العدد 187 -

السنة السادسة عشرة – شعبان 1423هـ – تشرين الأول 2002م

كلمة الوعي: قرار أميركا حول القدس صفعة أميركية للمنطقة فأين القائد الذي يردُّ الصفعة بأشـد منها؟

في زحمة الجرائم التي يرتكبها يهود في فلسطين من تدمير وقتل واغتيال للشيوخ والنساء والأطفال، التي تتناقلها الإذاعات والفضائيات، وبخاصة منظر تلك الفتاة من الخليل التي اعتقلتها عصابات يهود، وأحاطها الجنود، مدججين بالسلاح لأنهم كما يقولون، يخشون أن تطعنهم بسكين، فهم يحيطونها بالسلاح دون أن تجد معتصماً يُسارع لنصرتها أو يهب لنجدتها.

         وفي وقت تتصاعد فيه الأفعال والأقوال يطلقها بوش الابن من تهديد ووعيد وتدريب لقواته، تحضيراً للعدوان على العراق،في هذا الوقت الذي أشاع فيه عملاء أميركا و أعوانها أنّها ستقوم بالملاطفة واللين، والتخفيف من مواقفها الداعمة ليهود، لتوجد مبررات للحكام والسلطة في تهدئة الأجواء في فلسطين كي تقوم أميركا بعدوانها على العراق، دون ضجة عليها أو تشويش.

         وفي الأسبوع الأخير من شهر رجب، شهر الإسراء والمعراج لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، ثم إلى السموات العلى وسدرة المنتهى.

         في هذه الأجواء وجَّه بوش صفعة صليبية من سلسلة صفعات الولايات المتحدة للمنطقة الإسلامية بتوقيع قرار الكونجرس الأميركي بكون القدس عاصمة لدولة يهود.

         إنه ليس بالجديد ولا بالغريب أن تتخذ أميركا مواقف داعمة لليهود فهم ربيبة أميركا، يحيون ويصولون ويجولون بحبل منها ودعم وإسناد، لكن الجديد أن أميركا لم تعد بحاجة إلى المناورة والمداورة لإرضاء عملائها وعدم إحراجهم في ضرب مشاعر المسلمين علانية جهاراً نهاراً، فقد كانت من قبل تراعي شيئاً من الوزن لهم، وبخاصة مصر والسعودية، فلا تثقل عليهم بصريح الإعلان أن لا شيء لهم في القدس، لذلك فإنَّ الإدارة الأميركية كانت ترفض توقيع قرارات الكونجرس بأن القدس عاصمة لليهود، ترفض ذلك مناورة ومداورة لإشعار الحكام والسلطة أن أميركا غير منحازة! فهي لن تحرم السلطة والحكام من ورائها شيئاً من القدس. لكنها اليوم لم تعد تعير اهتماماً، ليس فقط لأعدائها بل حتى لعملائها، فلا تلقي لهم بالاً بل هي تهينهم وتنعتهم بشتى الأوصاف، وهي في مأمن من عدم إحساسهم بالإهانة أو تأثرهم بالمهانة.

         هذا هو الجديد في القرار أنّ العملاء والأعداء أصبحوا سواء عند طاغوت هذا العصر، أميركا، فقد كانت من قبل تراعي بعض الشأن لعملائها، وتقبل منهم أن يطيعوها راكعين، لكنها الآن تريدهم أن يأتوها ساجدين زاحفين.

         هذا هو الجديد أنّ بوش فعل هذا ورسله يغدون ويروحون في بلاد المسلمين يهيئون الأرض لعدوان على البلاد والعباد، فيستقبلهم الحكام وأعوانهم بالأحضان والترحاب، ومع ذلك لا يقيم بوش لهم وزناً، ولا قدراً حتى ولا يلف ولا يدور بتوقيعه القرار المذكور بل يعلنه جهاراً نهاراً صراحاً.

         إنها لمن المآسي المفزعة أن يكون أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه إلى السموات العلى، أن يكون تحت سلطان يهود، ينتهكون حرماته ويعيثون فساداً وإفساداً فيه وفي الأرض المباركة حوله، بعد أن اغتصبوها وأقاموا لهم فيها كياناً، ومن ورائهم أميركا تمدهم بالحديد والنار، وتثبت كيانهم بالقرار تلو القرار، ومع ذلك يتخذها الحكام وأعوانهم حليفاً أو وسيطاً نزيهاً، يضعون 99٪ من أوراق الحل لقضايا المنطقة في سلَّتها، يهرولون إليها بل يتوسلون، كما قال قائلهم، لعلها تضغط على يهود ليعطوا أهل فلسطين شيئاً من حقهم.

         فهل بقي من بسطاء المسلمين، وحسني النية فيهم، من لا زال يثق بهؤلاء الحكام؟ وهل بقي من يعوّل عليهم في فعل شيء من الخير لفلسطين أو غير فلسطين من أرض المسلمين؟

         إنه لم يبق عذر لمعتذر أو حجة لمحتج، فمن لم يعمل لتغيير هؤلاء الظلمة الخونة لله ولرسوله وللمؤمنين، وهو قادر على ذلك، يكون مشاركاً لهم في جرائمهم وعمالتهم للكفار المستعمرين. إن جهود الأمة يجب أن تتجه نحو هذا الهدف، إزالة هؤلاء الموالين للكفار ويهود، وإيجاد القائد المجاهد، الخليفة الراشد الذي يقاتل من ورائه ويتقى به، فيكون المنقذ لفلسطين، والخلف الصالح لعمر في فتحها، ولصلاح الدين في تحريرها. ويكون معتصماً في نصرة المستضعفين من المسلمين، فلا تهان امرأة أو شيخ أو طفل، ولا تطأ قدمٌ كافرة شيئاً من صعيد بلاد المسلمين، لا في فلسطين ولا في غير فلسطين.

         لئن كان يلتمس العذر فيما مضى لبعض المضللين الذين ظنوا أن خيراً قد يأتي من هؤلاء المتسلطين على رقاب المسلمين، وظنوا أن بعضهم قد يرد معتدياً أو يعيد محتلاً، فاليوم لم يعد هناك مدخل للتضليل، فالأمور قد انكشفت، والغيوم قد انقشعت، والحكام أنفسهم يجاهرون بولائهم للغرب وبخاصة أميركا وربيبتها يهود، ولم يعد الحكام يستخفون لا من الله ولا من الناس، فهم يمنعون جيوش المسلمين من القتال، بل ويحضرون جيوش الكفار ليتدربوا في بلادنا كي يصيبوا منها مقتلاً، أو يكتشفون ثغرة تكون لهم مدخلاً.

         هذا هو الأمر، وهذه هي القضية، أن يوجد للمسلمين خليفة راشد، يقود جيشهم لقتال عدوهم، وتحرير أرضهم، وينتصر لنساء المسلمين ويرد ظلامات المظلومين. فهلا سارعتم أيها المسلمون فاستجبتم لأمر ربكم، واقتديتم بهدي رسولكم، بذلك تزيلون ذُلَّكم وتعيدون عِزَّكم، وتنتصرون على أعدائكم: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)  [غافر] .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *