العدد 188 -

السنة السابعة عشرة – رمضان 1423هـ – تشرين الثاني 2002م

الصبر عند الابتلاء (4) تحمل عمر رضي الله عنه للأذى والشدائد

رياض الجنة:

الصبر عند الابتلاء  (4)

تحمل عمر رضي الله عنه للأذى والشدائد

         أخرج ابن إسحق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (لما أسلم عمر رضي الله عنه قال أي قريش أنْقَلُ للحديث؟ فقيل له جميل بن معمر الجمحي فغدا عليه، قال عبد الله وغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل – وأنا غلام أعقل كل ما رأيت – حتى جاءه فقال له: أعلمت يا جميل! إني أسلمت ودخلت في دين محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال: فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر واتبعته أنا حتى قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش! – وهم في أنديتهم حول الكعبة – ألا إن ابن الخطاب قد صبأ. قال يقول عمر من خلفه: كذب، ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ وثاروا إليه فما برح يقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم. قال: وطلح (أي أعيا من الضرب) فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول: إفعلوا ما بدا لكم فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا…) وهذا إسناد قوي كما في البداية ج3/ص82.

         وأخرج الحافظ أبو الحسن الأطرابلسي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (… ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه – أو لأبي جهل بن هشام – فأصبح عمر، وكانت الدعوة يوم الأربعاء فأسلم عمر يوم الخميس، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل البيت تكبيرة سمعت بأعلى مكة إلى أن قالت: فقال عمر: فوالذي بعثك بالحق يا رسول الله لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الإيمان، ثم خرج فطاف بالبيت، ثم مرّ بقريش وهي تنتظره، فقال أبو جهل بن هشام: يزعم فلان أنك صبوت؟ فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله. فوثب المشركون إليه، ووثب على عتبة فبرك عليه وجعل يضربه وأدخل إصبعه في عينيه، فجعل عتبة يصيح، فتنحى الناس، فقام عمر فجعل لا يدنو منه أحد إلا أخذ بشريف ممن دنا منه حتى أعجز الناس، واتبع المجالس التي كان يجالس فيها فيظهر الإيمان. ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ظاهر عليهم، قال بأبي وأمي والله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الإيمان غير هائب ولا خائف…) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *