العدد 185 -

السنة السادسة عشرة – جمادى الثانية 1423هـ – آب 2002م

قاعدة “العُديد” أميركية أم قطرية؟!

قاعدة “العُديد” أميركية أم قطرية؟!

          لقد كان المعتاد عند تقديم الحكام العملاء قواعد للكفار في بلاد المسلمين أن يقطعوهم أرضاً ثم يقيم الكفار قواعدهم عليها متحملين نفقات إنشائها وتجهيزها. لكن لم يكن معهوداً أن يقيم هؤلاء الحكام القاعدة ويتحملون هم من خزينة الدولة التي هي أموال المسلمين تكاليف القاعدة ونفقات إنشائها وتجهيزها بالوسائل الفنية اللازمة، ثم يقدموها جاهزةً خالصةً للدول المستعمرة لتستعملها منطلقاً لمؤامراتها ولقاذفاتها لضرب المسلمين.

          لم يكن معهوداً هذا الكرم! في الخدمات، ولأميركا بالذات، حتى طالعتنا الصحف عن تجهيز قطر لقاعدة (العُديد) وتقديمها للولايات المتحدة رأس الكفر وعدو الإسلام والمسلمين والمؤيد الرئيس والنصير لدولة يهود المغتصبة لفلسطين، لتنطلق منها قاذفاتها لضرب أفغانستان وغير أفغانستان من بلاد المسلمين.

          و«الـوعــي» تنقل على صفحاتها ما نشرته (الوطن) حول قاعدة العُديد في عددها 671 الصادر في 01/08/2002، لإطلاع القراء عليه لما فيه من خطورة بالغة.

=========================================

          أبها: الوطن

          ثار أكثر من تساؤل حول المغزى السياسي والعسكري الذي دفع بقطر إلى بناء قاعدة “العُديد” العسكرية التي يبلغ طول مدرج إقلاع مطارها 15000 قدم. وهو أطول مدرج في الخليج، وتجهيزها بمرائب تسع لأكثر من 100 طائرة، على الرغم من أن عدد طائرات قطر لا يتجاوز الـ 12 طائرة.

          والجواب الذي صدر عن أكثر من مسؤول قطري، يكمن في فلسفة قطرية تهدف إلى استقطاب القوات الأميركية انطلاقاً من مبدأ “ابنها وسيأتون” أي ابن القاعدة على أحدث المواصفات وسيكون ذلك كافياً لجذب القوات الأميركية وقوات الحلفاء إلى قطر، وقد ذكر مسؤولون أميركيون أن أمير قطر في عام 1999م عبر عن رغبته في رؤية ما لا يقل عن 1000 جندي أميركي يتمركزون بشكل دائم في قطر كما أشار بذلك أحد التقارير العسكرية الأميركية.

          ويبدو أن الفلسفة القطرية كانت مغرية، وأن رغبة الأمير القطري قد أخذت في الاعتبار، ففي شهر أبريل من عام 2000م ناقش وزير الدفاع الأميركي الأسبق ويليام كوهن مع المسؤولين القطريين الطرق المناسبة للاستفادة من قاعدة “العُديد” في الأوقات الحرجة واستمرت المحادثات بين قطر والبنتاجون حول اتفاق يهدف إلى تمكين الطائرات الحربية الأميركية من استخدام قاعدة قطرية في وقت الحاجة، وهو ما سيعطي القوات الأميركية شبكة أوسع في المنطقة لمواجهة تهديدات محتملة من إيران أو العراق، وكان ضمن الموضوعات التي تمت مناقشتها هو من سيدفع لتطوير قاعدة “العُديد” بالتحديد التي تقع جنوبي العاصمة الدوحة على بعد حوالي 35 كلم.

          وفي خريف عام 2001م بدأت الولايات المتحدة في تركيب الكمبيوترات وأجهزة الاتصال والمعدات الاستخباراتية وغيرها في هذه القاعدة، وفي بداية عام 2002م ازدادت أعداد الطائرات الحربية الأميركية والجنود بشكل كبير. وفي أواسط شهر مارس عام 2002م كان الآلاف من الجنود الأميركيين متمركزين في قاعدة “العُديد”. وبحلول شهر أبريل كان هناك ما يقارب 2000 جندي يعيشون في مدينة خيام كبيرة عرفت باسم “كامب أندي”. ثم في أواسط شهر يونيو وصل العدد إلى أكثر من 3000 جندي أميركي ويقول التقرير إن الولايات المتحدة تعتزم تخزين حوالي 50 طائرة حربية في القاعدة وآلاف الجنود الأميركيين بصفة دائمة، وإن الحكومة القطرية عرضت 400 مليون دولار لإنفاقها في تحديث وتطوير القاعدة، ومن ضمنها مبانٍ سكنية ثابتة، وبناء مخازن للوقود تتسع لمليون جالون من وقود الطائرات ومعدات لغرفة العمليات والتحكم.

          هذا ما ذكره التقرير العسكري الأميركي عن القاعدة. غير أن الأهم هو الهدف من التمركز الأميركي في قطر، وفي هذه القاعدة العملاقة بالذات. فقد ذكر الكاتب العسكري روبرت بورنز في صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” بتاريخ 2 يوليو الماضي: “لو أمر الرئيس بوش توجيه ضربة للعراق فإن هذه القاعدة ستكون محور انطلاق مهماً للطائرات العسكرية الأميركية ولمعداتها وعتادها”، بينما يقول المحلل العسكري الخاص ويليام أركن “إن هذه القاعدة هي أكفأ قاعدة في الخليج”. وقد ذكر بورنز في مقاله إن الحكومة القطرية – بعد أحداث 11 سبتمبر بوقت قصير – سمحت للطائرات الحربية الأميركية باستخدام قاعدة “العُديد” وأن هذه الطائرات قامت بمهمات هجومية على الأراضي الأفغانية. وقد سلط الكاتب العسكري بورنز بعض الأضواء على إمكانيات هذه القاعدة والعاملين فيها فذكر الآتي:

          – هناك حوالي 3300 جندي من القوات الأميركية في قطر معظمهم في قاعدة “العُديد” حيث لا يخفى التنامي العسكري الأميركي على أحد. وقد أنشئت مدينة خيام في هذه المنطقة الصحراوية، كما أنشئت المستودعات وأحيطت بأميال من عوائق الحماية تحسباً لأية هجمات إرهابية.

          – مرائب جديدة بنيت للطائرات المقاتلة بطريقة فنية تضمن سلامة الطائرات التي بداخلها عند التعرض لهجمات جوية.

          – على بعد قريب من مدرج الإقلاع البالغ طوله 15000 قدم بنيت مخازن محصنة ربما لاستخدامها للعتاد والتخزين التمويني.

          – توجد بقاعدة “العُديد” فصيلة “الحصان الأحمر” التابعة للقوات الجوية الأميركية، وهي فرقة من المهندسين المدنيين مهيأة للمهمات العاجلة مثل بناء وإصلاح المنشآت، كبناء المدرجات والطرق في المناطق النائية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *