( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا) الآية. يقول السيوطي في تفسيره لِـ ( بِمَا أَتَوْا ): أي (بما فعلوا في إضلال الناس).

         فلقد كان المنافقون يفرحون إذا ظنوا أنهم استطاعوا أن يقنعوا الرسول صلى الله عليه وسلم بأعذارهم للتخلّف عن الجهاد في سبيل الله، أي إذا استطاعوا إخفاء الحقيقة عن الرسول عليه السلام وهذا شأن المضلِّلين في كل زمان، فهم يفرحون بما صنعوه من تضليل.

         وطبيعة المضلل تقتضي الخداع والكذب، والذي يستطيع التضليل فإنه بلا شك يملك المقدرة على خداع الناس وتضليلهم، وإذا نجح في ذلك فإنه يفرح ويسعد لعدم كشف الناس لتدجيله عليهم وتضليله لهم.

         والحكام في جميع الأقطار الإسلامية اليوم يمررون المؤامرات تلو المؤامرات، ويرتكبون الخيانات صباح مساء، ويحاولون تضليل شعوبهم ويثبتون لهم بأن هذه المؤامرات وتلك الخيانات ليست من صنع أيديهم، أو أنها فرضت عليهم، أو يحاولون أن يزينوا للناس – إن استطاعوا – هذه الخيانات والمؤامرات بأنها مطالب وغايات للجماهير، فيحولون خيانة التنازل عن فلسطين بأنها حل عادل وشامل ودائم للمنطقة وأهلها، ويغالطون بالقول بترك الجهاد والقتال في سبيل الله بأنه رغبة في السلام والتعايش مع الشعوب والحضارات، ويبررون موالاتهم للكفار بأنها علاقات دولية تفرضها العولمة وسياسة الموقف الدولي أحادي القطبية. ويفرحون إذا نجحت أبواق إعلامهم بتضليل الناس بهذه الخيانات التي يأتونها ليل نهار.

ولم يكتف هؤلاء الحكام المنافقون بما يأتونه من أضاليل، بل يحبون أن يحمدهم الناس بما لم يفعلوا من خير، فيطلبون من بطانات السوء أن تهلل لهم وتكبر، ويطلبون من علماء السلاطين أن يفتوا لهم بشرعية أعمالهم، ويفرضون على الرعاع أن يرقصوا ويهتفوا ويغنوا لهم تمجيداً وتشريفاً.

         فالآية القرآنية الكريمة تنطبق عليهم تمام الانطباق في قوله تعالى: ( الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا ) بل إن هذه الآية تصف صُلب صفاتهم وجوهر أعمالهم وتثبت بالتالي أنهم من المنافقين فعلاً لا كلاماً، والآية تتوعدهم بأنهم لن يكونوا، بفعلهم هذا، بمفازة من العذاب أي بمكان ينجون فيه من العذاب بل لهم عذاب أليم شديد .

أبو حمزه – بيت المقدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *